اكد مساعد رئيس اركان الجيش الاميركي الجنرال بيتر بيس أمس ان الولاياتالمتحدة سلمت جورجيا عشر مروحيات عسكرية من طراز "هويي" وان فريقا عسكريا صغيرا موجود هناك ليدرس امكان تقديم مساعدة مكثفة لهذا البلد، ما يعني فتح واشنطن جبهة ثالثة بعد أفغانستان والفيليبين في حربها العالمية ضد الارهاب. واضاف بيس في مؤتمر صحافي ان سبعة اعضاء من وزارة الدفاع موجودون في الجمهورية السوفياتية سابقا لصيانة المروحيات، اضافة الى عدد من العسكر التابعين للسفارة الاميركية. واعلنت الناطقة باسم البنتاغون فيكتوريا كلارك "اننا نعمل مع بلدان عدة في العالم في اطار الحرب الشاملة ضد الارهاب بما فيها روسيا. ونعمل في شكل وثيق مع جورجيا لان الامن الداخلي في هذا البلد يحسن الاستقرار في المنطقة. وكانت تقارير في الولاياتالمتحدة تحدثت امس عن نية واشنطن ارسال قوات الى جورجيا في ما وصف بأنه فتح جبهة جديدة في المعركة ضد الإرهاب. وأبلغ مسؤولون عسكريون اميركيون وكالة "رويترز" أمس ان الولاياتالمتحدة تنوي ارسال قوات عسكرية خاصة الى جمهورية جورجيا السوفياتية السابقة للمساعدة في تدريب قواتها في الحرب ضد الارهاب. وقال المسؤولون الذين طلبوا عدم نشر اسمائهم انه لم يتخذ بعد قرار نهائي، لكنهم توقعوا توجه عشرات من مدربي القوات الخاصة في الجيش الى جورجيا قريباً لتصبح جبهة ثالثة للحرب الاميركية على الارهاب بعد أفغانستان والفيليبين. واكد المسؤولون ان اي جنود قد يرسلون الى جورجيا لن يشاركوا في اي قتال وسيقتصر دورهم على التدريب والدعم على غرار دور الجنود الاميركيين الموجودين في الفيليبين. ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" ان قوات من الوحدات الخاصة يراوح عددها بين 100 و200 عسكري، ستصل قريباً الى تبليسي. ونقلت عن ناطق باسم قيادة القوات الاميركية في اوروبا ان وزارة الدفاع الاميركية امدت بالفعل حكومة جورجيا بعشر طائرات هليكوبتر مقاتلة من طراز "يو اتش-1اتش" منها ست للعمليات واربع لقطع الغيار. واضافت ان مدرباً عسكرياً اميركياً وستة مقاولين موجودون في العاصمة الجورجية لتدريب عسسكريين جورجيين على تشغيل تلك الطائرات. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصدر عسكري اميركي ان مهمة هذه الوحدات تدريب القوات الجورجية على عمليات مكافحة الإرهاب، مشيراً الى أن عددها قد يزيد بحسب الحاجة. وأضاف المصدر ان واشنطن وتبليسي ناقشتا تزايد خطر الإرهاب في منطقة وادي بانكيسي الحدودية مع روسيا التي لجأ إليها آلاف الشيشانيين منذ بدء العمليات العسكرية في الشيشان، والتي يعتقد خبراء في شؤون الدفاع ان اعضاء من تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه اسامة بن لادن ربما لجأوا الى جبالها الوعرة. من جهته، نفى ناطق عسكري جورجي بشدة احتمال القيام بعمليات عسكرية مشتركة مع قوات اميركية، مشيراً الى ان تبليسي قد تطلب عوناً معلوماتياً أو تقنياً فقط. وأكد ان وفداً من المستشارين العسكريين الأميركيين برئاسة احد مستشاري وزير الدفاع سيصل قريباً الى تبليسي بهدف مساعدة الخبراء الجورجيين على وضع ما وصفه بأنه "برنامج لمكافحة الإرهاب في المنطقة". وفي موسكو، ساد الحذر تصريحات المسؤولين الروس. واعتبر وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف في تصريح لتلفزيون "او آر تي" العام ان وجود جنود اميركيين في جورجيا "سيزيد من تعقيد الوضع الصعب اصلاً في المنطقة". وقال وزير الدفاع سيرغي ايفانوف ان موسكو ستتخذ موقفها بعد حصولها على تأكيدات رسمية من واشنطن بإرسال عسكريين الى منطقة شمال القوقاز. فيما أكد الناطق باسم الحكومة الروسية أليكسي فولين انه لا يزال من المبكر الحديث عن رد فعل روسي في هذا الخصوص. ويرى مراقبون ان "الهدوء" في رد الفعل الروسي يعكس "تراخياً" من طرف موسكو ازاء الوجود العسكري الأميركي المحتمل في منطقة القوقاز التي تعد منطقة النفوذ الأخيرة الباقية لموسكو. ولم يستبعد خبراء في العاصمتين الجورجية والروسية احتمال وجود اتفاق غير معلن بين موسكووواشنطن ينص على تقاسم النفوذ في هذه المنطقة. وأبلغ خبير جورجي لم يكشف عن هويته وكالة "انترفاكس" ان المعلومات التي سربت في الأيام الأخيرة حول تنسيق اميركي - روسي لمواجهة الإرهاب في المنطقة تخفي اتفاقاً لم يعلن الطرفان تفاصيله حول تقاسم النفوذ بينهما. ورأى الخبير ان موسكو قد تكون وافقت على عمل عسكري اميركي في شمال القوقاز لا يستبعد ان يتبعه وجود اميركي طويل في المنطقة بحسب السيناريو الأفغاني في مقابل ان تزيد موسكو سيطرتها في مناطق ابخازيا واوسيتيا الجنوبية التي تخضع لحكم ذاتي تحت السيطرة الجورجية. وزاد الخبير ان الأوضاع في هذه المناطق معقدة بالنسبة الى الحكومة الجورجية التي فقدت سيطرتها على وادي بانكيسي وعلى مناطق اوجاري وجافاخيني التي تتمركز فيها قواعد عسكرية روسية. وكان مدير معهد دراسات دول الرابطة المستقلة قسطنطين زاتولين حذر من احتمال تقسيم جورجيا، وأضاف ان تبليسي حاولت استخدام المقاتلين الشيشان في وادي بانكيسي ورقة في معركتها ضد الوجود الروسي في ابخازيا لكنهم تحولوا الى "ورم نما بسرعة"، وأصبح يهدد الأمن القومي الجورجي. وأضاف ان العملية العسكرية في المنطقة لا يستبعد ان تهدد وجود جورجيا نفسها. من جهة أخرى، اعتبر رئيس صندوق "السياسة" الروسي فيتشسلاف نيكولايف ان الوجود الأميركي في المنطقة لا يلحق ضرراً بالمصالح الجيوسياسية الروسية مضيفاً ان نجاح عملية مكافحة الإرهاب بمشاركة اميركية في منطقة وادي بانكيسي سيفتح الطريق امام موسكو لحسم المعركة في الشيشان بعد ان تضمن تراجع حدة الانتقادات الغربية لعملياتها العسكرية هناك.