من رحم الفقر المدقع والاحساس ب"الخذلان الكوني" لمعاناة شعبها، اتخذت عندليب خليل طقاطقة ابنة العشرين ربيعا قرارها بتفجير جسدها على "مذبح القضية الفلسطينية كما فعل الكثيرون قبلي وسيفعل الكثيرون بعدي"، كما قالت بنفسها على شريط فيديو سجلته قبل ان تنفذ عمليتها الفدائية قرب سوق "محنى يهودا" في قلب القدس الغربية اول من امس. وقالت عندليب: "اخترت ان اقول رسالتي الى الزعماء العرب العاجزين عبر جسدي"، مضيفة انها تقوم بعمليتها انتقاما لضحايا مجزرة مخيم جنين ومعاناة شعبها في المدن الفلسطينية المختلفة. في منزلها المتواضع في قرية بيت فجار القريبة من بيت لحم، تركت عندليب خلفها والدها خليل العامل في احد مناشر الحجر في البلدة ووالدتها التي حطمها نبأ استشهاد ابنتها الكبرى التي كانت على مدى الاسبوعين الاخيرين تشاركها ذرف الدموع على مشاهد القتل والدمار والتخريب وتحطيم حياة شعب باكمله كما قال محمود، احد اشقائها الثلاثة ل"الحياة". واضاف: "كانت تردد دوما ان لا احد يحل القضية الفلسطينية الا الفلسطينيين انفسهم بعد ان تركهم العرب في ساحة المعركة وحيدين". وخيم الحزن الشديد على بيت فجار باكملها فكل بيت فيه يعرف عندليب جيدا بحكم عملها في الحياكة بعد ان اضطرت الى التخلي عن مقاعد الدراسة لمساعدة عائلتها بعد ان انهك والدها غبار الحجر الذي يع1مل فيه واصاب جسده بالامراض. وقبل ان تستوعب عائلة طقاطقة ما حدث، سارعت قوات الاحتلال الاسرائيلي الى اعتقال شقيقها الاكبر علي الذي لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر وستة اخرين من ابناء القرية المحاصرة منذ اسابيع. ولم يفاجأ الفلسطينيون بقرار عندليب بعد ان بات الالاف منهم محتجزين داخل منازلهم في مدن وقرى يجول الجنود الاسرائيليون ويصولون في شوارعها ويعثيون دمارا وخرابا في ممتلكاتهم وهم عاجزون لا يستطيعون منعهم. وتساءل احد سكان القرية: "ما الذي ينتظره المحتل من شعب مضطهد؟".