ستظل مواقف الكاتب المصري علي سالم مثيرة للجدل، واذا كانت الضجة التي أثارها قرار اتحاد الكتاب في مصر بفصل علي سالم بسبب مواقفه التي اعتبرها الاتحاد تحض على التطبيع مع العدو الصهيوني هدأت على السطح فيما هو يواصل السعي عبر القضاء لاستعادة عضويته في الاتحاد، فإن فصلاً جديداً ومثيراً على وشك ان يفتح. فبعد أيام ستعرض على أحد مسارح تل أبيب واحدة من مسرحيات علي سالم كان كتبها في بداية السبعينات ونشرت للمرة الأولى عام 1997 ثم طبعتها "روايات الهلال" عام 1980 وقدمت على مسرح سيد درويش في مدينة الاسكندرية عام 1982، ولعب دور البطولة فيها الممثل نور الشريف. المسرحية تحمل عنوان "الكاتب في شهر العسل". ويبدو أن شهر العسل في تل أبيب سيفتح على سالم ناراً جديدة بدا أنه استعد جيداً لمواجهتها. فالأديب يوسف القعيد اعتبر تلك الخطوة من جانب سالم "انتحاراً" و"مغامرة نحو المجهول"، وقال القعيد الذي يقود حملة لمحاولة إثناء سالم عن موقفه ل "الحياة": "كنت أتمنى أن يقول سالم إن الاسرائيليين لم يحصلوا على موافقته وانهم يغتصبون التطبيع من دون رضاه"، مشيراً الى أن المعطيات ذات الصلة بإسرائيل، "كان يتحتم أن تجعل سالم يغير مواقفه"، وسرد القعيد المواقف والسياسات الاسرائيلية المعادية للعرب وتلك التي تخص مصر فيها، وأكد أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية "تسعى الى الاضرار بالأمن القومي المصري"، وتساءل: "كيف يقبل سالم عرض مسرحيته في تل أبيب في وقت تسعى القوى الوطنية المصرية الى محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين ذبحوا الأسرى المصريين؟"، وأكد أن المجتمع الاسرائيلي "تم تجييشه خلف المؤسسة العسكرية هناك لإفناء الفلسطينيين والتفرغ بعدهم لباقي العرب". وتساءل مجدداً "لمن سيعرض سالم مسرحيته هناك؟ لا شك انهم سيسعون الى استغلالها للإساءة الى مصر ورموزها". وانهى القعيد قائلاً: "كنت اتمنى من سالم أن يلح من أجل عرض مسرحيته على المسرح القومي المصري بدلاً من أن يكون العربي الوحيد الذي تُعرض له مسرحية في قلب الدولة الصهيونية". كالعادة، استغرب علي سالم الحملة ضده ونفى أن تكون المسرحية تتضمن أي انتقادات للحكومة المصرية أو الرئيس حسني مبارك، وقال: "المسرحية كُتبت في زمن آخر للحديث عن سياق آخر والكاتب يتحمل مسؤولية ما يكتبه لا ما يُعرض على الناس". تدور أحداث المسرحية حول كاتب صحافي وفنان يتزوج من سيدة ويظل طوال فترة شهر العسل يرتاب في كل من حوله حتى عروسه الجديدة مقتنعاً بأنها، ومعها العاملون في الفندق ورواده، يتجسسون عليه ويسعون الى التعرف على افكاره، ويكتشف الكاتب في النهاية أن كل ما شك فيه كان صحيحاً. ولفت سالم إلى أن المسرحية "تنتمي الى نوعية ابتكارها في بداية السبعينات وتتعلق بخطورة عسكرة المجتمع، محذرة من الدولة البوليسية وخطورتها على الشعوب"، وذكر أنه كان قدم قراءة للمسرحية في جامعة تل أبيب العام الماضي ضمن ندوة عقدت هناك تحت عنوان "أدب البحر المتوسط"، وأشار الى أن فنانين اسرائيليين حضروا الندوة وطلبوا منه بعدها عرضها في اسرائيل فوافق على الفور "من منطلق أن الثقافة المصرية لا بد أن تُعرض في كل مكان حتى داخل اسرائيل"، مشيراً الى أنه ابدى موافقة شخصية، وأن القائمين على المسرحية هاتفوه قبل أيام لتأكيد موافقته فأكد عدم اعتراضه. ونفى سالم أن يكون حصل على مقابل مادي كما استبعد أن يسافر الى اسرائيل لحضور عرض المسرحية، وقال: "ليس هناك ما افعله بشخصي في اسرائيل الآن، وإصرار شارون على مجافاة العقل لا يفيد معه شيء ولكني أرى أن مسؤولية أنصار السلام هناك أن يتابعوا أفعال شارون واسعى قدر الامكان الى مساعدتهم". لكن حديث سالم لا يعجب القعيد وباقي المعارضين للتطبيع مع إسرائيل الذين لن يجدوا سبيلاً لطرد علي سالم من عضوية اتحاد آخر فهو طرد بالفعل من اتحاد الكتاب ويسعى معارضون لطرده من مكان آخر لكنهم لم يعثروا عليه بعد.