بعد ساعات من تهديد "كتائب الأقصى" بشن عمليات في العمق الاسرائيلي، إذا لم ينسحب الجيش من مخيمي جنين وبلاطة ومحيطهما، نفذ أحد الفلسطينيين عملية انتحارية في حي لليهود الارثوذكس في القدس الغربية، فقتل عشرة أشخاص بمن فيهم منفذها، وجرح 50 غيرهم، بينهم ثلاثة في حال الخطر. وحمّلت تل أبيب الرئيس ياسر عرفات مسؤولية العملية. وفيما دعا الاتحاد الأوروبي اسرائيل الى الانسحاب من المخيمين، طلبت الولاياتالمتحدةوروسيا من تل أبيب "ضبط النفس"، وجددت واشنطن دعمها "حق اسرائيل في الدفاع عن النفس" راجع ص 4. وأعلنت الشرطة الاسرائيلية ان انتحارياً فلسطينياً فجر نفسه قرب أحد المعابد اليهودية في نهاية يوم السبت، واندلعت النار في السيارات المتوقفة في شارع بيت اسرائيل في القدس الغربية، حيث دمر عدد من السيارات وأصيبت بعض المنازل بأضرار. وأحصت الشرطة، حتى مساء أمس، تسعة قتلى بالاضافة الى الانتحاري وخمسين جريحاً، حال ثلاثة منهم خطرة. المخيمات وبعد اربعة ايام متواصلة من الهجوم العسكري الواسع على مخيمي جنين وبلاطة شمال الضفة الغربية وتدمير مئات المنازل لم يحقق الجيش اهدافه المعلنة اي القبض على قادة التنظيمات العسكرية الفلسطينية بل أدى احتلال المخيمين الى تعزيز المقاومة التي هدد قادتها في تصريحات الى "الحياة" بتوجيه ضرباتهم الى العمق الاسرائيلي والمستوطنين وقوات الاحتلال. وباستثناء الدمار الذي خلفه الجيش الاسرائيلي في المخيمين وقتل اكثر من 25 مدنياً لم يعثر على "مصانع الاسلحة" ولا "صواريخ القسام" التي اعلن انهما سبب اقتحام المخيمين. وقال امين سر اللجنة الحركية في فتح واحد ابرز المقاتلين الذين دافعوا عن مخيم جنين شامي الشامي، ل"الحياة" ان القوات الاسرائيلية لم تعتقل اياً من عناصر النواة الصلبة للمقاومة المسلحة في المخيم والذين تقدر اسرائيل عددهم بحوالى 80 شخصاً" واكد ان جميع قادة التنظيمات المسلحة ل"فتح" و"حماس" و"الجهاد" الاسلامي و"الجبهة الشعبية" سالمون وان انسحاب الجيش الاسرائيلي من الحارات التي دخلها في المخيم جاءت بعد صمود اتخذ فيه حوالى 200 مسلح قراراً مصيرياً بعدم الاستسلام ومواجهة الجنود اذا اقتحموا المنطقة الضيقة التي حاصروهم فيها". وفي مخيم بلاطة الذي رغم اقتحامه بالكامل وتدمير مساكن اللاجئين المبنية من الطوب فشل الجيش في اعتقال ناصر عويس احد ابرز قادة "كتائب الاقصى" الذراع العسكرية لحركة "فتح" والذي تتهمه اسرائيل بأنه العقل المدبر لعملية عين عريك التي قتل فيها ستة جنود. وقال حسام خضر رئيس لجنة الدفاع عن اللاجئين الفلسطينيين، ان أحد اهداف الحملة العسكرية على المخيمات "شطب" قضية اللاجئين والغاء واقع ان مخيمات اللاجئين "تقع خارج نطاق سيطرة السلطة الفلسطينية واسرائيل على حد سواء. غير ان هذا الهدف سيثبت فشله في اللحظة التي سيخرج منها الجيش الاسرائيلي من هذه المخيمات حيث ستتعزز قوة اللاجئين الفلسطينيين وسيعود المطلوبون الى شوارع المخيمات بل وسينظمون مهرجانات وعروضاً عسكرية للاعلان عن انتصارهم". موسكووواشنطن وأصدرت الخارجية الروسية بياناً أمس دعت فيه اسرائيل الى "ضبط النفس وتفادي سقوط ضحايا في صفوف المدنيين" لأن "ذلك سيستفز المتطرفين ويدفعهم الى ارتكاب مزيد من الأعمال الارهابية". ودان البيان "الارهاب بحزم" مشدداً على "ضرورة مكافحته من دون هوادة". وأعربت روسيا التي ترعى مع الولاياتالمتحدة عملية السلام في الشرق الأوسط، عن "قلقها العميق من الغارات المكثفة للجيش الاسرائيلي في مخيمي بلاطة وجنين ومن مواصلة اطلاق النار على الاحياء السكنية ... في الأراضي الفلسطينية". وفي الاطار ذاته اكتفت الولاياتالمتحدة بتجديد ندائها الذي دعت فيه اسرائيل الى "ضبط النفس". وقال المتحدث باسم الخارجية ريتشارد باوتشر "نجري اتصالات مع الحكومة الاسرائيلية لحملها على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين". وأكد ايضاً موقف بلاده التي "تحترم حق اسرائيل في تأمين الدفاع عن نفسها وتدعو عرفات والسلطة الفلسطينية الى بذل أقصى الجهود ضد العنف والارهاب".