عاشت العاصمة التونسية 48 ساعة من اجمل ايامها في مطلع الربيع المقبل على عجل، واقتسم نحو 55 ألف متفرج مدرجات الملعب الأولمبي في المدينة الرياضية برادس محققين رقماً قياسياً في تاريخ الدوري المحلي... شوارع المدينة لم تهدأ صباحاً مساء وهي تستعد لاستقبال دربي العاصمة بين الترجي والافريقي ضمن الجولة السادسة عشرة من الدوري. 30 حافلة وأكثر من 5 آلاف سيارة تاكسي امنت نقل الجماهير من وسط العاصمة الى الضاحية الجنوبية، فكان قطاع النقل الأكثر إفادة مالياً بسبب لقاء أنعش الحركة الاقتصادية بشكل غير مسبوق... باعة الأعلام والفانيلات والصبائغ والشماريخ والأكلات السريعة حمدوا الله كثيراً على الإيرادات القياسية في موسم صعب بجفافه وانعكاسات 11 ايلول سبتمبر الماضي. والمهم ان اجهزة الأمن كانت في مستوى تحديات الحدث، ولم تسجل اية حوادث غير عادية، فالجماهير كانت مدركة أن هذه المباراة امتحان "الحقيقة" بالنسبة إليها... فاما تنجح وإلا يقفل ملعب 7 نوفمبر ودرة المتوسط كما يحلو للتوانسة تسميته الى الأبد. وبعد الدربي: مسيرات شبابية، اغنيات وأهازيج وطبول تقرع في عرس اعاد للتوانسة فرحتهم بالحياة في انتظار نزول المطر وعودة السياح. 400 ألف دولار تركتها جماهير رادس في خزانة النادي الافريقي المستضيف للمباراة وهي الأعلى منذ موسم 1995 و1996 بربع مليون دولار، فأنعشت الأفارقة موازنتهم المتهالكة وسط استحقاقات التصفيات القارية المقبلة. وانتهى اللقاء بفوز ترجي مستحق بهدفين، ونال صانع ألعابه اسكندر السويح جائزة افضل لاعب ومقدارها ألف دولار... وعاد نادي باب سويقة ليتصدر، صحبة النجم الساحلي، ترتيب الدوري في انتظار مباراة الحقيقة بينهما قريباً. تلك حدود الخبر المقدس، ولكن زوايا المشهد تؤكد ان يوم الاحد 17 آذار مارس الجاري، مثل انعطافاً مهماً في الدوري التونسي اذ أعاد له روحه المتعبة منذ اكثر من 5 مواسم وتوازنه المفقود بغياب لذة الفرجة وفرحة الجماهير، وربما اسس لانطلاقة جديدة سيكون لها شديد الأثر على مسيرة الأندية التونسية ومنتخبها عشية المونديال المقبل. ربما انزعج الصحافيون من سوء التنظيم، ولكن ذلك جزء من ضريبة مهنة المتاعب. واللافت ان اليابانيين حضروا كالعادة في تتبعهم لتحركات التوانسة في ادق تفاصيلها. وفي احاديثهم اثر المباراة تحدث البعض عن الأداء المتميز للإيفواري سيلي بدرا نجم الافريقي الجديد وتعثر لاعبه الشاب شكري الزعلاني بتسجيله الهدف الثاني للترجي في شباك حارسه. لم يحتج احد على التحكيم الإيطالي بقيادة بوريالو ولا على نتيجة المباراة التي أبرزت قيمة عيد الأندية التونسية وخبرة لاعبي الترجي وتحكمهم في اعصابهم في قمة العاصمة... فعندما تحضر الفرجة ولذة اللعب والعدل والتوازن يغيب كل شيء آخر ويسعد الجميع.