يقر المجلس المركزي ل"مصرف لبنان" المركزي، في اجتماعه الأسبوعي اليوم، التعميم التطبيقي لآلية مساهمة المصارف اللبنانية في خفض كلفة خدمة الدين العام بقيمة 400 مليون دولار سنوياً، عبر الاكتتاب في سندات خزينة خاصة بقيمة 4 بلايين دولار، أي ما يمثل 10 في المئة من إجمالي الودائع في القطاع المصرفي، بفائدة صفر في المئة ولمدة سنتين. وتنص الآلية، التي أقرها المصرف المركزي وجمعية مصارف لبنان في ساعة متأخرة من ليل الثلثاء-الاربعاء، على "اعتماد نسبة 10 في المئة من إجمالي الودائع بالليرة والعملات الأجنبية لدى المصارف وفقاً لموازناتها الموقوفة في 31 تشرين الأول اكتوبر 2002 كأساس لاحتساب مقدار مساهمتها". كما انها تقضي ب"توظيف المساهمة بسندات خزينة خاصة بالليرة من دون فائدة لمدة ستة أشهر، تُجدد تلقائياً لثلاث مرات متتالية على مدى السنتين المقبلتين، و، أو بسندات يوروبوند مصدرة في الأسواق العالمية من دون فائدة لمدة 24 شهراً". وتجيز الآلية أيضاً "الاكتتاب بهذه السندات بالليرة او بالعملات نقداً أو من طريق تسييل سندات من محفظتها بقيمتها الاسمية زائد الفوائد المستحقة حتى تاريخ تسييلها. وتحتسب هذه السندات من ضمن سيولة المصرف وتكون قابلة لعمليات الREPO لدى المصرف المركزي بفائدة صفر في المئة". وأكدت ان "هذا التدبير استثنائي"، أي انه غير قابل للتجديد. من جهته، قال نائب حاكم "مصرف لبنان"، ناصر السعيدي، ل"الحياة" ان "الإصدارات ستبدأ من الشهر الأول من السنة المقبلة، بمعدل 800 مليون دولار شهرياً، أي ما نسبته 2 في المئة من اجمالي الودائع". وأوضح ان "هذه السندات لن تزيد من حجم الدين العام، بل سيتم استبدالها بسندات دين بالليرة او بالعملات بفوائد مرتفعة". يشار الى ان هذا "التدبير الطوعي" الذي قررته المصارف اللبنانية يستكمل الخطوات العلاجية لأزمة المديونية العامة التي أُقرت في مؤتمر "باريس -2" الذي عقد أخيراً، فضلاً عن عمليات التسنيد والتخصيص التي تعِد لها الدولة اللبنانية، إضافة الى الإجراءات التي سينفذها "مصرف لبنان" للمساهمة في خفض كلفة خدمة الدين بما يوازي 560 مليون دولار سنوياً. وتمثل هذه الاجراءات اقتراحاً أُدرج في الفقرة 47 من الورقة اللبنانية الى "باريس -2" وتنص على الاتفاق بين "مصرف لبنان" والحكومة اللبنانية لإطفاء مبلغ يوازي 1.8 بليون دولار من أصل الدين العام من محفظته من السندات الحكومية من رصيد الحساب الخاص المنشأ بموجب المادة 115 من قانون النقد والتسليف الناجمة عن إعادة تقويم الذهب والقطع، ما يؤدي الى خفض كلفة الدين بقيمة 260 مليون دولار. ولفتت مصادر مطلعة الى ان تنفيذ هذا التدبير يستلزم طلباً من الحكومة اللبنانية. أما الإجراء الثاني فهو خفض الفائدة على السندات الحكومية المتبقية في محفظة "مصرف لبنان" وقيمتها 3،2 بليون دولار من 12 الى 4 في المئة، ما يؤدي الى وفر قيمته 300 مليون دولار. وتوقّع السعيدي ان "تؤدي هذه السلة من الإجراءات إضافة الى التسنيد والتخصيص وأموال باريس -2، الى خفض حجم الدين الى نحو 22 بليون دولار في نهاية 2003". ويشار الى ان قيمة الدين الصافي في نهاية 2002 تقدر بنحو 30.15 بليون دولار. وعن تأثّر ربحية المصارف، قال رئيس جمعية مصارف لبنان، جوزيف طربيه، ل"الحياة"، "ان الاقتصاد يحقق دفعاً جديداً نتيجة هذه الإجراءات، وما ستخسره المصارف على صعيد الفوائد، سيسترده من طريق الربحية الناجمة عن تحسن النمو الاقتصادي. وبالتالي فإن المصارف حققت ارباحاً رأسمالية بفعل تغيّر الجو الاستثماري المتمثل بارتفاع أسعار الأوراق السيادية الصادرة عن الدولة اللبنانية والمحمولة بجزئها الأكبر من المصارف". وأوضح "ان جزءاً ستتحمله سوق الودائع نتيجة انخفاض الفوائد عليها، فيما تتحمل المصارف الفروقات الباقية". وأكد طربيه ان "الآلية التي أُقرت ستساوي بين كل المصارف"، كاشفاً انه "تم التفاهم مع مصرف لبنان بأن تكون هناك معاملة خاصة للمصارف المتوسطة والصغيرة الحجم، في حال وُجدت صعوبات لدى أي منها".