ينفق المغاربة في شهر رمضان ضعفي معدل مصروفهم الشهري طيلة السنة ما يجعل منه فترة تسوق بامتياز. وتُقدر قيمة المشتريات الأسرية بنحو 3 بلايين دولار تشمل مختلف المواد الغذائية والاستهلاكية. ويُمول جزء من تلك النفقات عبر برامج الاقراض التي تتوسع اعلانات شركات التمويل في اقتراحها على الزبائن طيلة الشهر في مسعى لمنافسة المصارف التجارية التي باتت تفقد مواقعها في هذه القطاعات. يُساهم رمضان، حسب الدراسات الرسمية، في تحريك الحياة الاقتصاية من خلال زيادة نشاط قطاع التجارة والتسوق وزيادة الطلب على الاستهلاك الذي يمثل بدوره 12,8 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وتُقدر فرص العمل التي يتيحها رمضان نحو 13 في المئة من اجمالي فرص العمل المستحدثة بسبب الطلب المرتفع على جل المعروضات حتى تلك التي لا تبدو الحاجة ضرورية اليها. ويعتقد بعض الاقتصاديين ان شهر الصيام يساهم في تحسين الدورة الاقتصادية وفي التحكم في معدلات التضخم وفي كسر ايقاع الانكماش الاقتصادي. وتكاد تنتعش كل المهن والحرف في رمضان وتتراجع معدلات البطالة الموسمية الى اقل نسبها خلال الشهر ويزداد الطلب على اليد العاملة خصوصاً النسائية منها. وعلى رغم ان جزءاً كبيراً من النشاط الاقتصادي يرتكز على المشتريات الغذائية وتلك التي لها علاقة بانتاج ما يُقدم على طاولة الافطار الا ان تقاليد المغرب جعلت من رمضان شهر التسوق بامتياز يمتزج فيه الطلب على الغذاء بالطلب على المواد الاستهلاكية الاخرى بدءاً بالتجهيزات المنزلية والالكترونية وتغيير اثاث المنزل وصولا الى ملابس الكبار والصغار وهي عادة مغربية قديمة تعكس الاحترام الذي تقابل به الأسر الشهر الكريم. وتحرص الدوائر المسؤولة عن التموين على القول انه خلال رمضان يتضاعف الطلب بين ثلاث واربع مرات على المنتجات الاستهلاكية الاساسية وغير الاساسية لذلك يتم الحرص على ضمان تزويد الاسواق بمختلف السلع ومراقبة جودتها واسعارها. وتقول دوائر الاقتصاد الاجتماعي ان الانتاج المحلي الغذائي يُبعد عن المغرب شبح التبعية الغذائية للخارج ما يقلص حجم نفقات المبالغ المخصصة لتوريد المنتجات الغذائية. ولا يسجل المغرب عجزاً تجارياً الا في مجالات الطاقة والتقنيات وادوات التجهيز والمنتجات الصناعية غير المتوافرة. لكن على رغم وفرة الانتاج الزراعي الذي يغطي جزءاً مهماً من حاجيات رمضان يبقى المغرب من اغلى الدول العربية على رغم اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لذلك تلجأ اسر كثيرة الى الاقتراض المصرفي لتغطية النفقات الطارئة التي ترافق رمضان التي ليست بالضرورة غذائية. وتقترض الأسر المغربية في هذه المناسبات نسبة كبيرة من اجمالي القروض الاستهلاكية المقدرة بنحو 1,4 بليون دولار. وتغير كثير من العادات في العقود الاخيرة واصبح رمضان شهر صيام نهاراً وسياحة وترفيه ليلاً ما انتشرت معه محلات التسوق والمقاهي والمطاعم ومحال السهرات ومقاهي الانترنت وحدائق ترفيه الشباب. لكن تلك المظاهر التي ارتبطت بتوسع الطبقات الوسطى في الاعوام الماضية جعلت فئات عدة من المجتمع المغربي تعجز عن توفير حاجياتها خلال الشهر. ويُقدر عدد الفقراء بحوالى 6 ملايين شخص يحصل كل منهم على اقل من دولارين يومياً. وتلعب الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسة محمد الخامس للتضامن دوراً كبيراً في توفير حاجيات الاشخاص المحرومين والشيوخ الذين لا تتوافر لهم مبالغ كافية للانفاق وهو سلوك اسلامي يضفي البعد التضامني بين شرائح المجتمع الذي يصل ذروته خلال شهر رمضان. وتوزع تلك الجمعيات نحو 20 مليون دولار من السلع التموينية على الفقراء كما توزع العائلات الميسورة آلاف وجبات الافطار التي تنتشر في الساحات العامة. وتتولى الشركات الخاصة تقديم علاوات لعمالها لمساعدتهم على تحمل المصاريف الاضافية خلال شهر الصيام.