نجح "الجنرال ثلج" العنيد، بسلاح الغيم والجليد، في حماية موسكو من غزو نابوليون في القرن التاسع عشر، ومن جيش هتلر في القرن العشرين. فهل يعود الى ساحة الوغى مجدداً؟ يبدو ان الحرب المعلقة في سماء العراق، تحمل في سحبها الملبدة، الكثير من التكنولوجيا المتطورة. ولعل اول "الغيث"... قطرة! هكذا وحرفياً. ففي قاعدة "السيلية"، قامت مئة كومبيوتر بصنع مشهد اول حرب من نوعها في التاريخ. وبفضل تقنيات المحاكاة ركبت ساحة وغى، وخيضت معارك وتحركت صفوف دبابات وأرتال جنود. كل ذلك على الشاشات، وبفضل التقنيات الرقمية. وتقتضي المحاكاة معرفة دقيقة بالوقائع. وعلى سبيل المثال، اذا اردنا ان نقلد حركة يد، يتطلب الامر ان نعرف بدقة كيف تتحرك اليد الحقيقية، لكي تأتي حركة اليد الافتراضية التي يرسمها الكومبيوتر، مطابقة للواقع ومحاكية له. وتفترض كل الاسلحة الذكية هذه المعرفة الدقيقة بالوقائع. ولكن لماذا تخيب وتخفق، كما كان أمر ملجأ العامرية مثلاً؟ يرى فريق من خبراء الطقس في بريطانيا ان الصواريخ الذكية غالباً ما تخفق في حساب التقلب في حرارة الجو، ودرجة الرطوبة، واتجاه الرياح وسرعتها، وما الى ذلك. وتوصلوا الى هذا الاستنتاج، بعد دراسة موسعة لعدد من الحوادث في حروب مثل "عاصفة الصحراء" 1991 وكوسوفو 1999، وافغانستان 2001-2002. وحين استنفر رئيس الوزراء البريطاني قواته، شمل الامر فريقاً من اختصاصيي المناخ. ويسمى الفريق "موبايل اوفيس ميت"، ويبلغ عدده خمسة واربعين خبيراً، يقودهم البروفسور ستيفن نوييس. ويدرس هؤلاء احوال الطقس بدقة، استناداً الى نظام متطور من اجهزة الكومبيوتر. ويستقون معلوماتهم من مصادر متعددة. ومن الطريف انهم يعتمدون بقوة على المعلومات التي تصلهم من الاقمار الاصطناعية المخصصة للرصد الجوي، فيما هم يرون ان تقلبات المناخ تشوش على البث من الاقمار الاصطناعية، وان هذا التشويش من اسباب الاخطاء القاتلة للأسلحة الذكية! هل يقتصر امر تدخل جنرالات المناخ على مجرد الرصد، ام تمتد ايديهم الى اشياء اخرى؟ لقد باتت في جعبة هؤلاء "السحرة الحديثين" مواد تقدر على تبديد غيوم متجمعة او تجميع سحب خفيفة متناثرة. هل ستستخدم اسلحة كهذه في الحرب على العراق، اذا وقعت؟ هل تكون اول حرب فيها اساليب قتال مناخي؟