على رغم دعوة المرشد الجديد ل"الإخوان المسلمين" مأمون الهضيبي إلى فتح حوار مع الحكومة المصرية، تبدو الجماعة أنها اعتمدت سياسة تقوم على عدم التفريط بما يمكن الحصول عليه من مكاسب في محصلة صراعها مع الحكومة، فاعتبروا امس ان تولي الرئيس حسني مبارك رئاسة الحزب الوطني الحاكم مخالف للدستور. ومن جهتها تتمسك السلطات باسلوب صارم في التعامل مع "الاخوان"، اذ انهت نفوذهم تماماً في صحيفة "آفاق عربية" الاسبوعية التي تصدر بترخيص لمصلحة حزب الاحرار. وعمدت قيادة حزب الاحرار الشهر الماضي الى تقليل نفوذ الجماعة في الصحيفة، باقالة مدير تحريرها العضو في "الاخوان" بدر محمد بدر. وأكملت أجهزة الامن المهمة بالقبض امس على سكرتير تحرير الصحيفة عامر شماخ، ودهمت شركة خاصة يملكها في حي بولاق الدكرور تعمل في مجال التجهيزات الصحافية، وينتظر أن يمثل اليوم امام النيابة. وشهدت المحكمة الدستورية العليا أمس مواجهة بين الطرفين أثناء النظر في طعن قدمه رموز من الجماعة حوكموا العام 1995 أمام ثلاث دوائر قضائية عسكرية يتعلق بحق رئيس الجمهورية في إحالة المدنيين على محاكم عسكرية. وقدم محامو "الإخوان" مذكرة إلى المحكمة اعتبروا فيها أن "تولي الرئيس حسني مبارك رئاسة الحزب الوطني الحاكم يجعل من منحه حق إحالة المدنيين من المناهضين لسياسات الحزب على القضاء العسكري أمرًا مخالفًا للدستور". وطلب ممثل الحكومة مهلة للرد على مذكرة "الإخوان" وتعهد تسليم المحكمة أسانيد قانونية لدحض طلب الطعن في هذا الحق. وتضمنت مذكرة "الإخوان" نصوص مواد الدستور المصري التي ترى الجماعة أن منح رئيس الجمهورية حق إحالة المواطن على القضاء العسكري يمثل خرقًا لها، وبينها النصوص التي تشدد على ضرورة أن يحاكم كل مواطن أمام قاضيه الطبيعي. كما انه يمثل خرقاً للمواد التي تتعلق بالفصل بين السلطات على أساس أن تدخل رئيس الجمهورية بتحديد نوعية المحاكم التي سيحال عليها المتهمون في قضايا بعينها يعني تداخل الاختصاصات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. لكن أهم ما جاء في المذكرة ما ورد فيها من أن الدستور المصري الذي عدل عند الأخذ بالنظام الحزبي، وأقر مبدأ التعددية الحزبية لم يمنح اي رئيس حزب ميزة عن بقية رؤساء الأحزاب الأخرى. ومعروف أن السلطات المصرية ألقت العام 1995 القبض على أكثر من 80 من رموز "الإخوان" وأحالتهم على القضاء العسكري قبل أيام من الانتخابات البرلمانية التي أجريت في ذلك العام. وكان من بين من أوقفوا الدكتور عصام العريان والدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح والدكتور محمد حبيب. وحرم هؤلاء من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وهو أمر لفتت اليه مذكرة "الاخوان" الى المحكمة الدستورية امس اذ اعتبرت انهم احيلوا على القضاء العسكري عمداً حتى لا يترشحوا في الانتخابات ويفوزوا بمقاعد ينافسون عليها مرشحي الحزب الوطني الحاكم.