يعقد وزراء دول "أوبك" اجتماعاتهم غداً في فيينا في ظل أوضاع دولية تحمل تساؤلات كبرى أزاء مصير دول نفطية أساسية بالنسبة إلى الأسواق العالمية، وخصوصاً بالنسبة الى الولاياتالمتحدة. وأهم هذه التساؤلات هل ستشن الولاياتالمتحدة حرباً على العراق ومتى. فالعراق دولة أساسية في "أوبك" وقدرتها التصديرية حالياً تفوق مليوني برميل من النفط في اليوم. لكن المشاكل القائمة مع لجنة العقوبات الدولية، والتوتر المستمر بين العراقوالولاياتالمتحدة، أدت إلى عدم استقرار في مستوى تصدير النفط العراقي. في الأسبوع الأخير بلغ تصدير النفط العراقي 4.1 مليون برميل في اليوم بعدما كان بلغ 7.1 مليون برميل في اليوم في الفترة التي تم خلالها التصويت على القرار 1441 في الأممالمتحدة. ويقول أحد وزراء "أوبك" إنه في حال تعرض العراق لحرب، فإن أسعار النفط سترتفع بشكل كبير في البداية ثم تعود وتنخفض. ولكن العراق ليس وحده موضوع تساؤلات. اذ تشهد فنزويلا، أكبر منتج للنفط في أميركا الجنوبية، أوضاعاً سياسية متقلبة وأجواء حرب أهلية بين الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز والمعارضة التي تتوسع يوماً بعد يوم، وقد أدى اضراب للعاملين في القطاع النفطي إلى انخفاض انتاجها إلى نصف مستواه الذي يبلغ حوالى 3 ملايين برميل في اليوم، حتى انه توقف كلياً امس. أما البلد النفطي الآخر الذي يشهد عدم استقرار سياسي مستمر وتوترات أمنية تستهدف المصافي أو القطاع النفطي فهو نيجيريا التي تحيط بمستقبلها أيضاً تساؤلات عدة. وبسبب الاضطرابات في هذه الدول النفطية، وفيما المخزون العالمي من النفط بمستوى منخفض، ستبقى الأسعار النفطية ضمن إطار آلية "أوبك" بين 22 و28 دولار للبرميل، إن لم تتجه إلى الارتفاع في حال استمر الشتاء في الغرب على قسوته الحالية. فدول "أوبك" زادت انتاجها أكثر من مليوني برميل في اليوم عن السقف الانتاجي الرسمي منذ اجتماع أوساكا الأخير حين قررت تجميد سقفها الانتاجي. لعل ضعف الاقتصاد الأميركي وتأثيره في العالم أثارا لدى البعض تخوفاً من احتمال انحسار الطلب على النفط، مما اقتضى ابقاء "أوبك" على سقفها الانتاجي من دون تعديل. لكن في ظل التطورات السياسية في العراقوفنزويلا وغيرهما، فإن رفع السقف الانتاجي الرسمي بحيث يكون أقرب إلى واقع العرض الذي يشكله انتاج دول "أوبك" الفعلي، قد يكون أفضل في أوضاع دولية متوترة. ورفع السقف الانتاجي بنحو 5.1 مليون برميل في اليوم من شأنه أن يشكل عامل طمأنة للأسواق. إلا أن هذا ليس من رأي الخبير النفطي العالمي روبير مبرو الذي يدير معهد دراسات اوكسفورد، الذي يعتبر أن من الأفضل تأجيل رفع السقف الانتاجي إلى أن تتضح الصورة بالنسبة الى ما سيحصل في العراقوفنزويلا. ويرى أنه خلال هذه الفترة يمكن دول "أوبك" أن تدرس بهدوء وعلمية، إعادة تحديد الحصص الانتاجية، كونها أصبحت حاجة ملحة ينبغي إعادة درسها. صحيح أن الخيارات المتاحة أمام "أوبك" خلال هذا الاجتماع صعبة، نظراً إلى عدم وضوح الرؤية السياسية في عدد من دولها، إلا ان مستوى أسعار النفط الحالية مناسب لها، اما عدم استقرار هذه الأسعار في ظل عناصر تجعلها عرضة لهبوط كبير أو لارتفاع كبير فيدعو إلى الإرباك ويصعّب القرار الذي تريد "أوبك" لن تتخذه.