توقع ديبلوماسي رفيع المستوى "تحولاً مهماً" في موقف موسكو من الملف العراقي في حال توقيع برنامج للتعاون مع بغداد قيمته 40 بليون دولار، لكن خبيراً روسيا قال ان الكرملين لا يرغب في "اغاظة" واشنطن في الوقت الراهن. وكان العراق عرض على روسيا برنامجاً طويل الامد للتعاون الاقتصادي يتضمن تنفيذ 67 مشروعاً في قطاعات مختلفة قدرت قيمتها الاجمالية بين 40 و60 بليون دولار على ان تنفذ في غضون عشر سنوات بعد رفع العقوبات. واعلن الجانب العراقي الصيف الماضي ان البرنامج سيوقع على مستوى رفيع في بغداد اواسط ايلول سبتمبر الا ان الاعتراضات والضغوط الاميركية جعلت موسكو ترجئ التوقيع ثم "تجمد" المشروع. واعاد نائب وزير الخارجية الكسندر سلطانوف التذكير بالبرنامج حديثاً، مؤكداً انه تم مبدئياً الاتفاق عليه. لكنه رفض تحديد موعد لتوقيعه. وقال ديبلوماسي رفيع المستوى ل"الحياة" ان روسيا ستتخذ قراراً في هذا الشأن "ربما في غضون اسبوع". واوضح ان توقيع البرنامج سيكون "تحولاً مهماً" كونه يؤشر الى ان موسكو تبني حساباتها على تضاؤل احتمالات الحرب. لكن خبيراً روسيا حذّر من "المبالغة في التفاؤل" مؤكداً وجود "صراع قوي" داخل القيادة الروسية. واشار الى تيار يدعو الى "الانتقال الى القارب الاميركي" وفي ضوء ذلك تدرس احتمالات مشاركة روسية في قوات دولية تنشر في العراق بعد انتهاء العمليات الاميركية. ويرى مناصرو هذا التيار ان مثل هذه المشاركة تكفل من جهة ابقاء الحل "ضمن اطر دولية" واخراجه من الدائرة الاميركية الواحدة، ومن جهة اخرى فان وجوداً عسكرياً سيؤمن مصالح روسيا في العراق. ويحظى هذا الموقف بدعم قوي من شركة "لوك اويل" التي كانت وقعت مع العراق عقوداً ب3.8 بليون دولار لاستثمار حقول "غرب القرنة" التي يمكن ان تعطي روسيا مردوداً يقدر بين 65 و70 بليون دولار. الا ان "لوك اويل" رفضت المباشرة في الاعمال التحضيرية ما دفع العراق الى وضعها على "القائمة السوداء" ويقول مسؤول نفطي تحدثت اليه "الحياة" ان رئيس هذه الشركة وحيد علي اكبروف اجرى اتصالات مع نائب وزير الطاقة الاميركي للاتفاق على ضمان مواقع الشركة في العراق "بعد التغيير"، وفي ضوء ذلك قاد حملة لاقناع القيادة السياسية بدعم الجهود الاميركية او على الاقل الكف عن الاعتراض عليها. وفي المقابل هناك مجموعة ضغط مؤيدة للعراق بينها شركات نفطية حكومية مثل "قات نفط" و"زاروبيجنفط" ومؤسسات متخصصة في مجال الطاقة الكهربائية كانت وقعت مع بغداد عقوداً ب1.2 بليون دولار، وهؤلاء جميعاً دفعوا في اتجاه دعم العراق، توقيع برنامج التعاون الطويل الامد. وعلى الصعيد السياسي تشجع المجموعة الاولى اجراء اتصالات مع المعارضة العراقية وبدأت فعلاً لقاءات في دمشق وطهران وواشنطن ولكنها حتى الآن كانت ذات طابع غير منتظم وتجري حالياً محاولات لاضفاء طابع جديد عليها الامر الذي اثار استياء بغداد من الموقف الروسي. وزاد من انزعاج القيادة العراقية ان موسكو لم تتحرك لتمديد برنامج "النفط للغذاء" على رغم انها كانت قدمت وعوداً بذلك.