سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مؤسسات حكومية وأمنية ومنظمات أميركية تجلي موظفيها عن رام الله تحسباً لإعادة احتلالها . ثلاثة سيناريوات للرد الإسرائيلي على هجوم نتانيا ... وأجواء حرب في المدن الفلسطينية
} أعلنت الاجهزة الامنية الفلسطينية حال الاستنفار القصوى وأخلت ما تبقى لها من مواقع في المدن الفلسطينية تحسبا لتنفيذ الحكومة الاسرائيلية تهديداتها باجتياح مناطق السلطة الفلسطينية واستهداف رئيسها. ورجحت مصادر فلسطينية مطلعة الا يثني وجود المبعوث الاميركي الجنرال المتقاعد انتوني زيني الحكومة الاسرائيلية عن تنفيذ خططها العسكرية بعدما أعلن اعضاء في الحكومة ان مهمة الأخير "انتهت مع وقوع عملية نتانيا"، خصوصا ان قادة عسكريين اسرائيليين كانوا أكدوا نيتهم تنفيذ خططهم العسكرية بعد اختتام القمة العربية أعمالها في بيروت. وفي شأن قرارات القمة ذاتها، اعلنت مصادر سياسية اسرائيلية مسؤولة ان "الجامعة العربية اثبتت مجددا انها تقف الى جانب المتطرفين، وان القمة العربية لم تقدم شيئاً جديداً لاسرائيل". مع اطلاق المسؤولين الاسرائيليين سيلا من التهديدات للفلسطينيين سلطة وقيادة، ومع تواصل الاجتماعات العسكرية والامنية التي عقدها رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون ووزيرا دفاعه وخارجيته بنيامين بن اليعيزر وشمعون بيريز مع كبار الضباط في الجيش الاسرائيلي وجهاز الاستخبارات الداخلية شاباك طوال ليل الاربعاء ونهار الخميس، وكذلك اخلاء ثلاث منظمات اميركية غير حكومية على الاقل مقارها من الموظفين في مدينة رام الله، تحسب المواطنون في المدن الفلسطينية لعملية عسكرية اسرائيلية واسعة النطاق تشمل توجيه "ضربة قاصمة" للسلطة الفلسطينية والرئيس ياسر عرفات وفقاً لما اعلنته مصادر اسرائيلية رسمية. وفي اجواء من الترقب والحذر مما هو آت، لم يجد الفلسطينيون ما يفعلونه لصد الهجوم الاسرائيلي الجديد، سوى التوجه الى المحال التجارية وافران الخبز لشراء مستلزمات "الحرب" من بطاريات واجهزة راديو ترانزيستور وعبوات غاز ومعلبات غذائية، في خطوة يبدو انها نتاج تجربة الاجتياح الاسرائيلي مطلع الشهر الجاري لمعظم المدن والمخيمات. وتحولت شوارع مدن الضفة الغربية، خصوصاً نابلس ورام الله، إلى ما يشبه خلية من نحل يسعى كل فرد فيها الى شراء حاجياته ولملمة اطفاله من المدارس قبل ان يبدأ الهجوم الاسرائيلي المحتوم، خصوصا بعدما رصد شهود تعزيزات مكثفة لدبابات الجيش الاسرائيلي في محيط هذه المدن، اضافة الى تقسيم قطاع غزة الى ثلاثة اجزاء واغلاق طريق الشاطئ، وهو الوحيد الذي تبقى مفتوحاً لمواطني القطاع للتنقل بين مناطقهم السكنية مشياً. وفي مدينة رام الله التي يتوقع ان تتعرض للقسم الاعظم من الضربة الاسرائيلية بسبب وجود عرفات فيها، اكدت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" ان "وكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" اونروا تلقت تحذيرات "غير رسمية" باخلاء موظفيها على وجه السرعة، فيما علمت "الحياة" ان ثلاث منظمات غير حكومية اميركية اخلت فعلا موظفيها وطالبتهم بالانتقال الى القدس قبل حلول الظلام. غير ان ممثلي القنصليات الاجنبية، خصوصاً الاوروبية منها، نفوا ان تكون صدرت أوامر في هذا الخصوص من عواصمها او من الحكومة الاسرائيلية. سيناريوهات الهجوم وعلى رغم تكتم اعضاء الحكومة الاسرائيلية الذين لا تعرف غالبيتهم على اي حال ما الذي ينوي شارون ان يفعله في الساعات المقبلة، بعدما بات الجميع يعترف بأنه المقرر الوحيد لما يقوم به الجيش الاسرائيلي من عمليات، يستشف من تصريحات بعض المسؤولين وما سربته الاجهزة العسكرية الاسرائيلية ان هدف العملية المقبلة سيكون تحديداً الرئيس عرفات خصوصا ان شارون اعلن قبل ايام في مقابلات صحافية انه أخطأ بالتعهد للأميركيين بعدم المس بالرئيس الفلسطيني، موضحاً ان ما يقصده هو "طرد عرفات" وليس قتله. غير ان السيناريوهات التي اعدها الجيش لتنفيذ هذا الهدف ربما لن تكون بالسهولة التي خططت على الورق. فبمعزل عن قرار الولاياتالمتحدة ابقاء زيني في المنطقة، وما يحمله هذا القرار من نية واشنطن ممارسة بعض الضغوط على شارون، تحدث الاسرائيليون عن امكان الطلب من زيني ان يتوجه الى رام الله في ساعات المساء "ليطالب عرفات بالخروج وفقاً لاتفاق سياسي كما حدث في بيروت قبل 20 عاماً" عندما "اقنع" المبعوث الاميركي فيليب حبيب انذاك عرفات بالرحيل عن العاصمة اللبنانية. غير ان مصادر فلسطينية وصفت هذا السيناريو بانه سخيف "لأن رام الله ليست بيروت اولاً، وثانياً لأن الرئيس لن يغادر وطنه أبداً". اما السيناريو الثاني الذي تحدث عنه الاسرائيليون فيتضمن دك مقر عرفات في رام الله وحمله على مغادرته الامر الذي سيسهل "وضعه في طائرة او في سيارة جيب عسكرية وإلقاءه خارج الحدود". وهذا ايضاً مستحيل تطبيقه "لان عرفات يفضل الموت على الخروج". أما السيناريو الثالث وهو الاقرب الى الواقع من وجهة نظر واضعيه، فهو عملية عسكرية واسعة النطاق تضمن تجريد كافة الفلسطينيين من اسلحتهم مع تحييد عرفات وابقائه أسيراً في مقره الى ان تنتهي الحكومة الاسرائيلية من "مهمتها" ليأتي زيني بعد ذلك ويتحدث عن آليات "وقف النار". وعكست تصريحات المسؤولين الاسرائيليين هذه التوجهات، وقال وزير الامن الداخلي الاسرائيلي عوزي لانداو: "يجب القضاء على السلطة الفلسطينية"، مضيفاً: "يستطيع الفلسطينيون ان يعيشوا في ظل حكم ذاتي، لكن السيطرة الامنية يجب ان تبقى في يد اسرائيل وحدها. ويجب دخول مناطق السلطة الفلسطينية وعدم الخروج قبل انهاء المهمة". وقال: "امامنا وحوش آدمية وعلينا محاربتها". أما افيغدور ليبرمان فقال إن "على الحكومة الاسرائيلية اعلان انهاء مهمة زيني. وعلينا انهاء الارهاب بالطريقة التي انهي فيها الارهاب في افغانستان". واقترح النائب الليكودي يوفال شتايكس انه "آن الاوان لأن نفعل ما فعله العاهل الاردني الملك حسين في العام 1970". وانضم بيريز الى الجوقة وقال ان "السلطة الفلسطينية وعرفات لم يفعلا شيئاً للجم الارهاب ولهذا فإنهما يتحملان مسؤولية هذه الجريمة البشعة"، في اشارة الى عملية نتانيا. وأعلن الناطق باسم شارون ان العملية التفجيرية ستوجب "اعادة النظر في سياسة الحكومة"، فيما ردد عدد كبير من المسؤولين عبارة ان "الفلسطينيين اعلنوا الحرب على اسرائيل". في المقابل، اعتبر نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ان التصعيد الاسرائيلي المتواصل "يثبت ان الحكومة الاسرائيلية تسعى الى افشال مهمة زيني". وقال ان هذه الحكومة ترسل رسالة الى القمة العربية بأنها ستفرض ارادتها على الفلسطينيين والعرب. الى ذلك، اعلنت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس ان عملية نتانيا "ليست سوى هدية متواضعة لشارون ولحكومته النازية"، وانها ستنفذ سلسلة من العمليات في "كل شارع وفندق وباص ومطعم في اعقاب الجرائم الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني". واضافت في بيان ان "العملية هي رسالة ايضا للزعماء العرب بأن الشعب الفلسطيني لن يخضع ولن يستسلم حتى الوصول الى حقوقه". وافاد ناطق امني فلسطيني امس ان الجانب الاسرائيلي ابلغ لجنة الارتباط الفلسطينية ان الجيش الاسرائيلي قتل فلسطينيا قرب مستوطنة "موراغ" في رفح جنوب قطاع غزة "من دون ان يذكروا اية تفاصيل او مبررات حول استشهاده". وذكر مصدر طبي فلسطيني ان "الشهيد هو زياد وادي 37 عاما قد تم تسلم جثته وكان اصيب بعدة رصاصات في انحاء الجسم كما اصيب بشظايا قذيفة مدفعية اسرائيلية في البطن". واوضح المصدر انه "وفقا للتشريح الطبي تبين ان الشهيد كان ترك ينزف لعدة ساعات قبل استشهاده".