مثلما أحدثت الانترنت ثورة في طريقة حياة الناس من الاسوياء فإنها أفادت المنخرطين في الجريمة وخصوصاً متعاطي المخدرات والمتاجرين بها. وعرض التقرير السنوي للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لسنة 2001 اساليب جديدة لتجار المخدرات تستخدم فيها التكنولوجيا ووسائل الاتصالات الالكترونية. وأذاع مركز الأممالمتحدة للإعلام في القاهرة التقرير في مؤتمر شارك فيه مساعد الممثل الاقليمي لبرنامج الاممالمتحدة لمكافحة الجريمة ومنعها وولفغانغ شيفر والخبير الدولي في مكافحة المخدرات اللواء محمد عباس منصور ورئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات الحميد قدسي. المصطلح الجديد وحمل التقرير مصطلحاً جديداً هو "الجريمة السيبرانية" وهو يغطي أنواعاً متعددة من الأنشطة ولكن يمكن استخدامه لتعريف أي عمل مخل بالقانون يتم اقترافه باستخدام وسائل الكترونية. وعقد التقرير الصلة بين تكنولوجيا الاتصالات والعولمة وبين الاتجار غير المشروع بالمخدرات في هذه الجريمة بعدما استغل التجار الفوائد التي عادت على العالم من العولمة وتكنولوجيا الاتصال الجديدة بعد أن تلاشت منذ نهاية الحرب الباردة تقييدات التجارة والمال على الصعيد الدولي. وساعد إلغاء الضوابط وتحرير الأسواق على تعزيز التجارة العالمية، بينما حفز انهيار الشيوعية في الكتلة الشرقية السابقة على نمو اقتصاديات جديدة قائمة على السوق الحرة وشجع تحرك الناس والسلع ورؤوس الأموال عبر الحدود بصورة مكثفة. وفي خط مواز وصل عدد مستعملي شبكة الانترنت في العالم الى نحو 700 مليون في نهاية عام 2001. وكشف التقرير النقاب عن وقوع جرائم "سيبرانية" في الكثير من دول العالم. وأفادت شرطة المخدرات في اقليم هونغ كونغ الاداري الخاص التابع للصين مثلاً أن الكشف عن غسيل الأموال المتصلة بالمخدرات اصبح اشد صعوبة مع تطور التجارة الالكترونية واعتماد الانترنت للعمليات المصرفية، وأبلغت الصين عن محاولة قام بها مجرمون لتجنب اكتشافهم من طريق النفاذ الى قاعدة بيانات الجمارك لتغيير تفاصيل شحنة تجارية وتغيير وضعها القانوني. وفي استراليا يستخدم تجار المخدرات تسهيلات تتيحها خدمات البريد عبر العالم لجميع الزبائن لمتابعة شحناتهم على موقع للشبكة العالمية التابع للشركة، وحدوث أي تأخير ينبه تجار المخدرات الى بدء عملية مراقبة تسليم الشحنات. وأبلغت سلطات تطبيق قوانين المخدرات في الجمهورية التشيكية ان الاتفاق على بيع المخدرات وشرائها بصورة غير مشروعة يتم اليوم من طريق مقاهي الانترنت والهاتف المحمول. ومنذ عام 1996 درجت شركات مقرها هولندا على استخدام الانترنت في بيع بذور القنب ومشتقاته. كما أفاد الانتربول ان السلطات في المملكة المتحدة البريطانية وايرلندا الشمالية حددت في أوائل عام 2000 اكثر من 1000 موقع في العالم على الشبكة العالمية تعرض للبيع مخدرات غير مشروعة وهي القنب والاكستاسي والكوكايين والهيرويين ما يشكل انتهاكاً مباشراً للمعاهدات الدولية لمراقبة المخدرات، ويوجد اكبر عدد من هذه المواقع الشبكية في هولندا وسويسرا. وأفضى تحقيق مشترك عن العقاقير أجرته السلطات في كولومبيا والولايات المتحدة الاميركية الى القبض على 31 من تجار العقاقير في تشرين الاول اكتوبر 1999، وتبين انهم كانوا يجرون اتصالاتهم باستخدام غرف التحادث في الانترنت المجهزة بحواجز واقية لا تتيح النفاذ اليها، وكانت تحفظ البيانات في حاسوب على متن سفينة خارج المكسيك لضمان عدم تدمير الشبكة بكاملها حتى في حال اختراق الحواسب الاخرى. أي حل؟ ووجهت هيئة الرقابة الدولية على المخدرات تنبيهات عدة الى حكومات الدول لمحاصرة الجريمة "السيبرانية" بتأمين وضع القوانين الإجرائية والموضوعية الملائمة على المستوى الوطني من أجل مكافحة الجرائم المرتكبة في بيئة الكترونية. وإنشاء وحدات وطنية مشتركة بين الوكالات ومتخصصة في مجال العقاقير والتكنولوجيات الراقية وتوسيع نظام الشبكات لمكافحة الجريمة من خلال الشبكات باستخدام شبكات اخرى. وتوفير الحماية اللازمة لهيئات تطبيق قوانين العقاقير لوقاية قواعد بيانات المعلومات والاستخبارات الخاصة بها من الهجوم السيبراني.