لمْ تجئْ مثلما حلُمَتْ بكَ دنياكَ قَبْل انطفاءِ الدُّمى، واشتعالِ القرابينِ جئتَ سَماء من الشفَقِ القرمزي، وبرقِ المُحيطاتِ عريانَ كالشمس في رقصةِ الشمسِ/ مُختبئاً في مَعانيكَ، خَلْفَ زجُاجِ العُيونِ ومُنحنَياتِ المرايا مثلَ روحٍ بدائيةٍ، لبست شكلها الميت الحيَّ، ثمَّ مضتْ تتحسَّسُ غربتها في وجوهِ الضَّحايا مثلما انحفرت في عظامِكَ أطيافُ ماضيكَ مثل طيور الدُّجى الاستوائيِّ... مصطفّةً كلماتُك فوْق مقاعِدِها الحجريَّةِ شاخصةً فيكَ فاتحةً صدْرها للمنايا *** هُوَ ذا الطحلبُ الميتُ ينبتُ فوق السُّقوفِ/ وَيُزهرُ في الشرفاتِ وهَا هِي ذي صخرةُ المُنحنَى ترقبُ الموجَ فيكَ وتغرقُ مثلَك في لجَّة الذكرياتْ *** لم تعُدْ غيْرُ أذرعةِ الغَارقين وأشرعة السفن الجانحات تلوّحُ نائيةً والفضاءات مغلقة والعواصف تقتلعُ الصخرَ والبحرَ والصّلواتُ التي فقدتْ طهرها.. فقدتْ في السَّماءِ طهارتَها واستحالتْ حناجرَ مسكونةً بالدماء ومهْزلةُ الرَّاقصين، وأغلالُهمْ حول أعناقِهم، والمغنين في حُجراتِ البكاءْ *** - ربما لم تكنْ - رُبما كُنتَ غيركَ... في حيثما انكسرتْ جرَّةُ المجدِ في الشرقِ وانمسختْ آيةُ الله في الغربِ واندثرتْ بذرة الضوءِ في فجواتِ الزوالْ *** بعضُ شعركِ ما لم تعلِّقْه تعويذةً في الرِّقابْ ليصْحوَ في صوْتِك الميِّتونْ وما لَمْ تُنقِّطْهُ في قطراتِ السحابْ لينصهرَ النَّهرُ والسَّابحون وما هو معنى حضوركِ عند الغياب ومعْناك في الغيبِ عند حضورِ السؤال؟ *** بعضُ حبِّك ما هو مخضوضِرٌ مِثلُ وشمِ النَّبيِّين في كتفيكْ وما اختزنته عصورُ الكآبةِ في شفتيكَ وما هو سِرُّك في الآخرين ليصبحَ سِرُّك وقفاً عليْك وتصبح آلهة القبح فيكَ وعندكَ آلهةً للجمالْ *** بعْضُ حُزنِكَ أن الطُّقوسَ القديمةَ مَا فَتِئتْ هي ذاتُ الطُّقوسِ القديمةِ أضرْحةً مِنْ رُخَامٍ وبضْع عظَامٍ تُسيِّجُها حَدَقَاتُ العبيدِ وتَعُنو لها كبرياءُ الرِّجال وأشباحُ آلهةٍ تتصاعد نيرانُها في رؤوس الجبال *** بعْضُ سرِّكَ مَا لمْ يزلْ كامناً فيِكَ يُطلِقُ صرخَتَهُ في الأغاني ويحبسُ شهقَتَهُ في الجمُوعْ وقد يتحَّدرُ في مُقْلتيكَ ويركضُ في خُطواتكَ أو يستحيلُ جنوناً إذا غالبتْك الدموعْ *** بعضُ عُمركَ ما لمْ تعشْهُ وَمَا لَمْ تمُتْهُ وما لمْ تقُلْهُ وما لا يُقَال وبعضُ حقائق عصرِكَ أنكَ عصرٌ من الكلماتِ وأنكَ مُستغرقٌ في الخيال! المغرب - الرباط 29/11/2002