بدا أمس ان الاوضاع في الاراضي الفلسطينية تتجه نحو تصعيد خطير خصوصا في ضوء الانفجار القوي الذي استهدف مستوطنة "كارني شمرون" في الضفة الغربية، بعد ساعات على اغتيال الرجل الثاني في الجناح العسكري ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس التي توعدت بالانتقام لمقتله، وبعد اطلاق صاروخ "قسام 2" من غزة باتجاه اسرائيل التي توعدت ب"رد مناسب". وعلى خط مواز، كانت خطة "تينيت" لوقف اطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي موضع بحث بين الرئيس حسني مبارك ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي ايه جورج تينيت خلال لقائهما في منتج شرم الشيخ امس قبل ان يغادر تينيت مصر متوجها الى اليمن. راجع ص 4 وفيما كان معسكر السلام يعد لتظاهرة في تل ابيب للتنديد بالاحتلال، وقع انفجار قوي في مركز تجاري تابع لمستوطنة "كارني شمرون" شمال قلقيلية، اسفر عن مقتل ثلاثة اشخاص بينهم منفذ العملية واصابة 20 على الاقل، جراح سبعة منهم خطيرة. وقالت الاذاعة الاسرائيلية ان الانفجار هجوم انتحاري، فيما لاحظ فلسطينيون تبلور توجه جديد في العمل العسكري يقضي بتركيز الهجمات ضد الجنود والمستوطنين. وكان اللافت امس عودة اسرائيل الى سياسة الاغتيالات المثيرة للجدل، اذ انفجرت سيارة مفخخة في مدينة جنين لدى مرور نزيه ابو السباع، الرجل الثاني في "كتائب عز الدين القسام". ولاحظ شهود ان طائرة استطلاع اسرائيلية كانت تحوم في الاجواء لدى وقوع الانفجار، ما دفع "حماس" الى اتهام اسرائيل باغتياله، والتعهد ب"رد قاس جدا وموجع" انتقاما له. وترافقت عملية الاغتيال مع تصعيد اسرائيلي في قطاع غزة شمل توغل الجيش على محوري مخيم المغازي وحي الزيتون قرب مستوطنة "نتساريم" حيث دمر مقر الاستخبارات العسكرية الفلسطينية ومزرعة يملكها وزير العدل الفلسطيني فريح ابو مدين. كما جرى توغل اخر في مخيم البريج حيث استشهد ثلاثة فلسطينيين في مواجهات مع الجيش الذي بدأ باقامة "مناطق امنية عازلة" في المخيم. وجرت عملية الاغتيال فيما كان وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر يجري سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين الفلسطينيين من اجل ايجاد مخرج من الازمة الراهنة. وفُسرت عملية الاغتيال بانها رسالة اسرائيلية للاوروبيين تفيد برفض جهودهم الديبلوماسية. وجاء رد فيشر في المؤتمر الصحافي الذي عقده في ختام محادثاته مع الرئيس ياسر عرفات حيث اكد تمسك اوروبا بالرئيس الفلسطيني، و"طالما لدينا في الجانبين قادة منتخبون، سنواصل دعمهم والعمل معهم". في غضون ذلك، اطلق الفلسطينيون قذيفة صاروخية من طراز "قسام 2" باتجاه جنوب اسرائيل سقطت في "كيبوتز كفار عزة" في منطقة قالت اسرائيل انها غير مأهولة. وادت هذه العملية الى اهتزاز صورة سطوة جيش الاحتلال للمرة الثالثة في اقل من ثلاثة ايام. فالجيش الذي احتل لمدة ثلاثة ايام بلدة بيت حانون التي اطلق منها صاروخ "قسام 2" للمرة الاولى الاحد الماضي، ثم اطلق منها امس للمرة الثانية، لم ينجح في تحقيق اهدافه المعلنة من التوغل في المنطقة، وهي العثور على مخازن ومصانع الاسلحة والصواريخ. ومما زاد من فشله، اطلاق قذيفتي هاون في اتجاه مواقع عسكرية اسرائيلية شرق مخيم البريج اثناء وجود الجنود في بيت حانون. من جانبها، اعلنت "كتائب القسام" مسؤوليتها عن اطلاق صاروخ "قسام 2"، مؤكدة ان القصف جاء ردا "تحذيريا" على القصف الاسرائيلي على قطاع غزة مساء اول من امس، وهددت بشن هجمات ضد التجمعات السكانية الكبرى، وقالت في بيان: "ان القصف بصواريخ قسام 2 في ساعات الصباح الباكر وليس وقت الظهيرة وفي اماكن مفتوحة، جاء تحذيريا للمجرمين الصهاينة على قصفهم الاجرامي لابناء شعبنا بالطائرات والدبابات والتي كان آخرها مساء الجمعة وصباح السبت، والاهانة المستمرة والقتل والتدمير والتشريد والاعتقال لابناء شعبنا". واعتبرت اسرائيل استهدافها بالصاروخ "تصعيدا خطيرا" و"تهديدا لامنها"، وقالت انها "ستعرف كيف ترد كما يجب لوضع حد" لذلك. وكان شارون تعهد برد "من نوع آخر" في حال اطلاق "قسام 2" على اسرائيل، في حين اعتبر عرفات في حديث الى صحيفة "لاريبوبليكا" الايطالية اخيرا ان هذه الصواريخ "مزحة، انها ادوات بدائية لم تسفر مطلقا عن اي جريح. ان بيعها وكأنها صواريخ هو من قبيل الدعاية، من صنع اسرائيل لتبرير الاعتداء علينا".