تحتفل مصر بمرور مئة عام على تشييد المتحف المصري البوابة الرئيسة لدخول عالم مصر القديمة واكتشاف كنوز حضارة سبعة آلاف عام بما يحتضنه من آلاف القطع الأثرية التي تحكي قصة الفراعنة. وتبلغ الاحتفالات ذروتها في 11 كانون الأول ديسمبر الجاري خلال حفلة يخرجها وليد عوني ويحضرها مدعوون من مصر والخارج سيدخلون المتحف وسط صفين من مئتي جندي مرتدين طرابيش حمراَ وزياً أزرق داكناً هو الزي الذي كان يرتديه عناصر الجيش المصري في العام 1902. ويُحاط مبنى المتحف بإضاءة الليزر من جهاته الأربع، وسيتخدم اسقاطات ضوئية على الحائط الكبير المواجه للخيمة الاحتفالية التي تقام في حديقة المتحف ويستخدم كشاشة عرض تصل مساحتها الى 300 متر مربع لعرض الكنوز الاثرية من قاعات المتحف الداخلية. وستُعزف داخل الخيمة مقطوعات موسيقية لأوركسترا القاهرة السيمفونية، ومن ثم سيعرض فيلم تسجيلي مدته 30 دقيقة أعدته الجمعية الجغرافية الاميركية عن كنوز المتحف. ويتضمن الاحتفال عرض 250 قطعة أثرية من الكنوز التي لم يشاهدها زائر من قبل والتي استعادتها مصر من الخارج، إلى جانب ثلاثة تماثيل معدنية رممت بالتعاون مع ألمانيا منها تمثالان للملك ببي الأول مؤسس الأسرة الخامسة، وثلاثين تمثالاً ذهبياً وفضة وبرونزياً ترجع الى العصور اليونانية والرومانية. وسيعرض أيضاً تمثال لكاتب من الحجر الجيري الملون يعود إلى عصر الدولة القديمة 3500 - 2800 قبل الميلاد اكتشف العام 1963. وسيشمل العرض 24 تمثالاً استردت من ايطاليا ونموذجاً لمقبرة من عصر الأسرة السادسة والعشرين 666 - 524 قبل الميلاد. وسيقام على هامش الاحتفالية معرض للصور الفوتوغرافية التي تروي تاريخ المتحف أمام الجمهور بينها صورة للخديوي عباس حلمي الثاني وهو يضع حجر الأساس لبناء المتحف في العام 1897 وأخرى وهو يقطع الشريط في العام 1902 في افتتاح المبنى الذي صممه المهندس المعماري الفرنسي مارسيل دورنيون. وقد اعيد ترميم القبر الرخامي في حديقة المتحف لمؤسس المتحف القديم الفرنسي أوغست مارييت 1821 - 1881. ويذكر أن المتحف كان يضم نحو 36 ألف قطعة أثرية عند تدشينه العام 1902، وبات عددها اليوم 160 ألف قطعة من عصر ما قبل التاريخ حتى الحقبة اليونانية - الرومانية، ويعرض في المتحف حاليًا ثلث القطع الاثرية الموجودة داخله نظرًا الى ضيق المكان. وللمتحف المصري قصة تاريخية منذ حكم محمد علي باشا 1805 - 1849 مصر، إذ بدأ استراتيجية سياسية جديدة على نطاق واسع اساسها انفتاح مصر على العالم العربي. وفي العام 1835 أصدر محمد علي مرسوماً يقضي بإنشاء مصلحة الاثار والمتحف المصري، واسند ادارة تلك المصلحة الى يوسف ضياء أفندي وبإشراف الشيخ رفاعة الطهطاوي 1801 - 1873 ونجح في توعية الرأي العام بقيمة الاثار وامر بإصدار قرار في 15 آب اغسطس في العام نفسه بمنع التهريب والاتجار في الاثار المصرية الى الخارج، بل وضرورة صونها. وكان مبنى المتحف المصري في ذلك الوقت يطل على ضفاف بركة الازبكية، ثم أُلحق بمدرسة الألسن، وبعد ذلك بدأ يوسف ضياء افندي الذي تولى منصب الإشراف على المتحف التفتيش عن آثار مصر الوسطى التي كان يعثر عليها الفلاحون عند نقلهم للسماد من الاكوام الاثربة. وفي العام 1848 كلف محمد علي لينان بك وزير المعارف بوضع بيان شامل بالمناطق الاثرية وارسال المهمة الى المتحف المصري. وتوقف العمل بوفاة محمد علي العام 1849. وتطورت الأمور الى ان وافق الخديوي سعيد على انشاء مصلحة للاثار المصرية في العام 1858. وباكتشاف مجموعة من الجواهر والحلي والاسلحة المهمة جداً في منطقة "دراع ابو النجا" في طيبة تحمس الخديوي سعيد لإنشاء متحف الآثار في بولاق، وبني في عهد الخديوي اسماعيل. وافتتح للزيارة للمرة الاولى العام 1863 لكنه تعرض لفيضان النيل العام 1878 ما أدى الى البحث عن مقر دائم للمتحف ذي قدرة فائقة على استيعاب مجموعة أكبر من الاثار وفي الوقت نفسه يكون بعيداً من مسار الفيضان، وفي كانون الثاني يناير 1890 كان المتحف الجديد جاهزاً للافتتاح بتصميم الفرنسي مارسيل دورنيون. وبدأ حفر المبنى العام 1897 وأنتهي من عمليات نقل الاثار إلى المتحف الجديد في 13 تموز يوليو 1902، وفي 15 كانون الثاني من العام نفسه افتتح المتحف المصري رسمياً.