شهدت جلسة الأمس من محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وكبار مساعديه مفاجأة غير متوقعة، إذ طلب المدعون بالحق المدني ردَّ (استبعاد) المحكمة برئاسة المستشار أحمد رفعت بعدما استمعت على مدار ساعة ونصف الساعة إلى شهادة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي الذي حضر إلى المحكمة وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة يرافقه نائبه رئيس الأركان الفريق سامي عنان ومساعدوه وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وقررت المحكمة أمس وقف نظر سير إجراءات القضية لحين فصل محكمة الاستئناف في طلب الرد. وحددت المحكمة جلسة 30 تشرين الأول (أكتوبر) لاستئناف المحاكمة في حال رفض الطلب. ورد المحكمة هو إجراء قضائي يستلزم تقديم طالبه أسباباً تقتنع بها محكمة الاستئناف وفي حال الموافقة عليها يتم استبعاد هيئة المحكمة عن النظر بالقضية وتكلف دائرة أخرى بقضاة آخرين بالنظر بالقضية. وقال ممدوح إسماعيل، وهو أحد المدِّعين بالحق المدني، ل «الحياة» إن فريق الدفاع عن شهداء الثورة يعكف على كتابة أسباب طلب ردِّ المحكمة لتقديمها إلى محكمة الاستئناف غداً، وفي حال وافقت المحكمة على طلب الرد ستُعاد المحاكمة أمام دائرة أخرى، أما إذا رفض الطلب فستستأنف ذات الدائرة محاكمة مبارك يوم 30 تشرين الأول. وبذلك لن تستمع المحكمة اليوم إلى شهادة نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الفريق سامي عنان كما كان مقرراً. ووصل المشير طنطاوي إلى قاعة المحكمة أمس مبكراً، واشتكى محامون من تشديد الإجراءات الأمنية ومحاولة منعهم من حضور الجلسة. وحدثت مشادات واشتباكات بين المحامين وقوات الأمن، وبعد شدٍّ وجذب تمكنوا من دخول قاعة المحكمة. وأدلى المشير بشهادته على مدار 90 دقيقة ووجه دفاع المتهمين له أسئلة عدة، فيما سأله المدعون بالحق المدني سؤالاً واحداً رفعت بعده الجلسة ولم تسأله النيابة أي أسئلة. وكانت المحكمة قررت في جلسة سابقة حظر نشر أي معلومات عن شهادة المشير طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان ونائب الرئيس السابق عمر سليمان ووزيري الداخلية السابق محمود مجدي والحالي منصور العيسوي. وقال المحامي عبد المنعم عبد المقصود، أحد المدعين بالحق المدني، ل «الحياة» إن الجلسة شهدت إجراءات أمنية غير مسبوقة. وأضاف لم يسأل رئيس المحكمة المشير عما إذا كان مبارك أصدر أوامر للجيش بضرب المتظاهرين، فيما وجه هذا السؤال الجوهري أحد المدعين بالحق المدني». واعتبر أن «المحكمة تركت الفرصة لمحامي المتهمين لسؤال الشاهد، فيما لم تترك الفرصة كاملة للمدعين بالحق المدني». وقال المحامي ممدوح إسماعيل إن «المحكمة على مدى الجلسات السابقة كانت تسمح بمناقشة الشهود، لكن أمس كانت هناك محاولات لمنع دخولنا قاعة المحكمة، وتمكنا من الدخول بعد شد وجذب ومصادمات مع الأمن، فضلاً عن أن المحكمة منعتنا من مناقشة الشاهد، فيما سمحت بذلك لمحامي المتهمين». وأوضح المحاميان عبد المنعم عبد المقصود وممدوح إسماعيل أن قاعة المحكمة شهدت هتافات ضد المحكمة ومبارك تطالب بإعدام الرئيس السابق ووزير داخليته. وأشارا إلى أن نجل الرئيس السابق جمال مبارك كان حريصاً على كتابة كل كلمة قالها المشير في شهادته، أما مبارك فتابع بتركيز شهادة طنطاوي. وقال إسماعيل للمرة الأولى يعتدل مبارك في جلسته على سريره الطبي المستلقي عليه لسماع شهادة المشير. وقال عبد المقصود إن حرس المحكمة اضطر لإدخال مبارك إلى غرفة ملحقة بقاعة المحكمة من شدة الهتافات ضده. من ناحية أخرى، أرجأت محكمة جنايات الإسكندرية قضية وفاة الشاب خالد سعيد إلى جلسة 22 تشرين الأول المقبل لإطلاع هيئتي الدفاع والمدعين بالحق المدني على تقرير اللجنة الفنية الأخير حول أسباب الوفاة ومناقشة أعضاء اللجنة في ما ورد فيه، مع استمرار حبس المتهمين. واتهمت أسرة خالد سعيد أفراداً في الشرطة بقتله، وهو يعرف بأنه مُفَجِّر ثورة «25 يناير» من قبره، إذ انطلقت الدعوات الأولى للتظاهرات من صفحة «كلنا خالد سعيد» على موقع فايسبوك، وأمرت المحكمة كذلك بحظر نشر أي وقائع تتعلق بالقضية اعتباراً من الجلسة المقبلة لضمان سلامة سير العدالة. وكانت هيئة المحكمة تسلمت التقرير الفني في مظروف مغلق مختوم وموقع من أعضاء اللجنة. وحضر إلى المحكمة المتهمان أمين الشرطة محمود صلاح محمود ورقيب الشرطة عوض إسماعيل سليمان، وهما يواجهان ثلاثة اتهامات هي القبض على شخص من دون وجه حق واستخدام القسوة والتعذيب البدني. والتقرير الفني حول أسباب وفاة خالد سعيد أعده ثلاثة من الأساتذة في كليات الطب في جامعات القاهرة، وعين شمس والإسكندرية. وتناول الرأي الفني حول كل الأوراق والتقارير التي وردت إلى المحكمة. وكان المتهمان قالا إنهما أثناء ضبطهما خالد سعيد ابتلع لفافة بها مخدر البانجو، فتعرض للاختناق ولفظ أنفاسه الأخيرة.