لا شك في أن الانتفاضة والرغبة في مواصلتها، يقابلهما قمع شرس تقوم به آلة الحرب الاسرائيلية، وقوامها طائرات ودبابات وأسلحة يشكل استعمالها جرائم حرب في حد ذاته. ويعتقد غلاة اليمين الاسرائيلي ان الاستمرار في القمع وتصعيده، لا بد من ان يدفع الانتفاضيين الى رفع راية الاستسلام البيضاء، عاجلاً أم اجلاً! ولكن على رغم تفاوت مقاييس القوة البطشية، أفلح الفلسطينيون في تحقيق واقع جديد على خارطة القتال الدائر. فالانتفاضة انهكت الاقتصاد الاسرائيلي، وازداد العجز على رغم الثلاثة بلايين من المنح الأميركية. وجعلت الانتفاضة 40 في المئة من المستوطنات خالية. وهناك الآن هجرة معاكسة الى المدن المكتظة، وهجرة الى خارج اسرائيل. ولا ديمومة لاسرائيل من دون استمرار دخول حشود جديدة من المهاجرين الى أرض الميعاد. ومن آثار انتفاضة أرض القدس، أرض الجبارين المذكورين في القرآن، أن نسبة البطالة في اسرائيل هي أعلى نسبة مرت بها حروب الرأسمال. وأجمعت الصحف والآراء على ان الخطر على اسرائيل قد تضاعف، جراء الثورة، ودخلت المرأة الفلسطينية معركة الكرامة والاستشهاد. وهذا يعني النصف الآخر من فلسطين بكامل ثقله. انني أرى احترام الثوريين في العالم في العيون، ورعب أنصار الاستعمار والعبودية في الأفئدة والقلوب. وقريباً يتوج مزج أوراق التحرر مع أوراق الارهاب أمام هذه النقلة النوعية التي حققتها المرأة الفلسطينية من أعمال بطولية. وإن تساوت حواء مع آدم في الخطيئة، فإن مساواتها في الاستشهاد مع رجل الانتفاضة، وحرصها على هذه المساواة في مقاومة المحتل، يفرضان علينا الاحترام. واليهود لا يملكون في تاريخهم امرأة مشابهة، سوى مما ذكرت توراتهم عن سارة. لندن - خالد عيسى طه محام ومستشار قانوني