صعدّت واشنطن لهجتها مع العراق، فيما بدأ نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني جولته، وشددت مستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس على ان "الوضع القائم" في علاقات بغداد مع المجموعة الدولية "غير مقبول وتجب معالجته". وقالت لشبكة "ان بي سي" التلفزيونية: "تجب معالجة مسألة العراق لأن ذلك لا يمكن ان يستمر الى الأبد"، وكررت ان بغداد لا تزال تنتهك التزاماتها الواردة في قرارات مجلس الأمن. وسئلت عن جولة تشيني التي ستقوده الى تسع دول عربية وبريطانيا وتركيا، فأجابت ان ذلك ليس هدفه الاعداد لهجوم سبق التخطيط له ضد العراق. وزادت: "انه ليس وزير الدفاع تشيني" الذي زار المنطقة عام 1990، في اشارة الى الاستعدادات لحرب الخليج، و"الرئيس بوش لم يتخذ قرار استخدام القوة ضد العراق". وفي تصريحات الى شبكة "سي بي اس" التلفزيونية قال وزير الخارجية الاميركي كولن باول انه في الوقت الذي ستكون الأسلحة النووية بين "المجموعة الكاملة من الخيارات" المتاحة للرئيس بوش في حال حدوث مواجهة مع بغداد، فإن شيئاً كهذا مستبعد الى حد كبير. وجدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس تحذيره من ان ضرب العراق يشكل "كارثة" بالنسبة الى هذا البلد و"تهديداً لأمن المنطقة واستقرارها". واكد خلال لقائه أمس نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي عزت ابراهيم الدوري رفض بلاده استخدام القوة ضد العراق. في الوقت ذاته كشفت مصادر برلمانية في الكويت ان الحكومة ابلغت قطباً برلمانياً انها تعتقد ان "الحسم مع العراق مسألة اسابيع". وعشية لقاء تشيني رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في لندن اليوم، نفت الحكومة البريطانية معلومات نشرتها صحيفة "ذي اوبزرفر" امس، مفادها ان واشنطن طلبت من لندن المساهمة ب25 ألف جندي مع قوة من ربع مليون جندي اميركي استعداداً لهجوم محتمل على العراق يهدف الى اطاحة الرئيس صدام حسين. واظهر استطلاع للرأي انقساماً في صفوف البريطانيين على مشاركة قوات بريطانية في أي عمل عسكري ضد العراق راجع ص 3. وذكرت مصادر رسمية في عمان ان العاهل الأردني بحث مع مبعوث الرئيس العراقي عزت الدوري تطورات الملف العراقي، واطلع منه على نتائج لقاء وزير الخارجية العراقي ناجي الحديثي الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان. واعرب الملك عبدالله عن أمله بأن تشكل المحادثات بين العراقوالاممالمتحدة "نواة لحوار عملي بين الجانبين ينهي المسائل العالقة ويؤدي الى انهاء الحصار المفروض على العراق، وتطبيق قرارات الاممالمتحدة ذات الصلة بحرب الخليج". كما اكد "رفض الأردن المس بوحدة العراق وسيادة أراضيه"، مشدداً على أهمية التضامن ووحدة الموقف العربي من خلال بناء علاقات عربية سليمة، وتعاون يخدم مصالح الأمة العربية. واعرب الدوري عن تقديره موقف الأردن الداعم للعراق وجهود الملك المتواصلة في العمل لإنهاء الحصار. الى ذلك، اكدت مصادر ديبلوماسية غربية في عمان ان واشنطن ستأخذ في الاعتبار مخاوف الأردن والخسائر التي قد يتحملها في حال اطاحة النظام العراقي. وابلغت "الحياة" أن الأردن وتركيا كانا قدما لائحة بالخسائر الاقتصادية المحتملة في حال استهداف العراق لتغيير النظام الحاكم. وأكدت أن الإدارة الأميركية "تعرف حجم الخسائر المحتملة وستعمل لضمان حصول الأردن على تعويضات مناسبة". وكانت مصادر موثوق بها اشارت الى ان الادارة ستسعى الى مضاعفة المساعدات الاقتصادية والعسكرية السنوية التي تقدمها للأردن وتبلغ قيمتها نحو 225 مليون دولار، بحيث تتجاوز، بعد زيادتها، ما قيمته أربعمئة مليون دولار. ومعروف ان بغداد تقدم لعمان منحة نفطية سنوية تعادل 300 مليون دولار. ولم ترشح امس أي معلومات دقيقة عن هدف زيارة الدوري الأردن، التي استبقت زيارة تشيني عمان غداً. وعلم ان نائب الرئيس الاميركي سيبلغ بعض الدول التي سيزورها خلال جولته على المنطقة خطط واشنطن بصدد العراق، ويبحث في امكان تعاون هذه الدول في حال اتخذ قرار بضرب العراق. واستبعدت المصادر الديبلوماسية الغربية شن أي عمليات عسكرية ضد هذا البلد قبل ايلول سبتمبر المقبل، لكن مصادر برلمانية نقلت عن أوساط حكومية في الكويت معلومات تفيد ان العمل العسكري ضد العراق "بات وشيكاً" وان جولة تشيني هي للتحضير النهائي لذلك. وقالت هذه المصادر ل"الحياة" ان هذا الموضوع كان على رأس جدول اعمال الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء الكويتي امس، وان الحكومة أبلغت قطباً برلمانياً خلال اجتماع خاص أول من امس ان "الحسم مع العراق هو مسألة أسابيع لا أشهر". وكان نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز اكد ليل أول من امس انه "لم يطرأ أي تغيير" على موقف بغداد الرافض لعودة مفتشي الأسلحة.