علقت جلسة مجلس العموم البرلمان البريطاني أمس بعد جدل صاخب حول ضرب العراق شهد "شتائم"، فيما حذر رئيس الوزراء توني بلير الرئيس صدام حسين من الاستهانة بتصميم اميركا وحلفائها الغربيين على منعه من تطوير أسلحة دمار شامل. وجاء هذا التحذير، وهو الأوضح لبلير، عشية جلستي حوار في نيويورك اليوم بين الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان ووفد عراقي، ستركزان على مسألة عودة المفتشين الى بغداد، الأمر الذي سيمكّن العراق من تفادي هجوم اميركي اذا قبل عودتهم راجع ص 2. وقال بلير في مقال نشرته أمس صحيفة "دايلي إكسبرس": "نجاحنا في احتواء الخطر الذي يمثله صدام لوقت طويل لا يعني انه تلاشى. فصدام يواصل برامجه لتطوير اسلحة كيماوية وبيولوجية، ويطور صواريخ بعيدة المدى لايصالها الى اهدافها". وذكّر بأن مفتشي الأسلحة الدوليين تمكنوا، قبل طردهم من العراق قبل ثلاث سنوات، من اكتشاف وتدمير آلاف الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، من ضمنها آلاف الليترات من "الانثراكس" و48 صاروخاً. وأوضح بلير ان الطريقة التي ستعتمدها واشنطن وحلفاؤها لمعالجة هذا الخطر "مسألة تخضع للنقاش"، مشيراً الى ان "ما تبيّنه دروس الدور القيادي لأميركا في اعقاب 11 ايلول سبتمبر هو ان الرئىس بوش سيجري مشاورات واسعة مع حلفائه". لكنه حذر من انه ينبغي لصدام "ألاّ يسيء فهم ذلك ويعتبره ضعفاً"، أو "يستهين بتصميم المجتمع الدولي على منعه من تطوير اسلحة دمار شامل واستخدامها". وفي مجلس العموم، عُلّقت امس جلسة نقاش حول سياسة بريطانيا تجاه العراق بعدما اتهم وزير الدولة للشؤون الخارجية بن برادشو أحد نواب حزبه بالدفاع عن صدام والقيام بدور "الناطق باسمه". وجاءت المواجهة خلال نقاش ساخن عبّر خلاله نواب عن قلقهم من احتمال دعم بريطانيا تحركاً عسكرياً اميركياً ضد الرئيس العراقي. وقال النائب العمالي الاسكتلندي جورج غالواي، الذي يُعرف بمعارضته سياسة الغرب تجاه العراق، ان مثل هذا العمل سيكون "جنونياً". واضاف "هذه حرب درجة أولى"، مشيراً الى ان ذلك سيقتضي تنفيذ عمليات قصف شامل على مدى اسابيع وغزواً واسعاً وسنوات لاسناد نظام بديل. كما اعتبر ان "هذه ليست سياسة حزب العمال، بل سياسة ادارة اميركية جمهورية يمينية". ورد برادشو بأن غضب غالواي كان سيبدو اكثر قيمة لو لم يقم بدور "مدافع" "وناطق باسم" النظام العراقي طيلة سنوات. واثار ذلك غضب غالواي الذي صرخ "أنت كذاب"، ما يعد انتهاكاً خطيراً لبروتوكول البرلمان. وعلّق نائب رئيس المجلس جون ماكويليام الجلسة عندما رفض غالواي سحب ادعائه. وقال الأخير ان "اتهام برادشو لي بأنني ناطق باسم ديكتاتور هو تلويث واضح للسمعة". لكن بن برادشو قال اثر تعليق الجلسة: "كنت اعبّر عن وجهة نظر معروفة على نطاق واسع". وقال ماكويليام ان رئىس البرلمان مايكل مارتن سيدرس هل سيتخذ اجراءً بحق غالواي. وكان 52 نائباً وقعوا مذكرة تدعو بلير الى عدم المشاركة في عمل عسكري اميركي ضد العراق، لحمله على الموافقة على عودة المفتشين. وقال برادشو خلال جلسة امس ان الحكومة تأمل بإمكان تجنب القيام بعمل عسكري. واشار الى ان "الأممالمتحدة اعلنت بوضوح تام ما يجب ان يفعله صدام. عليه ان يسمح بعودة مفتشي الأسلحة من دون شروط". واضاف ان "العمل العسكري ليس حتمياً. والأمر يعود اليه". وكان متوقعاً أمس أن تزود واشنطن لجنة العقوبات صوراً التقطتها أقمار اصطناعية، توضح بحسب تأكيدات أميركية، أن العراق يحوّل شاحنات استوردها في إطار "برنامج النفط للغذاء"، إلى منصات لاطلاق صواريخ.