جرت العادة منذ العام 1992 على تكريس ثاني أحد من كل شهر كانون الأول ديسمبر موعداً لتظاهرة طفولية أطلقتها منظمة "يونيسيف" تحت عنوان "يوم الأطفال العالمي للبث" ICDB. حدث قوامه إبداعات طفولية وأبطاله صغار يتحوّلون سنوياً في هذا اليوم إلى مراسلين صحافيين، منتجين وكتاب، يروون حكاياتهم الخاصة بعيداً من القيود التي يفرضها الإذاعيون الكبار. تقديراً لما قدم في هذه الحملة منذ انطلاقتها، وبعدما بلغ عدد تغطياتها 2000 برنامج نافست برامج الكبار العالمية، يخصص الملحق للمناسبة أربع صفحات تولى تحرير أخبارها وتقديم مادتها أطفال من "محترف إبريق الزيت" في لبنان حازوا العام الماضي شهادة تقدير من برنامج الأممالمتحدة للتنميةUNDP لنشاطات الأطفال. رسوم الملف ليارا مروه 10سنوات، فراس فاضل 13 سنة، سارة حمادة 12 سنة، منى الخطيب 6 سنوات لمناسبة يوم "البثّ العالمي"، توجّه نحو عشرة أطفال من محترف "إبريق الزيت" الى بيت الأممالمتحدة وأجروا حديثاً مع ممثل صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة، أكرم براردنش. خلال اللقاء، شدّد براردنش على ضرورة تطبيق برنامج "نشر الوعي حول الألغام" باعتبار أن الأطفال هم الأكثر عرضةً للإصابة بالألغام ووصف عمالة الأطفال ب"العيب الكبير". الى ذلك، أكد أنّ منظمة الأممالمتحدة تعمل على تطبيق شرعة حقوق الطفل في مختلف دول العالم. فاطمة بزي: هل تستطيع أن تعرف عن نفسك؟ - أكرم: أكيد، اسمي أكرم براردنش وأنا ممثل اليونيسف في لبنان. أعمل في الأممالمتحدة منذ 30 سنة وقد عملت في هذه المنطقة الشرق الأوسط من قبل وهذه هي الجولة الثانية في تعييني. ميرا فاضل: من كتب إتفاقية حقوق الطفل ؟ وهل هناك بند في اتفاقية حقوق الإنسان تخول البالغين كتابة حقوق الأطفال؟ - أكرم: إتفاقية حقوق الإنسان كتبها مفوضو الدول التي كانت تنادي بحقوق الطفل، منها دول أوروبية - أفريقية ودول عالمثالثية. ليس في شرعة حقوق الإنسان ما يحدد من يجب عليه كتابة إتفاقية حقوق الطفل، ولكن بحسب معلوماتي لا أعتقد أن المستفيدين يقومون بكتابة شرعتهم وحدهم. فالأممالمتحدة لم تختبر ذلك بعد، أي أن يقوم الأطفال بكتابة شرعتهم. لكن أعتقد أنه انجاز عظيم أن يقوم بالغون يؤمنون بالديموقراطية والعدالة وحقوق الأطفال بالتفكير وكتابة شرعة كهذه. رنا حمادة: هل هذا يعني أنه لم يشارك أي طفل في كتابة هذه الشرعة؟ - أكرم: كان هناك بعض ورشات العمل والاجتماعات مع الأطفال. ليس من الممكن جمع كل أطفال العالم، فوقع الاختيار على بعض الأطفال. سناء راضي: من أي بلدان تم اختيار الأطفال؟ - أكرم: من كل البلدان تقريباً. كل بلد استشار أطفاله. لم يتم تنظيم جلسة عامة لجميع الأطفال، بل قام كل مفوض بالاستشارات اللازمة في بلده. سارة حمادة: ماذا تعني في رأيك إتفاقية حقوق الطفل للأطفال خصوصاً أنها تتوجه الى الإنسان في شكل عام أيضاً؟ - أكرم: إن اتفاقية حقوق الإنسان هي أقدم شرعة حقوق في العالم. وقد شكلت أسس الأممالمتحدة اليوم. وارتأى الاختصاصيون والكتاب المعنيون بهذه الشرعة أخذ هذه الشرعة خطوة أبعد وتطبيقها على الأطفال والنساء. ومن هنا انبثقت شرعة حقوق المرأة والطفل. فكل الشرعات مرتبطة ببعضها لأنها تتعلق كلها بحقوق الانسان. الأطفال هم أطفال في هذا العالم، صوتهم غير مسموع. والناس الذين كتبوا الشرعة أرادوا إيصال صوت الأطفال. كذلك اليونيسف. هذه السنة جرى اجتماع للشباب Youth Forum في الأردن ودكار وسيجرى اجتماع عالمي للشباب في نيويورك Global Youth Forum . هناك جلسة خاصة في هذا المؤتمر، تأجلت حتى أيار مايو، ستكون مركزة حول أمور الأطفال. منذ عشر سنين، كان من المستحيل التفكير بهذه الأمور. هذه الشرعة فتحت المجال لهذه الأمور كي تحدث. والآن جاء دوركم لتسألوا لِمَ لمْ تتم استشارة الأطفال. وهذا لم يكن ممكناً لو لم تكتب هذه الشرعة وتروج. هذه بداية عظيمة والآن سنترك هذه الراية لكم وستحمِّلونها لأطفالكم وربما تسألونهم رأيهم وتستشيرونهم وتكتبون شرعة أفضل. فراس فاضل: ما هي النشاطات التي تقوم بها اليونيسف حالياً في لبنان لتطبق بنود شرعة حقوق الطفل، بخاصة البند المتعلق بعمالة الأطفال؟ - أكرم: عمل اليونيسف في لبنان المتعلق بشرعة حقوق الطفل بدأ قبل توقيع الشرعة والمصادقة عليها. بدأت اليونيسف بالترويج للشرعة في لبنان ليقوم بتوقيعها وذلك من خلال حملات تعريف بالشرعة وتشجيع الحكومة والبرلمان للاطلاع على بنود الشرعة والقوانين الأخرى المتعلقة بها وإيجاد صيغة لاعتمادها. إضافة إلى ذلك، قامت اليونيسف بنشاطات عدة، مؤتمرات، ورش عمل، ودورات تدريبية لتعريف الناس بماهية شرعة حقوق الطفل. ثم أعدت كتباً مدرسية لتعليم الأطفال ماهية حقوقهم. وقد دربنا المعلمين في المدارس ليعلموا الأطفال منذ سن مبكرة عن حقوقهم. نحن الآن بالتعاون مع وزارة الثقافة والتعليم نسعى الى تعميم هذا التعليم على كل المدارس في لبنان. نقوم بتدريب أستاذ من كل مدرسة ونسعى لإعطاء كل طفل كتباً عن الشرعة. صممنا أيضاً كتاباً للأهل لإرشادهم إلى كيفية التعامل مع بنود الشرعة. كما اتصلنا بالمسارح التي تمثل بنود الشرعة واحداً تلو الآخر للأطفال الصغار جداً فيستطيع هؤلاء عبر اللعب التعلم عن هذه الشرعة. وهناك نشاطات عدة أخرى نقوم بها في هذا الخصوص. أخيراً، في ما يتعلق باليونيسف، ابتداءً من سنة 2002 ستكون مرتكزة على الحقوق، أي أن كل البرامج ستكون متعلقة ببنود شرعة حقوق الطفل. هاجر هاشم: هل تعتبرون أن أي عمل يقوم به الأطفال ويتقاضون أجراً في مقابله من ضمن عمالة الأطفال؟ وما هو العمر المحدد الذي يسمح بعده للأطفال بالعمل؟ - أكرم: عمالة الأطفال هي عيب علينا كلنا، عيب كبير. مكان الأطفال ليس في المعامل، أو في السوق بل مكانهم وبحسب الشرعة حتى عمر 18 سنة هو المدرسة وليس معمل السيارات أو الميكانيك. لكن للأسف هذا يحدث والواقع هو الواقع، وليس كل الأطفال باستطاعتهم البقاء في المدرسة لأسباب عدة، اقتصادية واجتماعية. فالطفل يترك المدرسة ليذهب ال العمل. يجب تشجيع الأهل والمدرسة على ترك الأطفال أكبر مدة ممكنة في المدرسة. ما جرى عمله في لبنان لتطبيق شرعة حقوق الطفل هو تذكير الحكومة بأن هناك أطفالاً يعملون في ورش السيارات والميكانيك ومجالات عدة أخرى. فقامت الحكومة في هذا الإطار بإقرار قانون يمنع الأطفال من العمل تحت سن 14 سنة. ما معناه أن عمر ال14 هو عمر مقبول لعمل الأطفال في لبنان، لكن هذا ليس مقبولاً بالنسبة الينا للأسف. اليونيسف حالياً تساعد البلديات والحكومة لتنظيم برامج خاصة للأطفال العاملين للاستمرار في تعليمهم القراءة والكتابة ليقوموا بأعمالهم في شكل أفضل. تم الاتفاق مع وزارة العمل على منح الأطفال الذين يدخلون هذا البرنامج الخاص شهادة كفاية لينتقلوا إلى صفوف أعلى وعمل أفضل وأجر أفضل. كذلك نحاول الضغط من خلال المفتشين في مكان العمل، لأن الأطفال يجب ألاّ يقوموا بأعمال شاقة وفي أماكن تعرض نموهم وصحتهم للخطر. مثلاً، هناك الكثير من الأطفال الذين يعملون في ورش دهان السيارات وهذه أعمال خطرة لأن تنشق الدهان يؤذي الرئتين ولذلك فهذا العمل ممنوع. وهناك مجالات أخرى شبيهة نحاول منع عمالة الأطفال فيها لأنها تؤثر سلباً في نمو الأطفال السليم. علي زريق: هل الأعمال الشاقة محددة في اتفاقية؟ - أكرم: نعم، ولكن ليس في اتفاقية حقوق الطفل. نحن نعرف ما هي. مثلاً، في ورش ميكانيك السيارات يطلبون من الأطفال حمل أوزان ثقيلة وهذا ليس جيداً لصحتهم. وكذلك تحديد ساعات العمل اليومية. هناك الكثير من الأعمال الشنيعة التي يتعرض لها الأطفال فنحن نحاول تنظيم هذه الأعمال قدر المستطاع. فاطمة بزي: ما هي الجهود التي تبذلها اليونيسف بخصوص مشكلة الألغام في الجنوب والبقاع الغربي، بخاصة ما يتعلق بنشر الوعي حول الألغام ومساعدة الضحايا؟ - أكرم: منذ الانسحاب الاسرائيلي، بدأت اليونيسف العمل في برنامج نشر الوعي حول الألغام. نحن كمنظمة لا نستطيع نزع الألغام. لسنا مسؤولين عن ذلك. لكن ما هو مطلوب منا من اللجنة العمومية للأمم المتحدة ومن المجتمع الدولي وليس فقط في لبنان هو نشر الوعي عن الألغام واخبار الناس ماذا يجب أن يفعلوا وألا يفعلوا. كما نعلم كلنا، هناك ألغام في الجنوب والبقاع الغربي وفي أماكن أخرى في لبنان. لذلك هناك برامج خاصة لنزع الألغام ومهمتنا تكمن في مساعدة الدولة والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأخرى لترويج برنامج الوعي عن الألغام الذي يعطي المعلومات الصحيحة للطفل والمجتمع لكي يتجنب الألغام في المنطقة، وفي حال تم إيجاد لغم ما هي الخطوات التي يجب اتباعها. في هذا الخصوص، ننظم جلسات توعية عن الألغام على مستوى المجتمع بالتعاون مع منظمات عدة غير حكومية. كما نظمنا برنامج توعية عن الألغام في المدارس منذ 3 أشهر. لكن للأسف وجدنا أنه ليس باستطاعتنا الاستمرار من دون كتيب تعليمات. فقمنا سريعاً بإعداد كتاب مدرسي، كتب تلوين للصغار للفت انتباههم وكذلك روزنامات كتب على صفحتها الأخيرة معلومات عن الألغام. وكذلك أصدرنا أفلاماً بعضها واقعي والآخر ممثل لاختراع حال انفجار وعرض ما يجب القيام به في هذه الحال. رنا حمادة: ماذا عن مساعدة الضحايا؟ - أكرم: العائلات التي تعاني هذه المأساة تتصل أولاً بالصليب الأحمر اللبناني. وبعد استيفاء الجانب الطبي أو شفاء الجروح نتدخل مع منظمة الصحة العالمية لمعالجة الجانب الاجتماعي فنتبادل المعلومات في ما بيننا وبالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية. أحياناً، يكون المصاب بالغاً أو رب العائلة ربما يصاب بإعاقة ما تمنعه من العمل مجدداً فنساعده على الانخراط مجدداً في المجتمع وربما نمنحه قرضاً صغيراً ليستطيع استعادة حياته. كذلك هناك منظمتان غير حكوميتين في البقاع واثنتين أخريين في النبطية وصيدا نساعدها عبر مدها بالمواد اللازمة لصنع أطراف اصطناعية وندربها على إعادة التأهيل الجسدي للمصابين. مثلاً، إذا سار أحدهم فوق لغم وفقد إحدى يديه أو رجليه تستطيع هذه المنظمات تركيب أطراف اصطناعية له ومساعدته على التعود عليها وهذا ليس سهلاً أبداً. ميرا فاضل: عدا النشاطات التي تقومون بها في يوم الأطفال العالمي، ما هي النشاطات الإعلامية التي تقومون بها للأطفال؟ - أكرم: من البديهي أن نولي يوم الأطفال العالمي الكثير من الأهمية. لكن لدينا الكثير من النشاطات طوال السنة وبخاصة في فصل الصيف ويستطيع الأطفال المشاركة من خلال المدارس. وهذه النشاطات متعلقة بالأطفال في شكل مباشر. لكن عمل اليونيسف بالإجمال متعلق بالأطفال. مثلاً قريباً سننتج سلسلة من 15-16 حلقة مخصصة لمحطة تلفزيونية واحدة سنتحدث فيها لمدة ساعة عن صحة الأم ووفيات الأمهات. فكما تعلمون الكثير من الأطفال يموتون عند الولادة وأحياناً يتم انقاذ الأم على حساب المولود وهذه مأساة للعائلة والأم التي تحمل فترة تسعة أشهر لتلد طفلاً يموت فوراً أو بعد ساعات قليلة. لذلك نحاول ترويج برنامج بهذا الخصوص. كما لدينا برامج عدة أخرى عن الصحة مثل الحوادث. وهذا برنامج مفيد جداً نحضره بالتعاون مع وزارة الصحة والمنظمات غير الحكومية والبلديات حول حوادث الأطفال الرضع التي من الممكن تجنبها. والأمثال على ذلك كثيرة، مثلاً: الكهرباء، أواني المطبخ، ترك الباب مفتوحاً. سارة هاشم: السؤال الأخير، الولاياتالمتحدةوالصومال الدولتان الوحيدتان اللتان لم توقعا على شرعة حقوق الطفل، لماذا؟ هل تقوم الولاياتالمتحدة، الدولة العظمى، باحترام حقوق الطفل؟ - أكرم: سأجيب عن السؤال الثاني أولاً، نعم الولاياتالمتحدة تحترم حقوق الطفل وتقوم بتطبيقها. أما عن توقيع الاتفاقية فقد قامت الولاياتالمتحدة بتوقيع اتفاقية حقوق الطفل لكنها لم تصادق عليها بعد، لأن في دستورهم بنود يجب معالجتها قبل توقيع الاتفاقات الدولية. فشرعة حقوق الطفل ليست الوحيدة بل هناك الكثير من الشرعات التي لم توقعها حتى الآن. لكن هذا لا يعني أن الولاياتالمتحدة لا تلتزم بنود شرعة الطفل، على العكس بل يقومون بتطبيقها. أما في الصومال، فسبب عدم التوقيع يعود الى عدم وجود حكومة أو جهة ديموقراطية معينة تستطيع توقيع الشرعة باسم الشعب الصومالي والتصديق عليها. كما ليس لديهم برلمان. إذاً في الواقع الصومال هي الدولة الوحيدة التي لا تطبق هذه الشرعة. ملف أعده ياسر مروة