افتتحت ميسلون فرج "آية غاليري" في لندن بمعرض للفن العراقي ضمّ عدداً كبيراً من الرواد والفنانين المعاصرين. اتسمت معظم الاعمال بأمانة للشكل مع بعض الاجتهاد، وأثارت اللوحات الطبيعية الحنين بين عراقيي العاصمة البريطانية الذين يكثر المعارضون العاجزون عن زيارة وطنهم بينهم. كانت مفاجأة الاعمال التي يملكها بريطاني لوحة لجواد سليم رسمها وهو طالب لبيت وأشجار بألوان شاحبة صفر وترابية وخضر. برزت موهبة سليم 1921-1961 وهو مراهق ولوحته تظهر مقدرته الباكرة وأسلوبه الذي يبتعد من تحديد الشكل تماماً ليخلق عملاً "طيفياً". كان سليم من أبرز الرواد الذين غيروا الفن العراقي وعصرنوه، واهتم بالنحت وترميم الآثار السومرية والأشورية، لكن موته الباكر أوقف تجربته في ذروتها وربما دونها. فائق حسن مفاجأة جميلة أخرى بعملين أحدهما كبير لثلاثة جياد رسمت من منظور خلفي وتركت ظلها على الأرض. مصدر النور خفي، ويلتبس الزمن الذي قد يكون الفجر أو الشفق، والجواد الأبيض وحده ما يزود اللوحة بالضوء وسط ألوان صفيت من قوتها. تتدرج الأرض في مستويات عدة بخطوط عمودية عصبية ثم ترق وتلتوي وتتصل بالأفق الذي ينساب بألوان عدة غير تقليدية. في لوحة أخرى صغيرة لحسن 1914- 1987 يجلس ثلاثة رجال في المقهى بملامح غير مميزة رسموا بخطوط انطباعية قصيرة تكاد تمزجهم احدهم مع الآخر ومع الخلفية. حافظ الدروبي 1914- 1991 صوَّر بائع الشلغم في الشارع بألوان زاهية تكشف نكهتها في عيني الطفل الذي يحدق فيه بينما تدير امرأة غطتها ثيابها من رأسها حتى قدميها ظهرها كأنها تقاوم الاغراء. شارك الدروبي في تأسيس الحركة الانطباعية في بغداد، لكن لوحتيه في المعرض لا تنتميان الى هذا التيار. عمله الآخر "سوق الشمام" معمار جميل يملأ اللوحة بخطوط وأشكال متداخلة ومتصلة، مستقيمة ومنحنية بألوان قوية يتعارض فيها الضوء والقتام بتناغم آسر. النخيل حاضر دائماً في المشاهد الطبيعية وغيرها، وعبدالقادر الرسام الذي ولد في 1882 مهّد للحركة الحديثة وقلّده من خلفه. لوحته "نهر وسماء ونخيل وقارب" فضّل فيها الحركة الدائرية لالتقاء الماء بالأرض. فرج عبو المولود في 1921 رسم البنائين وثلاث نساء جالسات بخطوط حادة تتأثر ببيكاسو وجعل صدور النساء مكشوفة وجذوعهن طويلة ومؤخراتهن ثقيلة. حسن عبد علوان يرسم قصص التراث بخيال عصري متفلت يبرز فيه التفصيل المعماري بقوة. نساؤه يحدقن في الناظر بعيون خضر زجاجية وينتهي شعرهن الطويل بما يشبه الريش المدبب وسط ما يبدو ذنبين لما قد يكون حيوانين اسطوريين. سعاد العطار تشترك بلوحتين يتدرج في أولها اللون الاصفر ويتصاعد البناء التلويني والشكلي، وتبدو في الثانية ثلاث نساء في حي رسم بضربات طويلة وتطور اللون الأزرق في سمائها عمودياً. خضر جرجس التجريدي اختار اللطخات الخشنة للوحته وألواناً متنافرة سوداً وبيضاً وخضراً ورمادية، هو الذي يرسم "المشهد" نفسه بألوان وريشة أكثر تناغماً. لوحة تجريدية اخرى لرافع الناصري الذي جعل "الأفق" صحراء وكتلة سوداء خطر لي انها طائرة محطمة محترقة. بتول العكيكي ترسم الحلم في لوحة يسودها الأزرق النيلي لأطفال نيام بين الازهار والزخرفة المتفائلة.