دشن الرئيس الزيمبابويي روبرت موغابي ولايته الجديدة بإقرار قانون يقيد حرية الصحافة في بلاده، في وقت أعلنت المعارضة أنها تنوي تنظيم "مسيرات جماهيرية سلمية" احتجاجًا على إعادة انتخابه. وبدا أن الاستياء يزداد في الغرب من المواقف الافريقية التي اعترفت بنتائج التصويت، فيما أعلنت برلين وقف مساعداتها التنموية لزيمبابوي، ما اعتبر أول الغيث في سياسة تشديد العقوبات ضد هراري. هراري ، لندن - أ ف ب، رويترز، أ ب - أصدر رئيس زيمبابوي قانونًا للاعلام يقيد حرية الصحافة المستقلة والاجنبية بعد يومين من إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية. و تبنى البرلمان هذا القانون في 31 كانون الثاني يناير بيد أنه بسبب موجة الاحتجاج التي أثارها لم يجر إصداره قبل الانتخابات الرئاسية التي نظمت من 9 آذار مارس الى 11 منه. وبموجب هذا القانون الذي أطلق عليه "مدخل الى الاعلام وحماية الحياة الخاصة" تنشأ "لجنة" حكومية مكلفة اعتماد الصحافيين المحليين ومنح رخص استغلال لكافة أجهزة الاعلام العاملة في زيمبابوي. وسيعين أعضاء اللجنة، ومن بينهم عدد من ممثلي الصحافة وزير الاعلام جوناثان مويو بالتشاور مع الرئيس موغابي. وبموجب القرار بات محظورًا نشر مداولات مجلس الوزراء أو غيره من الاجهزة الحكومية. ويشمل القانون أيضًا مراقبة الاجانب ممارسة مهنة الصحافة ولن تمنح اللجنة الاعتماد الا "لمواطني زيمبابوي" أو "المقيمين فيها في شكل دائم". بيد أنه سيكون في إمكان الصحافي الاجنبي العمل في زيمبابوي "لمدة محدودة" لم تحدّد مدتها. الى ذلك، أعلنت "الجمعية الوطنية الدستورية" الهيئة التي تمثل المجتمع المدني أنها تنوي تنظيم "مسيرات جماهيرية سلمية خلال الاسابيع القليلة القادمة" احتجاجًا على إعادة انتخاب موغابي. وتهدف المسيرات التي ستجرى "في جميع أنحاء البلاد" الى "إجبار موغابي وحكومته على قبول دستور جديد ديموقراطي"، وفق ما أكدت الجمعية الوطنية في بيان. واعتبرت الجمعية أن الانتخابات الرئاسية "جرت بطريقة غير عادلة وغير حرة" وأن "نتيجتها بالتالي هي نتاج عملية مزوّرة". وتضم الجمعية التي أسست عام 1997 عشرات المنظمات بينها الكنائس وحزب المعارضة الرئيسي و"الحركة من أجل التغيير الديموقراطي" التي يتزعمها مورغان تسفانجيراي منافس موغابي في الانتخابات. في غضون ذلك، اتسعت الهوة بين الغرب وأفريقيا إثر إعادة انتخاب موغابي الذي تتهمه المعارضة في زيمبابوي وكل من الولاياتالمتحدة وأوروبا ودول الكومنولث البيضاء بتزوير الانتخابات، فيما اعتبرت دول أفريقية في مقدمها جنوب أفريقيا أن نتائج الانتخابات "شرعية تماماً". وقالت رئيسة وزراء نيوزيلندا هيلين كلارك إن منظمة الكومنولث التي تضم المستعمرات البريطانية السابقة ستفقد صدقيتها إذا لم تعلق عضوية زيمبابوي. وأعلن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو "انتهاء اللعبة" بالنسبة إلى موغابي. وقال في كلام يعكس الامتعاض الغربي من الدعم الافريقي الذي يلقاه موغابي: "آمل أن يواجه أكبر ضغط من القادرين على ممارسة الضغوط عليه، أي الدول الافريقية". وواجه رئيس جنوب أفريقيا ثابمو مبيكي انتقادات داخلية وخارجية بسبب مقاربته للازمة في زيمبابوي، التي تهدد استقرار المنطقة وتزعزع ثقة المستثمرين. وأفادت مصادر حكومية في جنوب أفريقيا ان مبيكي بدأ تحركاً لحض موغابي على إشراك تسفانجيراي في حكومة وحدة وطنية لتخفيف الانتقاد الدولي. غير أن المحللين يقولون إن "موغابي لا يميل الى مشاركة السلطة مع أحد، وأن تسفانجيراي لا يريد أن يضفي شرعية على الحكومة". وسيؤدي موغابي الذي لم يدل بأي تصريح إثر انتخابه اليمين الدستورية غداً ليستلم ولايته الخامسة. في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء الاسترالي جون هاورد أن لجنة من الكومنولث تضم أسترالياوجنوب أفريقيا ونيجيريا ستجتمع في لندن الاسبوع المقبل لتقويم تقارير المراقبين عن انتخابات زيمبابوي. وأوضح هاورد في تصريح صحافي أنه لن يعطي حكم أستراليا على الانتخابات إلا بعد الاجتماع الذي سيعقد الثلثاء المقبل مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن التقرير الموقت لمراقبي الكومنولث ينتقد تلك الانتخابات. وتسببت قضية زيمبابوي بحدوث شرخ عرقي في صفوف دول الكومنولث في وقت سابق من هذا الشهر. وأسوأ ما يمكن للكومنولث فعله هو تعليق عضوية زيمبابوي، الامر الذي يؤثر سلباً في المساعدات الاجنبية التي تحتاجها البلاد للنهوض من حال الركود الاقتصادي التي تمر بها. ويقول المحللون إن نجاح موغابي في الانتخابات قد يزعزع الاقتصاد أكثر فأكثر لان الاطراف المانحة قد تتردد إزاء حكومة يعتبرها الغرب غير شرعية. وبالفعل أعلنت ألمانيا أمس أنها ستوقف مساعداتها لزيمبابوي. وقال وزير المساعدات الدولية الالماني هايدماري ويكزوريك: "إننا لن نتعاون مع حكومة موغابي في برامج التنمية الخاصة بزيمبابوي". وأفاد أن بلاده تراجع كل برامج التعاون مع هراري، ولن تتعاون سوى مع المنظمات غير الحكومية.