شل اضراب عام نفذه أمس المحامون التونسيون العمل في محاكم البلد، تلبية لقرار اتخذه مجلس النقابة السبت الماضي. وارتدى الاضراب، وهو الأول من نوعه، طابعاً سياسياً، لأنه أتى على خلفية تداعيات محاكمة زعيم "حزب العمال الشيوعي" المحظور حمة همامي واثنين من أعضاء الحزب، أمام محكمة الدرجة الأولى في العاصمة. وشكا المحامون من أنهم لم يتمكنوا من الترافع، وان بعضهم تعرض للعنف على أيدي رجال أمن كانوا يرتدون الزي المدني اثناء المحاكمة التي استمرت دقيقتين، تلا خلالهما القاضي قرار المحكمة. ولوحظ أن قاعات الجلسات كانت خالية في محكمة تونس، فيما اقفلت غالبية القاعات في محكمتي اريانة وبن عروس الضاحيتين الشمالية والجنوبية للعاصمة. وقدر رئيس جمعية المحامين الشباب شوقي الطبيب نسبة المشاركة ب95 في المئة. واعتبر في تصريحات إلى "الحياة" ان الاضراب "كان ناجحاً وحقق أهدافه بالكامل". إلا أنه أشار إلى أن "فئة قليلة أصرت على الترافع على رغم التزام الجميع قرار الاضراب". وكان المحامون المنتمون إلى حزب "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم أعلنوا الثلثاء في اجتماع دعا إليه النقيب بشير الصيد في قصر العدل أنهم لن يلتزموا قرار الإضراب الذي اعتبروه "عملاً سياسياً" وأرسلوا برقية تأييد للرئيس زين العابدين بن علي. وفيما رأت نقابة المحامين أن جسم المحاماة لبّى دعوتها، نفى وزير العدل بشير التكاري نجاح الاضراب وقلل من نسبة المشاركة فيه. وانتقد في مؤتمر صحافي قرار الاضراب، معتبراً أن دوافعه غير مقنعة. وقال محام من "التجمع الدستوري"، رفض كشف اسمه، ل"الحياة" إن الاضراب "تحركه أهداف سياسية، ويسيئ إلى سمعة تونس". إلا أن عضو نقابة المحامين محمد جمور أكد أن الاضراب "تم في إطار الانضباط واحترام القانون"، مشيراً إلى أن لدى مجلس النقابة احصاءات أثبتت أن نسبة المشاركة تجاوزت تسعين في المئة. وقدر عدد الذين "رفضوا التزام الاضراب في تونس بتسعة عناصر وفي أريانة بثلاثة وفي بن عروس بخمسة، وهي المراكز القضائية الرئيسية في البلد". وأشار إلى أن النقابة تلقت رسالة دعم من المؤتمر العام للاتحاد العام التونسي للشغل اتحاد العمال الذي يعقد حالياً في جزيرة جربة جنوب. واعلن وزير العدل لاحقا أ ف ب ان الهمامي ورفيقيه استأنفوا الحكم الصادر بحبسهم بعد ان ثبتته المحكمة. وقال ان الثلاثة "مثلوا امام المحكمة في قاعة الجلسات الرقم 5 حيث كانت هيئة المحكمة قائمة ثم غادروها مطالبين بان تتم المحاكمة في قاعة الجلسة الرقم 6 لانها ارحب". واضاف "ان المحكمة رفضت هذا الطلب باعتباره منافيا للتقاليد الجاري بها العمل وغير مبرر". وزاد انه بالنظر الى تمسك المتهمين بطلبهم قررت وزارة العدل تنفيذ الاحكام الصادرة غيابيا بحقهم مما يعني النفاذ الفوري ويتيح توقيفهم فورا. واكد الوزير ان الهمامي ورفيقيه "لم تتم ملاحقتهم بسبب افكارهم" بل بسبب "افعال مادية دقيقة واعمال ثابتة ادت الى اضطرابات في المؤسسة الجامعية حيث تم توزيع مناشير تحرض على العنف" العام 1999. وردا على سؤال يتعلق برد فعل وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين الذي اعرب الاربعاء "عن قلقه" في شأن المحاكمة، قال التكاري: "جاء تقديره بناء على معطيات قدمت اليه. واني متأكد من انه سيغير موقفه عندما تكون لديه مجمل المعطيات".