حذر رئيس "الصندوق الدولي للتنمية الزراعية" ايفاد، لينارت بوغة، المجتمع الدولي امس من مخاطر "تجاهل قسوة الأوضاع الاقتصادية" التي يعيش في ظلها أكثر من بليون انسان، مؤكداً "ان تجاهل هذه الفرصة قد يتكشف عن درس باهظ الثمن". جاء ذلك لدى افتتاحه الدورة ال25 للاجتماع السنوي لمجلس محافظي الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في روما أمس بحضور وزراء المال والزراعة وغيرهم من كبار المسؤولين من 162 دولة عضو. يذكر ان المجلس أعلى سلطة مخولة باتخاذ القرارات في الصندوق. وشدد بوغة على مفارقة "خطيرة" للتناقض الحاصل بين الاهتمام الذي يوليه المجتمع الدولي الى مسألة الفقر في العالم ونسبة المشاريع والاستثمارات الساعية لمكافحته. وقال: "انها مفارقة ان نشهد في الوقت نفسه تزايد التركيز على ظاهرة الفقر وهبوطاً في حجم الاستثمارات المحلية، فيما هبطت المساعدات الانمائية الرسمية للزراعة بمقدار النصف تقريباً بين عامي 1998 و1999. وأضاف انه بموازاة ذلك "انخفضت الاستثمارات في قطاع الزراعة ضمن الانفاق الاجمالي من 6.2 في المئة عام 1990 الى 9.3 في المئة عام 1998 في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى"، ما ترك "أثراً سلبياً مطرداً" على الجهود الرامية الى محاولات الحد من الفقر الريفي في العالم بالمقارنة مع ما كان عليه الحال في العقدين الماضيين. وفيما تؤكد الدراسات "العلاقة الجوهرية الايجابية" بين الأداء الزراعي والتنمية الاقتصادية، أشار بوغة الى ان "الجهات المانحة والمؤسسات المتعددة الأطراف لم توجه الانتباه الى القطاع الزراعي والتنمية الريفية" بخاصة في افريقيا، حيث "يتركز أكثر من 70 في المئة من سكانها الفقراء في المناطق الريفية". وقال بوغة، الذي تسلم منصبه كرئيس للصندوق في نيسان ابريل من العام الماضي، ان "أكثر من 1.2 بليون شخص في العالم يعيشون اليوم في ظروف الفقر المدقع، ويناضلون من أجل البقاء على قيد الحياة بدخل يبلغ أقل من دولار واحد في اليوم"، مؤكداً ان "هذا الوضع يشكل مصدراً للنزاعات المدنية وعدم الاستقرار والمرض واليأس"، وأن عواقبه "لن تقتصر على الحدود الوطنية، بل ستتعداها الى مخاطر متنامية للمجتمع الانساني بأسره". وأعرب عن المخاوف نفسها في الاجتماع رئيس نيجيريا أولوسيغون أوباسانجو الذي أشار الى "ان النظم الزراعية الفقيرة تؤدي الى زيادة الفقر الريفي الذي يشكل في الوقت نفسه الأرضية المناسبة للنزاعات والصراعات الاقليمية". ويكتسب انعقاد مجلس محافظي "ايفاد" أهمية استثنائية لأنه يأتي قبل شهر واحد من انعقاد المؤتمر الدولي المعني بتمويل التنمية في الفترة بين 18 و22 آذار مارس، في مونتيري في المكسيك، وهو محفل مهم يهدف الى حض المجتمع الدولي على تقديم المزيد من الموارد الأفضل لمساعدة الفئات الأكثر فقراً وتعرضاً الى الجوع. ويسعى اجتماع مجلس محافظي "ايفاد" الى شحذ انتباه المجتمع الدولي الى انه إذا كان جاداً في شأن الرغبة في السلم والأمن في العالم، فإنه يحتاج الى تكريس المزيد من الجهود والموراد لمكافحة الفقر في المناطق الريفية.