أمير المدينة يستقبل نائب وزير الموارد البشرية ورئيس اتحاد الغرف السعودية    وزير الطاقة يعقد اجتماعًا ثلاثيًا مع نائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الطاقة الكازاخستاني    الكهموس: المملكة جعلت مكافحة الفساد ركيزة أساسية لتحقيق رؤية 2030    وزير الرياضة: طلبات استثمار دولية ومحلية في 6 أندية مطروحة للتخصيص وعوائد متوقعة ب500 مليون ريال    نائب أمير الشرقية يستقبل جمعية"ترابط" ويرأس اجتماع مجلس إدارة هيئة تطوير الأحساء    مشاريع تعليمية بمليارات الريالات وإنجازات نوعية في تطوير منظومة التعليم بالمملكة    نائب وزير الصحة يستعرض إنجازات "مستشفى صحة الافتراضي" ضمن ملتقى ميزانية 2025    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية لتشغيل مركز الأطراف الصناعية في مأرب    شراكة تعاونية بين جمعية البر بأبها والجمعية السعودية للفصام (احتواء)    توقيع مذكرة لجامعة الملك خالد ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    السفير الجميع يقدم أوراق اعتماده لرئيس إيرلندا    المملكة تشارك في اجتماعات الدورة ال29 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    هدنة لبنان.. انسحابات وإعادة انتشار    انتقادات من جيسوس للتحكيم بعد مواجهة السد    الأونروا تحذّر من وصول الجوع إلى مستويات حرجة في غزة    بدء تشغيل الخطوط الجوية الفرنسية Transavia France برحلات منتظمة بين السعودية وفرنسا    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    وزير الصناعة: 9.4 تريليون ريال موارد معدنية في 2024    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    هؤلاء هم المرجفون    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعدما رفضه "المجلس الوطني" بالاجماع ووافق عليه صدام من دون شروط : هل ستمتثل السلطة في بغداد لمتطلبات القرار 1441 ؟ !
نشر في الحياة يوم 19 - 11 - 2002

لم يكن مفاجأة إعلان بغداد في 13 تشرين الثاني نوفمبر الجاري موافقتها الرسمية على قرار مجلس الأمن الجديد أبو القرارات المرقم 1441 من دون قيد أو شرط وابلاغ ذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وذلك بعد يوم واحد فقط من إعلان "المجلس الوطني" رفضه هذا القرار، باعتباره "قراراً جائراً"، وان القبول به خيانة وطنية، كما أعلن ذلك أحد أعضاء المجلس أمام الفضائية العراقية اثر انتهاء جلسة المجلس، إنما المفاجأة المدهشة كانت ستحصل حقاً، لو أن بغداد الرسمية، ممثلة برئيس السلطة صدام حسين، أعلنت رفضها للقرار، حيث كان لمثل هذا الموقف - القرار أن يختزل الجدل الديبلوماسي و"الصراع" الفني مع فرق التفتيش في الأسابيع المقبلة، وكان على نظام صدام، والحال هذه، أن يواجه فعلاً "العواقب الوخيمة"، وفي مقدمها، وأهمها، عاقبة الإطاحة به وتغييره بعمل عسكري، قد تجيزه الأمم المتحدة أو، إذا تلكأت، عبر تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث لم يتوقف الرئيس الأميركي جورج بوش من تكرار التأكيد على ذلك.
لم يعد مهماً التوقف طويلاً لتفسير خلفية هذا الموقف "غير المفاجئ" لنظام بغداد، سواء قصد صدام بإهانته القاسية ل"مجلسه" الوطني وازدرائه، توجيه رسالة إلى واشنطن والعالم، بأنه وأفراد عائلته، هم "المعتدلون" الوحيدون الذين يمكن التعامل معهم قبالة "تشدد ممثلي الشعب"، أو قصد اظهار "الحكمة" التي لا يكترث لها أحد، أو لصرف الأنظار، بجدل عقيم حول مسألة ثانوية، عن دلالة الاذعان المذل لقرار سال في هجائه ومهاجمته، بأقسى النعوت والصفات، حبر كثير!
إن قرار الموافقة غير المشروطة بالقرار الدولي هو، وبصرف النظر عن التفسيرات حول خلفية اتخاذه، سيبقى القرار الأسهل، والأسهل مرة أخرى، في ظل الصراع الشديد الذي سيحتدم بين بغداد والمجتمع الدولي عندما تبدأ فرق التفتيش ممارسة عملها كما هو مقرر في الأيام المقبلة. ولعل ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان اثر لقائه الأخير مع الرئيس الأميركي في البيت الأبيض، وبعد وقت قصير من إعلان بغداد موافقتها غير المشروطة على القرار الدولي، مؤشر مهم لما ينتظر فرق التفتيش، حيث أجاب في رده على سؤال صحافي وجه إليه، ان المسألة ليست مسألة عودة المفتشين، إنما هي مسألة الأداء على الأرض!
الواقع، أن القرار الدولي الجديد، وعلى رغم تعدد الآراء والقرارات لمضمونه وبنوده، هو، في نظر كثيرين، لمصلحة المجتمع الدولي، بدوله وشعوبه، وفي مقدمه العراق وشعبه، بل وحتى الولايات المتحدة بالذات، حيث سيوفر على الجميع تطبيقه، التخلص من رعب أسلحة الدمار الشامل بيد نظام متهور وغير مسؤول، كما يمهّد لعملية إطاحة النظام وتغييره، دونما الحاج إلى استخدام القوة وشن الحرب، والتي كانت تلجمها الخشية من احتمال امتلاكه لتلك الأسلحة.
غير أن السؤال الكبير الذي يطرحه الجميع هو: هل ستمتثل السلطة في بغداد، بعد موافقتها غير المشروطة على القرار الدولي، لمتطلباته بالتعاون الجاد والشفاف مع فرق التفتيش لتطبيق بنوده، والاقلاع عن المراوغة والخداع اللذين دأبت على ممارستهما في السنوات الماضية، مما شكل "خرقاً مادياً" لقرارات مجلس الأمن، وهو ما أكد عليه القرار الأخير؟
إن الدقة و"الحبكة" في صوغ القرار 1441 وبنوده، والتي استغرق الجدل والنقاش الحادين حولهما في أروقة الأمم المتحدة طيلة ثمانية أسابيع، وكذلك الاجماع الذي حظي به إقراره في مجلس الأمن، يضع السلطة في بغداد أمام خيارين رئيسيين حاسمين وهما:
الخيار الأول، وهو النية والتصميم المسبق على عدم التعاون الجدي والشفاف مع فرق التفتيش وعرقلة مهماتها في تطبيق القرار تحت مختلف الحجج والذرائع، سواء كانت حقيقية أو مفتعلة، وذلك بالعودة إلى اساليب الاخفاء والمراوغة. ومن غير المتوقع أن يبدأ الصدام وعدم التعاون وافتعال المشاكل بشكل مبكر، إنما قد تمر أيام وأسابيع تبدي خلالها السلطة في بغداد مرونة ورغبة ظاهرتين في التعاون مستفيدة من مرونة ورغبة مماثلتين لدى فرق التفتيش يفرضهما توقع البدء بتنفيذ المهمات "السهلة" التي لا تثير الخلافات والمشاكل بشكل مبكر، ثم تتكرر وتتسع الخلافات وعدم التعاون حتى تصل فرق التفتيش إلى قناعة أكيدة بعدم توافر الرغبة الحقيقية والمخلصة لدى بغداد في التعاون، الأمر الذي قد يدفعها، بل سيدفعها، إلى وقف أعمال التفتيش وإعلام مجلس الأمن للتدخل ومعالجة الأمر، وربما تبادر الولايات المتحدة وبريطانيا، بعد تبادل الآراء والنقاش في مجلس الأمن، بالتوجه لقيادة تحالف دولي للقيام بعملية عسكرية تهدف إلى إطاحة نظام صدام.
إن لجوء السلطة في بغداد الى هذا الخيار سيشير بوضوح او سيفهم اقله لدى المجتمع الدولي ومجلس الامن والولايات المتحدة الى نيتها وقرارها المسبق في اخفاء ما تملكه من مكونات وأسلحة الدمار الشامل، والاصرار على الاحتفاظ بها مهما ترتب على ذلك من عواقب. اما قبولها "الاولي" وغير المشروط على القرار، فانما املته كما يبدو وفقاً لهذا الخيار، الرغبة في المناورة، وكسب الوقت والرهان على تطورات اقليمية ودولية، أو على انقسامات داخل مجلس الأمن فضلاً عن النجاح في التحريض على قيام تظاهرات مؤيدة لبغداد في بعض العواصم وذلك املاً في ان يشل كل ذلك الارادة الدولية وكذلك ارادة الولايات المتحدة ودفعهما للتراجع عن هدف الاطاحة بالسلطة الحاكمة في بغداد باستخدام القوة وشن الحرب عليها.
أما الخيار الثاني، الذي قد تلجأ السلطة في بغداد الى اعتماده، كما يراهن البعض، فهو خيار الاستجابة لارادة المجتمع الدولي، بصحوة تقترب من المعجزة، والتعاون بجدية وبشفافية تامة مع فرق التفتيش لتطبيق القرار 1441 من دون عراقيل او مراوغة وعودة الى لعبة "القط والفأر"
وبالطبع فإن استحقاقات هذا الخيار تفرض على السلطة في بغداد ان تسلّم كل ما لديها من اسلحة دمار شامل ومكوناتها، والارجح انها تمتلكها حسب اكثر التقارير تحفظاً لجهات محايدة، وذلك اضافة الى استحقاق الرضوخ لآليات وسبل تنفيذ فرق التفتيش لمهماتها، والتي وضعت بشكل محكم او مذل، كي لا تستطيع بغداد التلاعب والالتفاف على عمل هذه الفرق كالتي تمت ما بين 1991 - 1998. ولعل من بين اكثر تلك الاستحقاقات قسوة هي تفتيش القصور الرئاسية واستدعاء من يشاء المفتشون استدعاءه من المسؤولين والعاملين في برامج اسلحة الدمار الشامل، ونقلهم وعوائلهم الى الخارج للتحقيق معهم من دون اشراف وضغط السلطة في بغداد.
لا شك ان لجوء السلطة في بغداد، ورئيسها صدام حسين خصوصاً الى هذا الخيار "القاسي" والذي سيجردها من اسلحتها ومصادر قوتها، هو رهانها على ضمانات بعدم الاطاحة بها واسقاطها، بل وحتى ابداء الرغبة والاستعداد لتغيير سياستها ونهجها وممارساتها، وبما يؤهلها "للعودة الى المجتمع الدولي ومع بيئتها الاقليمية والتعايش معها".
ربما يرافق، او يلي، اخذ السلطة في بغداد لهذا الخيار حدوث تطورات دراماتيكية كوقوع تمردات عسكرية، او انتفاضات شعبية، في المدن والارياف، مما يقطع الطريق على السلطة وتلك المراهنات. اما اذا تمكنت من البقاء في سدة الحكم على رغم ذلك، فإن من المستبعد ان توافق اي جهة دولية، خصوصاً الولايات المتحدة بمثل تلك المساومة واعطاء سلطة صدام "ضمانات" استمرارها بالحكم. ذلك ان الجميع يعرف استحالة ذلك، والجميع على قناعة راسخة، ان اعطاء مثل تلك الضمانات و"تأهيل" النظام ورفع العقوبات عن العراق تعني عودة هذا النظام وبسرعة الى ممارسة سياساته السابقة، ومنها اعادة بناء اسلحة الدمار الشامل، ومواصلة قمع العراقيين بكل قسوة.
ولأن صدام يدرك جيداً هذه الحقيقة يصعب الاعتقاد، او الرهان على لجوئه للخيار الثاني، خيار التعاون مع المجتمع الدولي وفرق التفتيش والامتثال لمضمون القرار 1441 وتطبيق بنوده لأن ذلك يعني نهايته الأكيدة، ولذا فإن خيار المراوغة والصدام مع فرق التفتيش هو الخيار المرجح بما سيسفر عن ذلك من عواقب، طالما ان خيار التنحي عن السلطة طوعاً وبترتيب دولي اقليمي، غير وارد في "حساباته الدقيقة"!
كاتب عراقي - لندن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.