على الموظف العماني ان يستيقظ باكراً ويتأكد من دشداشته البيضاء نظيفة ومكوية، واذا لم توجد فعليه ان يواصل نومه فهو لا يحلم بدخول مكتبه بدشداشة ملونة، وليس له عذر ان يرتديها بحجة ان الدنيا برد ولا بد من الملابس الثقيلة والمحتفظة بحرارتها. القانون يفرض ان تكون الدشداشة بيضاء ومن بعدها غطاء الرأس المسمى محلياً "المصر" بفتح الصاد وتسكين الراء. اذن هناك امران الزاميان يتقيد بهما الموظف كل يوم: الدشداشة ذات اللون الابيض اما بالنسبة للمصر فليختر ما يشاء، ومن المهم الاشارة الى ان الدشداشة البيضاء من اللوازم الضرورية ليوم وقفة عرفة أي قبل عيد الاضحى بيوم. وقبل كل عيد يتزاحم أمام محلات الخياطة طالبو تفصيل ثياب العيد الرجالية، فيذهب ولي الامر مع اطفاله ويقفون لأخذ المقاسات واختيار ألوان الخيط الذي يستدير حول الرقبة ويهبط ما يقارب 30 سنتيمتراً بحسب الموضة. ومن هنا تبدأ رحلة التطور التي اصابت الدشداشة العمانية على مدار الثلاثين عاماً الماضية، أي مع نهضة عمان الحديثة، فقبلها كان الجميع يرتدي الملابس نفسها، مع فروقات ببياضها. في بداية السبعينات كانت الدشداشة العمانية بسيطة لجهة نوعية القماش المستخدم وأيضاً خياطتها التي لا تخلو من النقوش التي ادخلت عليها الآن، لم يكن من الممكن تمييز ثوب عن آخر الا بالتقوى والمقصود بالتقوى هنا هي ان المتدينين يرون في الثياب الطويلة جنوحاً عن تعاليم الدين ولا تجوز الصلاة بها ويسمى ذلك المسبّل أي اسبل ثيابه الى ما دون عقبيه، اما هم فيلبسون الدشاديش القصيرة التي تهبط عن الركبة قليلاً. وشهدت خياطة هذا الملابس طفرة مع دخول ماكينات الخياطة الحديثة التي يمكنها تطريز أكمام الثوب وتشكيله حول العنق وما يهبط من خطوط منها. وبدأت الموضة بخطين عرضهما نصف سنتيمتر، وتطورت الى ثلاثة وعادت الى الخط الواحد ومن ثم استقرت عند اثنين، لكن البعض قفزوا بذلك الى ثلاثة او اربعة خطوط وهذا حدث مع فئة الشباب الباحثة عن تميز وايجاد تطوير لهذا الثوب مع محدودية العبث فيه بما يواكب الصرعات. شهد هذا العام موضة اخرى تمثلت في وجود اربعة خطوط في اطرافها مثلثات متتابعة. ويمكن قراءة شخصية الانسان من الألوان التي يستخدمها في الخيوط او في الدشداشة وأيضاً في شكل الخياطة التي قد تدل على منطقة بعينها يقيم فيها. في العاصمة مسقط تبدو مقاومة الدشداشة اقل قوة، خصوصاً من الجيل العشريني الجديد، فلا يتقبل بعض الشباب ارتداء القميص والبنطلون بحجة انه قبيلي أي ينتمي الى قبيلة والى ولاية معروفة فهو قادم الى مسقط للعمل فقط ومحيطه الاجتماعي هو القوة والحماية. مع ظهور الخياطة الحديثة صار من النادر استخدام خيوط غير بيضاء، وتطور الامر الى بعض الالوان الفاتحة، وحين بدأت الالوان الغامقة في غزو الدشداشة صدم البعض واعتبروا مستخدميها عابثين وأخلاقهم مشكوك فيها، وظلت بعض الالوان تدل على شذوذ مستخدمها خصوصاً اللون الاحمر الفاقع، لكن مع تباين الاذواق لم يعد الحديث عن اللون حديثا عن الاخلاق والتزم المطاوعة الخيوط البيضاء والدشاديش البيضاء التي قد تعلوها عمامة بيضاء ايضا يتدلى جزء على العنق. اما الوان الدشداشة فقد اكتست صرعات مختلفة. أما الجديد في هذه الألوان فهو اعتماد الدشداشات ذات اللونين. الابيض هو سيد الالوان ويقبل عليه الجميع، ربما لأنه اللون الرسمي للملابس المستخدمة في العمل ولحضور المناسبات الرسمية. ومن ثم الالوان الخفيفة التي اكتسحت شريحة كبيرة، وانتهاء بالالوان التي يطلق عليها "الصعبة" وربما يكون من السهل لبس الدشداشة السوداء لكن اللون الاحمر عند الشباب غير مقبول وربما يأتي ارتداؤه لأسباب محدودة جداً. ومن الطريف ان بعض الالوان البيضاء تداخل بها لون ازرق فيمكن لبس الدشداشة على انها بيضاء على رغم زرقتها. بالنسبة الى الخامات المستخدمة فإن التكنولوجيا اليابانية وفرت خيارات لا تحصى، وبأسماء عربية ومحلية، وبدأت موضة التحديث مع كلمة "تيوبو"، وانتشرت الكلمة التي عنت الرقي والتطور بسرعة كبيرة قبل ان تأتي اسماء فاقتها جودة، ومن بين تلك الاسماء التي ظهرت سلطان والجبل الاخضر والممتاز ورهيب وعشرات غيرها، ولكل نوع ثمنه.