استحقت حادثة قذف مشجعي فريق برشلونة نجم ريال مدريد البرتغالي لويس فيغو بكافة أنواع القناني المعدنية والبلاستيكية وحتى الزجاجية لدى تنفيذه ركلة ركنية في الدقيقة 74 من المباراة الأخيرة التي جمعت بين الفريقين في بطولة إسبانيا لكرة القدم، تسمية المشهد السوريالي الذي نتج في الدرجة الأولى من الفراق الأليم بين فيغو والنادي الكاتالوني قبل موسمين بعد قصة عشق "عاصفة". وعكس المشهد السوريالي بالتالي واقعًا أكثر سوريالية في أن فيغو لن يعرف "السلام" في علاقته مع مشجعي برشلونة إلا في حال استطاعت الخنازير الطيران، ما يقارب المستحيل بحسب أحد الأمثال المأثورة في إسبانيا. إذا كان "السلام" لم يرافق يومًا لقاءات العدوين اللدودين ريال مدريدوبرشلونة في إسبانيا، إلا أنه لم يتحول يومًا أيضًا إلى ظاهرة فردية تعني لاعبًا محددًا في علاقته مع مشجعي الفريق الخصم، كما حصل مع صانع الألعاب البرتغالي لويس فيغو عقب انتقاله من برشلونة إلى ريال مدريد قبل موسمين، في مقابل 7،61 مليون دولار. وحتّم "السلام" المفقود بين فيغو ومشجعي الفريق الكاتالوني امتناع اللاعب البرتغالي عن تنفيذ الركلات الركنية، استنادًا إلى دوره المعهود على أرض الملعب، في لقاء الفريقين الذي أقيم الموسم الماضي على ملعب نوكامب الخاص بالثاني، لكنه استبعد الإجراء الاحترازي هذا الموسم تحت ضغط انتقادات عدم جدوى حرمان الفريق من فاعليته في هذا المجال. وهو تحول بالتالي إلى صيد سهل لمشجعي الفريق الكاتالوني الذين رشقوه بما امتلكت أيديهم من مقذوفات معدنية وبلاستيكية وزجاجية، ونعتوه بشتى أنواع الشتائم، وتوجهوا إليه بإشارات غير أخلاقية ترافقت أيضًا مع مجسمات "عارية" تمثله وسواها حملت رؤوس حيوانات مختلفة. ولم يُخفَ في هذا الإطار اعتراف بعض لاعبي الفريق المدريدي برؤيتهم كرات غولف وسكاكين تسقط بالقرب من فيغو من دون أن تنجح عدسات كاميرات التلفزيون في التقاطها لدى محاولته تنفيذ ركلة ركنية في الدقيقة 74، ما أوقف المباراة فترة 16 دقيقة. ولعل عودة فيغو إلى تنفيذ الركلات الحرة في هذه المباراة أوجد الدليل القاطع الأول على أن أحدًا لا يريد "السلام" في دربي العدوين اللدودين. فمن جهة ريال مدريد، رأى بعض النقاد أن تجاهل مسؤوليه نصائح استبعاد فيغو من مهمة تنفيذ الركلات الركنية في سبيل تفادي "اقترابه" من الجمهور، والذي أثار جدلاً فترة أسبوع كامل، وتحججهم بأنه تصّرف غير طبيعي يتعارض مع مصلحة العرض الجيد للفريق، صب في خانة تأجيج النار تحت رماد قرار الاتحاد المحلي بمنع إقامة أي مباراة مقبلة على استاد نوكامب، علمًا أن الصحافة المدريدية أجمعت أخيرًا على ضرورة اتخاذ هذا القرار، استنادًا إلى أحداث سابقة عدة، في حين أصرت الصحف الكاتالونية على أنه غير ضروري وغير عادل. استفزاز متعمّد بدوره، ألقى فيغو بدلوه في رفض "السلام" في هذه المباراة، حين تعمّد باعتراف غالبية المتابعين إطالة فترة تنفيذ الركلات الركنية أكثر من دقيقة في محاولاته كلها، ما أثار استياء الجمهور الكاتالوني إلى الحد الاقصى، والذي زاده تهديد فيغو مرماهم بجدية في إحداها لولا التدخل الحاسم للحارس بونانو. وأصر مدرب برشلونة الهولندي لويس فان غال على أن فيغو استفزّ الجمهور بخطواته "المتثاقلة" غير المبررة، وتفاجأ من عدم تحريك الحكم ميدينا كانتايخو أي ساكن تجاهها. وأيد رئيس النادي خوان غاسبارت رأي فان غال، وأعلن أنه لا يمكن أن يسمح لأحد بأن يستفز جمهور فريقه على أرضه في أي حال من الأحوال. أما مدير الفريق خوان إينياسي بروغيراس فاعتبر أن فيغو يعيش منذ موسمين على أكذوبة عدم مسؤوليته عن إثارة عواطف الجمهور ضده. ولم يصمت فيغو تجاه الانتقادات الكاتالونية، وأوضح أن دفاعه عن ألوان ريال مدريد يسمح له بأي تصّرف يصب في مصلحة فريقه، بما فيه لفت نظر الحكم إلى تصرفات الجمهور غير الاعتيادية. ورأى أن غاسبارت انجرف خلف نزعة إظهار عاطفته الكبيرة تجاه الجمهور، "الذي لا يؤيده اأصلاً". في حين لفت إلى أن فان غال لم يعترض على تصرفات مشابهة له تجاه فرق منافسة لدى توليه للمرة الاولى مسؤولية الاشراف على الفريق قبل تعيينه مجددًا هذا الموسم. ويبقى دور الصحافة الكبير في رفض "السلام" بين الفريقين العريقين، حيث وصفت صحيفة "أس" المدريدية فيغو بصاحب الاداء المتكامل، في حين شبهت جمهور برشلونة بعصابات شوارع مدينة برونكس الأميركية بقولها "برونكس نو". ودعت صحيفة "إلموندو ديبورتيفو" فيغو إلى الافتخار بكسبه المعركة الشرسة تجاه أخصامه والتي شابهت إحدى معارك حرب فيتنام بحسب "ألبيريوديكو دي كاتالونيا". أما صحيفة "ماركا" الكاتالونية فاعتبرت أن فيغو "سمّم" لقاء الدربي "العار".