في مداخلته التي جرت الخميس 31 كانون الثاني يناير الماضي في باريس، عند تقديم نتائج النشاطات لعام 2001 وآفاق السنوات الست المقبلة حرص فرنسيس ماير نائب رئيس "بنك الاستثمار الاوروبي" على التأكيد منذ البداية على انه الاولوية لا تزال معقودة اللواء لدول شرق اوروبا ووسطها لكن الاهتمام بالجيران اي دول جنوب المتوسط سيشهد تطوراً نوعياً. ويعكس هذا التشخيص الصريح، قراراً سياسياً متخذاً منذ تأسيس المصرف على صعيد الاتحاد الاوروبي الذي اعطى العام الماضي وعلى سبيل المقارنة عبر اداته المالية قروضاً بقيمة 2.7 بليون يورو للدول الاوروبية الست التي تشكل المنطقة المذكورة مقابل 1.5 بليون يورو ل12 دولة تتكون منها الضفة الجنوبية للمتوسط. وينبغي التذكير هنا بأن مجموع ما حصلت عليه الدول المغاربية في اطار مشروع برشلونة اليورو متوسطي من مساعدات يمثل 0.5 في المئة مما حصلت عليها المانياالشرقية لاعادة بنائها. في هذا اللقاء حدد الفرنسي ماير، بحضور مدير تمويلات المصرف لمنطقة حول البحر الابيض المتوسط الايطالي انطونيللو بوغلييزي التوجهات الجديدة للمؤسسة التي يعتبرها الاوروبيون عنصراً اساسياً لعملية التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي والامني لهذا القضاء الجغرا استراتيجي. بناء عليه، يمكن القول ان بنك الاستثمار الاوروبي المتواجد في المنطقة منذ 1974، قد تمكن بفضل التقويم الايجابي من الدرجة الاولى المعطى له من قبل مؤسسات تقويم المخاطر من تعزيز قدراته الاقتراضية من السوق المالية الدولية بشروط وفوائد تفضيلية. وبالتالي، توفير نحو 9 بلايين يورو للبلدان المنضمة لبرشلونة. فوتيرة تمويلاته السنوية لم تتوقف عن الازدياد اذ انتقلت من 680 مليون يورو عام 1996 الى 1.5 بليون عام 2001 جاعلة منه احد ابرز مصادر التمويل المصرفي للتنمية الدائمة بالنسبة لدول جنوب المتوسط. ولقد توزعت هذه القروض المقدمة خلال هذه الفترة والبالغة 7.4 بليون يورو على غالبية القطاعات الاقتصادية على النحو التالي: 27.6 في المئة لدعم القطاع الخاص، 24.6 في المئة لحماية البيئة، 26.4 في المئة لتحسين مصادر الطاقة وتوزيعها، و21.5 في المئة لمجال الاتصالات. وتأتي مصر في طليعة الدول المستفيدة من هذه القروض بنسبة 17.3 في المئة يليها المغرب وتركيا 16.8 في المئة ثم الجزائر 16.6 في المئة، وتونس 12.1 في المئة وقبرص 5.4 في المئة ولبنان 5 في المئة والاردن 4.6 في المئة واسرائيل 0.5 في المئة. ويفسر نائب رئيس البنك هذا المعدل المتدني للقروض المقدمة للدولة العبرية بأنه عائد للمستوى المرتفع لمداخليه ومستويات المعيشة وتطور بنياتها التحتية وصناعاتها التكنولوجية. في المقابل، اكد على ضرورة زيادة دعم المشاريع الحيوية التي تقدمها السلطة الفلسطينية. في هذا الاطار اشار الى ان القروض التي قدمت للفلسطينيين المتوقفة حالياً بسبب الظروف الامنية ناهزت ال200 مليون دولار خصصت بشكل كبير للبنيات التحتية، والبيئية وتنشيط القطاع الخاص. من ناحية اخرى اوضح بأن البنك يرغب باعطاء قروض للمشاريع الاقليمية كونها تساهم في تعزيز عملية السلام. ينحصر نشاط البنك في اطار الشراكة اليورو - متوسطية بثلاث اولويات تسمح له بتقديم دعم مؤثر للسياسات التنموية والانفتاح الاقتصادي المعتمد من قبل الدول المستفيدة، وفق افضل الشروط ويرتكز المحور الاول على توفير التمويلات الطويلة الاجل، الضرورية لتشجيع الاطراف المعنية على تحرير اقتصاداتها وتحديثها. ويهدف دعم القطاع الخاص الى تقوية المنافسة بين اسواق دول جنوب المتوسط، ضمن منظور انشاء منطقة للتبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي حتى سنة 2010. اضافة لذلك يتلخص هذا الدعم بتأمين رساميل محفوفة بالمخاطر، خصوصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وذلك بالتفاهم الوثيق والتشارك مع القطاع المالي والمصرفي المحلي المفترض به ان يساهم بتحسين مستويات واداء هذه المؤسسات. وفي سياق الاولوية التقنية الثانية المتمثلة بدعم البنيات التحتية يقدم البنك مساندة ملحوظة ومتنامية لمشاريع حماية البيئة سواء لناحية تصحيح الاوضاع المناخية المتدهورة على سبيل المثال في تركيا ومصر ام لناحية تحسين ادارة وتوزيع الثروات الطبيعية مثل مياه الشرب كما حصل مع كل من المغرب والجزائروتونسوالاردنولبنانوغزة والضفة الغربية. وشهد هذا النشاط الذي حصل على ثلث التمويلات السنوية بين 1996 و2001، انطلاقة استثنائية في هذه السنة الاخيرة بحيث وصل حجم القروض الى 580 مليون يورو اي 34 في المئة من المجموع. وبشكل مواز ساهمت تقديمات البنك بتعزيز البنيات الاقتصادية وتحديثها سيما في مجالي الاتصالات والطاقة، ويسعى المصرف الى تمويل البنيات التحتية ذات البعد الاقليمي، مسهلاً بذلك التعاون والتنسيق بين دول الجنوب الاثنتي عشر، وتنشيط المبادلات التجارية وانتقال البضائع والاشخاص واستخدام الثروات المشتركة. وبلغت نسبة القروض المتعلقة بتطوير هذه البنيات التحتية ما يقارب 34 في المئة، بحيث استفاد المغرب وتونس في ميدان الاتصالات ومصر وسورية على مستوى الطاقة. وعن سورية ذكر نائب رئيس البنك ان هذه المؤسسة تولي اهتماماً خاصاً بهذا البلد ابتداء من السنة الجارية خصوصاً بعدما تم حل الاشكالات المتعلقة بالديون العائدة لعدد من دول الاتحاد الاوروبي 210 ملايين يورو في طليعتها المانيا وفرنسا. وكشف نية ادارة البنك تكثيف التعامل مع المصارف العربية والاسلامية، هذه الاخيرة الفاعلة في منطقة جنوب المتوسط، التي اثبتت قدرتها وكفاءتها في مجالات الاقراض المرتبط بتنفيذ المشاريع. وتراهن هذه الادارة على الدور الذي يمكن ان تطلع به في المستقبل الوكالة الفرنسية للتنمية ومؤسسة "كي ان دبليو" الالمانية المتواجدتان في المنطقة. بلغت تمويلات "بنك الاستثمار الاوروبي" عام 2001 للمشاريع التي تسهل تحقيق سياسات الاتحاد 36.8 بليون يورو، وخصص المصرف 31.2 بليون للمشاريع التي سيتم تنفيذها داخل الدول الاعضاء الخمسة عشرة و2.7 بليون للمشاريع المخصصة للدول المرشحة لدخول هذا التكتل الاقليمي، اي دول شرق اوروبا ووسطها، اما الباقي 2.6 بليون يورو فقد خصص لباقي الدول. فمن اجل تمويل هذه العمليات لجأ البنك لاقتراض 32.3 بليون يورو من اسواق الرساميل الدولية عبر 148 عملية اقتراض. وتمثل الوحدة النقدية الاوروبية 63 في المئة من مجمل العملات التي تم الحصول عليها. وتشكك بعض الجهات المغاربية في حصول تقدم سريع هذا العام كون البنك سيعمد لتقديم مساعدات ودعم عاجل لافغانستان وكوسوفو مما سيكون على حساب حصة دول جنوب المتوسط. اما بالنسبة لعودة الاهتمام بليبيا بعد الاجراءات الاقتصادية الاخيرة خفض سعر الدينار بنسبة 51 في المئة والتعرفات الجمركية بحدود 50 في المئة واعتماد توجه اقتصادي منفتح اجاب مسؤول البنك بأن ليبيا لم توقع بعد كل اتفاقات الشراكة اليورو - متوسطية وحضورها اجتماعات برشلونة لا تزال بصفة مراقب الامر الذي يمنع ذلك حالياً. وتأتي نتائج البنك داخل دول جنوب المتوسط في ظروف دولية بالغة الصعوبة والتناقض في آن معاً، مترافقة مع عودة التآزم السياسي في منطقة الشرق الاوسط وضرورة تنشيط مسار برشلونة اليورو متوسطي المنطلق في 28 تشرين الثاني نوفمبر 1995. انطلاقاً من هذا الواقع يمكن فهم نوايا ادارة البنك العازمة على رغم التجاذبات الحاصلة بين دول اعضاء الاتحاد على تعميق وزيادة نشاطاتها وصولاً الى جعل المتوسط حوض مشترك للسلام والاستقرار. في هذا السياق اشار تقرير للبنك ان المبادرات الاكثر تعبيراً خلال السنة الماضية تركزت في الجزائر وسورية، وكذلك في مصر والمغرب المستفيدان الابرز من القروض المقدمة. ويقدم البنك منذ اعوام ايضاً مساهمات جدية على صعيد التنمية الاقتصادية في منطقة الشرق الاوسط وصلت الى 1.9 بليون يورو، كما استثمرت بشكل واضح قدراتها في تمويل البنيات الاساسية في غزة والضفة الغربية ودعم الشركات المتوسطة الحجم في الاردن ومشاريع الطاقة في سورية واعادة اعمار لبنان. وسهل البنك تنمية التعاون الاقليمي الذي تعتبره هدفاً اساسياً من اهدافها من خلال دعم المشاريع التكاملية بين دول جنوب المتوسط ومع دول الاتحاد الاوروبي. في هذا المجال، استفاد المصرف من خبرته في تقويم الكلفة والجدوى الاقتصادية وآليات التمويل، كذلك من التسهيلات الاضافية التي وضعتها صيغة برشلونة اليورو متوسطية التي بلغت بليون يورو لاطلاق عدد من المشاريع الحيوية الاقليمية مثل الطريق السريع المغاربي الذي سيربط المغرب والجزائروتونس، كذلك الربط الكهربائي بين كل من سورية وتركيا من جهة ومصر والاردن من جهة اخرى. وايضاً انبوب الغاز اليورو ميد الذي ينطلق من حقول الجزائر مروراً بالاراضي المغربية وصولاً الى اسبانيا والربط الكهربائي بين اسبانيا والمغرب الذي حل عدداً من المشاكل للقرى النائية في هذا البلد. ومن المشاريع الاخرى الحيوية الاقليمية، ربط الخطوط الهاتفية بين المغرب واوروبا وتحديث وتطوير مرافئ كل من المغرب وتونسوالاردنولبنان بما في ذلك توسيع مطار هذا البلد. وركز البنك ايضاً على دعم الاستثمار الخارجي المباشر الآتي من دول الاتحاد الاوروبي باتجاه دول جنوب المتوسط وتنمية المشاركة على صعيد المؤسسات بين الصناعيين الاوروبيين ونظرائهم المحليين في هذه البلدان. فنظراً للامكانات المالية التي وفرها والتي جمعت بين الرساميل ذات المخاطر والقروض الطويلة الاجل، اصبح بمقدور هذا البنك دعم تنمية القطاع المالي المحلي، الامر الذي ساهم بتعزيز تقدم الشركاء الكبار والصغار على السواء. وانعكست هذه التجربة بوضوح من خلال مشروع شركة بيرللي الايطالية في مصر انتاج الاطارات والمجمع الهوائي في تطوان بالمغرب وعمد البنك لوضع الآليات المناسبة لاحداث ادوات مالية جديدة مخصصة لتحمل مخاطر الاستثمار داخل كل بلد. * اقتصادي لبنانيالجزائر: 225 مليون يورو لبناء شبكة تزويد العاصمة وعدد من المدن بماء الشفة عبر سد تكسبيت. قبرص: 50 مليون يورو لتجهيز مستشفى نيقوسيا الجديد. مصر: 180 مليون يورو لبناء محطة توزيع الغاز الطبيعي في القاهرة 150 مليون وتمويل الاستثمارات الخاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم 30 مليوناً. المغرب: 280 مليون يورو، خصصت لبناء محطة تحويل وضخ الكهرباء جنوب شرقي الدار البيضاء 90 مليونا، بناء اوتوسترادين بين سيدي اليماني وطنجة وبين الدار البيضاء والجديدة 100 مليون، تحسين وتزويد 70 مدينة مغربية بمياه الشرب 50 مليوناً، تصليح تجهيزات الري 40 مليوناً في مناطق جنوب المملكة. تونس: 225 مليون يورو، لتحسين وتنمية شبكة الطرق حول بحيرة بنزرت، شمال تونس 30 مليوناً، تعزيز تزويد الساحل ومدينة صفاقس بمياه الشرب 95 مليوناً، تمويل الاستثمارات العائدة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم عبر عشرة بنوك تونسية محلية. سورية: 115 مليون يورو لتقوية تجهيزات التحويل وتوزيع الطاقة الكهربائية.