لا أدري لماذا تناولت بعض وسائل اعلامنا العربية خبر الاستشهادية الفلسطينية وفاء ادريس بعناوين اقل ما يمكن ان يقال عنها انها مثيرة للاستغراب والاستهجان واستخفاف بالمرأة الفلسطينية ودورها في الانتفاضة. ومن هذه العناوين على سبيل المثال "مطلقة فلسطينية تفجر نفسها"! ففكرت بالتريث قليلاً علّني اجد تفسيراً، او ربطاً منطقياً، وأكون موفقاً بحل هذا اللغز المحيّر، او الحكمة من تقديم خبر استشهادية بهذه الطريقة. وما زلت حتى اللحظة حائراً لا اجد من يسعفني، ويأخذ بيدي، ويخلصني من حيرتي. فرأيت من الافضل ان ألجأ الى القارئ الكريم ربما اجد ضالتي لديه. لذا اقدم تعليقي هذا القائم على الكثير من التساؤلات. ومنها على سبيل المثال لا الحصر: هل يريد اعلامنا العربي تجريد هذه الفتاة الفلسطينية من احساسها بالانتماء الى قضيتها وهي التي عايشت ابشع المجازر الصهيونية في حق ابناء شعبها من خلال عملها التطوعي في الهلال الأحمر الفلسطيني حيث كانت تشاهد الجثث المشوهة والمقطعة الى اشلاء والمحترقة والمتفحمة؟ ألم يشاهد العالم والدتها وبقية افراد اسرتها وهم يروون تفاعلاتها وردود فعلها على ما كانت تشاهده يومياً من هذه الفظائع الصهيونية الوحشية؟ هل وصل الرأي العام العالمي الى درجة مشاهدة هذه الصور في شكل روتيني ممل؟ وعلى ضوء ذلك، وبعد تجريد وفاء من حسها الوطني، يمكننا الاستنتاج من دون عناء التفكير ومشقة التأويل، ان الطلاق دفع بهذه "المطلقة الفلسطينية" الى تفجير نفسها والتخلص من حياتها البائسة والكئيبة لأنه لا حياة مع الطلاق في مجتمع يضع المطلقة، في غالب الاحيان، موضع الاتهام لتجد في الموت خلاصاً لها من هذه التعاسة. في الزمن الذي لم يعد للاستهجان والاستغراب مكان ربما يفاجئنا اعلامنا العربي بخبر مفاده انه تم وضع المطلقات الفلسطينيات على قائمة الارهاب. ولا بد حينئذ من اتخاذ الاجراءات الامنية المشددة، والتدابير الاحترازية، ومراقبة المطلقات خشية وقوع عمليات استشهادية، عفواً "عمليات انتحارية احتجاجاً على حياة المطلقات المملوءة بالمرارة والكآبة". الرياض - زياد مشهور مبسلط كاتب وشاعر فلسطيني