بيروت - "الحياة" - يبدأ اليوم العدّ العكسي لالغاء الحماية القانونية عن الوكالات الحصرية من خلال مشروع القانون الذي سيقرّه مجلس الوزراء في جلسته الاسبوعية في ظل توافق بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري مدعوم من الوزراء. وفي معلومات "الحياة" ان لحود أيّد من حيث المبدأ مشروع القانون وأكد في اجتماعه مع الحريري ليل الأحد الماضي دعمه هذه "الخطوة الجريئة". ونقل وزراء عن لحود قوله ان والده المرحوم جميل لحود هو أول من طالب بالغاء الحماية عن الوكالات الحصرية يوم كان نائباً ووزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية في الستينات لما لهذا الاجراء من دور فاعل في كسر الاحتكار من خلال توسيع رقعة المنافسة لضمان خفض الاسعار. وأكد الوزراء ان لحود أبلغهم صراحة تأييده هذه الخطوة ودعوته الى تحصينها منذ البداية بتلافي كل الثغرات خصوصاً بالنسبة الى الحفاظ على الجودة والنوعية لقطع الطريق على من يحاول استغلالها بغية التقليل من تأثيرها الاجتماعي والمعيشي على اللبنانيين عموماً. ولفتوا الى ان لحود استمع على امتداد الايام الاخيرة الى الفاعليات الاقتصادية والتجارية، وبعضها أبدى معارضته لالغاء الحماية بذريعة الخوف من التفريط بالجودة والنوعية وانه شدد أمامهم على ان الحكومة جاهزة للحوار والاستماع الى ملاحظاتهم. وأكد الوزراء ان هاجس رئيس الجمهورية الوحيد يكمن في استيعاب رد الفعل شرط عدم التراجع عن الخطوة. وأشاروا ايضاً الى ان لحود يعتقد بأن في استطاعة الحكومة من خلال الوزارات المعنية المراقبة والتشدد حيال نوعية البضائع والقيام بدور أساسي شرط تفعيل الادارات. ورداً على سؤال، استبعد الوزراء بروز معارضة في مجلس الوزراء لالغاء الحماية، وعزوا السبب الى ان المشروع مدعوم من رئيسي الجمهورية والحكومة ونائبه عصام فارس وعدد من الوزراء المنتمين الى حركة "امل"، واحزاب التقدمي الاشتراكي والسوري القومي الاجتماعي والبعث اضافة الى وزراء أساسيين في مقدمهم سليمان فرنجية والياس المر ونجيب ميقاتي وعبدالرحيم مراد. وكشف الوزراء عن ان أكثر زملائهم أكدوا موافقتهم على دعم المشروع لكنهم أبدوا بعض المخاوف المتعلقة بالجودة والنوعية. وقالوا ان اي معارضة أو تحفّظ على المشروع من بعض الوزراء لن يأخذ طابعاً سياسياً أو يُفسّر على أنه دليل على وجود انقسام في العمق ما دامت الكتل النيابية الاساسية داعمة له. ورأوا ان أي معارضة ستظهر في جلسة مجلس الوزراء، ستبقى في حدود تسجيل المواقف ولن تعيق إحالة المشروع على المجلس النيابي، خصوصاً أنه يحظى بتأييد شعبي، مشيرين الى ان لمعارضيه أو المتحفظين عليه اعتبارات خاصة "لسنا في وارد الدخول في تفاصيلها". وكانت طرحت فكرة تشكيل لجنة وزارية لدراسة الموضوع الا ان الحريري رفض أي صيغة للتأجيل، معتبراً ان النقاش يتم في مجلس النواب. وكانت غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجمعية تجار بيروت أشارت الى أضرار عدة للمشروع ودعت المجلس الى تأجيل البت به. والتقى الحريري امس، وفداً من نقابة الصيادلة برئاسة غسان الأمين الذي اكد ان النقابة "لا تمانع المنافسة التي تؤدي الى خفض الاسعار شرط ألا تتعارض اجراءات الغاء الوكالات الحصرية مع نوعية الدواء وجودته". ونقل عن الحريري تأكيده أنه لن يسمح بدخول أي دواء الى لبنان الا من خلال المصنع المسجل في وزارة الصحة والموافق عليه من اللجنة الفنية، مشيراً الى ان النقابة "كانت تتمنى ان يكون هناك سعر واحد للدواء ولا تخضع هذه العملية للمنافسة بين الصيدليات". كما نقل الأمين عن الحريري وعده بألاّ يسمح لأي مؤسسة ببيع الدواء الا اذا كانت مكتملة الشروط القانونية في اشارة الى المؤسسات التجارية التي تتعاطى بيع الدواء تحت اسماء مستعارة كمؤسسات خيرية. والتقى الحريري وفداً من جمعية تجار جونية أيّد الغاء الوكالات الحصرية. واعتبر وزير الطاقة محمد بيضون المشروع انه "من أهم الخطوات التي تقدم عليها الحكومة". واشترط ان "تكون الخطوة التالية اصدار قانون مكافحة الاحتكار". وأعلن وزير التربية عبدالرحيم مراد من النبطية ان هناك "شبه إجماع على تنفيذ قرار وقف الوكالات الحصرية". واعتبر النائب مصطفى سعد "ان الغاء الوكالات الحصرية يبقى دعسة ناقصة إذا لم تستتبعها إجراءات حماية للصناعة الوطنية". واعتبر النائب بطرس حرب "ان الخشية الكبرى هي من لجوء الحكومة الى بعض التدابير غير المدروسة والمستعجلة لتخدير الرأي العام ببعض الشعارات والاطروحات والافكار الجذابة". وأبدى قلقه من ان تؤدي هذه التدابير الى "فقدان فرص عمل كانت متوافرة في ظل وجود شركات تجارية تحتاج لترويج المنتجات التي تمثلها". ودعا الحكومة الى "عدم الاستعجال في إقرار هذا المشروع". ووصف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مشروع الغاء الوكالات الحصرية ب"الخطوة الشجاعة" وأكد دعم الكتلة له. ورأى النائب نبيل البستاني بعد لقائه البطريرك الماروني نصرالله صفير "ان إلغاء الوكالات الحصرية سيؤثر سلباً على لبنان لأن الشركات الكبيرة ستدخل الى السوق وستحل محل الشركات اللبنانية". وأمل النائب محمد الصفدي "ألا يجري استبدال احتكار بآخر". ورأى الحزب الديموقراطي اللبناني برئاسة الوزير طلال ارسلان في الخطوة "تأكيداً لغياب الخطة الاقتصادية الواضحة المعالم". واعتبر السفير سيمون كرم ان "مأزق افلاس المالية العامة وغرق البلد في الديون هما النتيجة الحتمية للنهب المنظّم لموارد الدولة". وقال: "ان واجب المعارضة دفع اركان السلطة الى التنازل الطوعي عن مصالحهم لوقف الاندفاع صوب الهاوية". وأعرب حزب الكتلة الوطنية برئاسة العميد كارلوس اده عن خشيته من "أن تكون الخلفية السياسية وراء الالغاء ضرب شركات الاعلان التي تشكل الوكالات الحصرية مصدراً أساسياً لعملها". بولس: نهاية الاعلان المبدع وأعرب الرئيس العالمي المنتخب للمنظمة الدولية للاعلان، جان كلود بولس عن خشيته من ان "يسبب الغاء الوكالات الحصرية نهاية مهنة الاعلان المبدع في لبنان". وقال بولس في كلمة ألقاها بعد ظهر امس في غداء تكريمي لرئيس الاتحاد العالمي للمعلنين انطوني كروتزيس، في حضور وزير الاعلام غازي العريضي، انه "من دون معلنين لا اعلان، ومن دون شركات اعلان لا ابداع ولا شركات انتاج وتصوير وتمثيل وموسيقى، ومن دون وسائل الاعلام لا تواصل مع المستهلك ولا تسويق ولا تجارة وصناعة وبالطبع لا معلنين". وأكد بولس الذي سيصبح رئيساً للمنظمة الدولية للاعلان في أيار مايو المقبل "حرية الاعلان في جو اقتصادي حر بعيداً عما يحاك هنا وهناك حول الحصريات الاقتصادية". يذكر ان شركات الاعلان من الهيئات المعارضة لمشروع الحكومة رفع الحماية عن الوكالات التجارية الحصرية. الى ذلك، منعت القوى الأمنية سائقي حافلات صغيرة يعملون على خط بيروت - صيدا - صور من الوصول الى المجلس النيابي للاحتجاج على قرار صادر عن بلدية صيدا بمنعهم من دخول المدينة، ما اعتبروه إضراراً بكسب قوتهم، وتحدثوا عن تمييز يطاولهم لمصلحة شركة نقل خاصة في صيدا. وكانت اتخذت في ساحة رياض الصلح تدابير أمنية مشددة، دفعت بالسائقين الى الاكتفاء بالاحتجاج في الساحة ورفع بعضهم علم حركة "أمل".