شدد الرئيس جاك شيراك عقب لقائه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان على ضرورة تجاوب العراق تجاوباً تاماً مع مضمون القرار 1441، مؤكداً ان مجلس الأمن يبقى الجهة الوحيدة المخولة اتخاذ القرارات المناسبة في حال حصول خرق للقرار. وقال انان ان "السبيل الوحيد لتفادي الحرب" هو التزام بغداد تعهداتها، فيما حذر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الرئيس صدام حسين من "المراوغة" مع المفتشين. وقدمت الحكومة البريطانية مشروع قرار الى مجلس العموم لتأييد قرار مجلس الأمن والذي ينظر اليه على نطاق واسع بوصفه يمثل تفويضاً للحكومة البريطانية لخوض حرب على العراق. أكد الرئيس جاك شيراك بعد محادثاته في باريس أمس مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان، ان على العراق التجاوب في شكل كامل مع مضمون القرار 1441، مجدداً دعمه إياه ومشيراً الى أنه "يستدعي شفافية تامة من السلطات العراقية، وتقديمها كل التسهيلات كي يتمكن مفتشو الأممالمتحدة من أداء عملهم وفقاً لما هو مطلوب منهم في القرار". وكرر أنه في حال طرأت أي صعوبات أو مشكلة سيعرض الأمر على مجلس الأمن الذي "يعد الجهة الوحيدة المخولة اتخاذ القرارات المناسبة". وحض انان بغداد على ابداء تعاون كامل مع المفتشين، و"احترام تعهداتها من دون أي تحفظ لأن هذا هو السبيل الوحيد لتفادي الحرب في المنطقة". واستدرك ان "من مصلحة السلطات في العراق وشعبه ومن مصلحة العالم التعاون مع رئيس لجنة التفتيش هانس بليكس والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي". وأشار الأمين العام الى ان الرسالة التي تلقاها من وزير الخارجية العراقي ناجي صبري في شأن القرار 1441 ستوزع على اعضاء مجلس الأمن، موضحاً ان "تقدير مضمونها متروك للمجلس". وسئل شيراك هل يثق بالنظام العراقي، فأجاب ان "المشكلة ليست مشكلة ثقة بل مشكلة واقع، اذ ان العراق أقدم على التزام يقضي باستئناف عمل المفتشين ولا يمكنه اليوم أن يتصور انه لن يطبق القرار 1441. في حال حصل ذلك سيتولى مجلس الأمن درس الوضع استناداً الى تقرير المفتشين لمعرفة النتائج التي ستستخلصها الأسرة الدولية، علماً ان كل الاستنتاجات وارد في هذا الاطار". وكرر الرئيس الفرنسي انه يعتبر الحرب اسوأ الحلول، معبراً عن أمله بأن يدرك ذلك الجميع. ورفض انان التكهن بما قد يحصل في حال عدم تقديم بغداد بيانات كاملة عن برامج التسلح بحلول الثامن من الشهر المقبل، لافتاً الى ان من السابق لأوانه التكهن بما سيفعله العراق قبل هذا الموعد. وكان الأمين العام وصل الى باريس أول من أمس، وبدأ لقاءاته الرسمية باجتماع مع شيراك ثم اجرى محادثات مع وزيرة الدفاع ميشال اليو ماري، ورئيس الوزراء جان بيار رافارات. تزايد تأييد البريطانيين الحرب في لندن، أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة "ذي غارديان" امس ان 39 في المئة من البريطانيين يؤيدون شن حرب على العراق في مقابل رفض 40 في المئة، لكن الفريق المؤيد لتدخل عسكري ازداد. وجاء في الاستطلاع الذي أعده معهد "اي سي ام" يومي 21 و22 تشرين الثاني نوفمبر الجاري على شريحة من 1047 شخصاً من البالغين، ان 39 في المئة من الذين سئلوا رأيهم يدعمون عملاً عسكرياً في مقابل 32 في المئة مطلع الشهر. وهذا أعلى مستوى من التأييد لشن حرب منذ أشهر، باستثناء استطلاع أجري بعد اعتداء بالي. ويبدو أن معسكر المؤيدين للحرب يتسع في صفوف الذين لم يكونوا اختاروا موقعهم. وأجرى البرلمان البريطاني مناقشة لمشروع قرار حكومي، واجه رئيس الوزراء توني بلير أثناءها تمرداً من النواب المعارضين للحرب داخل حزبه. وكان جدد تحذيره الرئيس صدام حسين من اللجوء الى "المراوغة" مع المفتشين، وذكّر بمخاوف من امتلاك العراق أسلحة جرثومية وكيماوية ونووية، داعياً اياه الى تقديم بيانات "أمينة" عن برامج التسلح. وقال بلير في مؤتمر صحافي: "دعونا ننتظر لنرى ما سيقوله صدام، وأي اعلان لا يتطابق مع الواقع سيمثل اخلالاً مادياً" بالقرار 1441. لكنه أكد ان الأمر "متروك لمفتشي الأسلحة كي يصدروا حكمهم". وأضاف: "لدينا المفتشون هناك سيعلنون الحقيقة. انها ليست لعبة الاختباء، بامكاننا ان نتجنب الصراع على أساس نزع صدام كل برامج اسلحة العراق الكيماوية والجرثومية وربما النووية". وأعرب النائب العمالي جيرمي كوبلن عن مخاوفه من حتمية اندلاع حرب على العراق بقيادة الولاياتالمتحدة بصرف النظر عن نتائج مهمات فرق التفتيش. وشدد في تصريح الى "الحياة" على ان النقاش الحاد الذي شهده مجلس العموم امس حول الحرب لن يغير موقف الحكومة، متوقعاً ان يحصل على تأييد الغالبية المطلقة. وأضاف ان الطريقة التي صيغت بها كلمات اقتراح قدمته الحكومة في شأن دعم القرار 1441 تجعل التصويت ضده صعباً. لكنه شدد على أن هذا لا يعني ان اكثر من 150 نائباً غالبيتهم من العمال يقفون ضد اي حرب على العراق، ويطالبون باعطاء فرصة للمفتشين. وعن ازدياد التأييد الشعبي البريطاني لمثل تلك الحرب قال كوبلن ان الاستطلاع لا يعكس حقيقة مشاعر الشعب البريطاني "بل ان اكثر من نصفه لا يؤيدالحرب في أي حال من الاحوال". وذكر ان الاستطلاعات اظهرت زيادة عدد مؤيدي الحرب على العراق بعد حادثة بالي، لتهبط بعد اسبوع او اثنين. وأكد وزير الظل للشؤون الخارجية في حزب المحافظين المعارض مايكل أنغرام وجوب تأكيد ان "عقاب صدام حسين سيكون الحرب في حال عدم انصياعه الى القرار 1441". وشدد على وجوب استعمال القوة و"إفهام الرئيس العراقي ان الحرب واقعة ، مضيفا ان المجلس سيوافق. واعترف النائب العمالي جورج غالواي بأن فريقه سيهزم داخل مجلس العموم، لكنه اشاد بالاقتراح الذي قدمه زعيم حزب الأحرار الديموقراطيين تشارلز كيندي، والذي يطالب بجعل الاممالمتحدة القوة الوحيدة التي تقرر في شأن أي خرق عراقي للقرار 1441. واعتبر ان على الحكومة البريطانية العودة الى مجلس العموم وأخذ موافقته قبل الانضمام الى أي حرب. وتوقع غالواي ان يخسر بلير موقعه اذا اندلعت الحرب ولم تجر الأمور تماما كما يريدها الرئيس جورج بوش وبلير.