سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ارتفاع حصيلة القتلى إلى 7... وسكان في المدينة يؤكدون ل"الحياة" نجاح "ابو سياف" وجماعته في الهرب . الحكومة الأردنية ترفض وساطة حزبية ونقابية بينها وبين سكان معان وتصر على اعتقال المطلوبين
واصل الجيش الأردني أمس حملته الأمنية في مدينة معان في جنوب المملكة بحثاً عن خمسة مسلحين هاربين ينتمون الى جماعة "التكفير والهجرة" السلفية المتشددة ويتزعمهم محمد الشلبي الملقب ب"ابو سياف"، فيما ارتفعت حصيلة القتلى في الاضطرابات الدامية إلى سبعة اشخاص بينهم شرطيان، واوقفت السلطات زهاء 40 شخصاً. في المقابل بدأت وساطات حزبية ونقابية تقودها جماعة "الاخوان المسلمين" الأردنية لاحتواء الأزمة في المدينة المغلقة عسكرياً منذ السبت الماضي. قال وزير الاعلام الاردني محمد العدوان ل"الحياة" ان "وحدات خاصة من الجيش والشرطة استأنفت مطاردة المطلوبين الخمسة، وآخرين من انصارهم من مثيري الشغب والخارجين على القانون" واكد ان "القوات العسكرية استخدمت المروحيات في تعقب مكامن المسلحين في حي الطور الذي يعد معقلاً لهم وأجرت في اثناء ذلك حملة تمشيط واسعة بحثاً عنهم وعن اسلحتهم". وأكد أن "السلطات أبدت حرصاً بعدم الاضرار بمنازل المواطنين وممتلكاتهم وركزت عملياتها ضد الاماكن المحتملة لاختباء العصابة المسلحة" التي رجح ان "يكون افرادها قد هربوا خارج المدينة" لكنه شدد على ان "الحكومة مصممة على القاء القبض عليهم شرطاً لانتهاء حملتها" في المدينة. وأعلن ان "اثنين من رجال الشرطة قتلا منذ بدء الاحداث وهما الوكيل رائد النوايسة الذي اطلق عليه مسلحون النار الاحد، والجندي نسيم النوايسة، ويعمل سائق ناقلة جنود، ويبدو ان رصاصة انطلقت خطأ من سلاحه" مشيراً الى ان "العشرات من افراد عشيرتهما هاجموا ليل اول من امس مركزاً امنياً في بلدة المزار قرب مدينة الكرك جنوب غضباً على مقتلهما، قبل ن يتدخل شيوخ العشائر لتهدئة الأوضاع" واتهم من اسماهم ب"التجار السياسيين بتحريض المواطنين على الاخلال بالامن في هذه البلدة". وصرح وزير الداخلية الاردني قفطان المجالي بأن "الحملة نجحت في توقيف 40 شخصاً بينهم مطلوبون ثمانية من جنسيات عربية واجنبية" لكنها "ستستمر الى حين القاء القبض على كافة افراد العصابة" مؤكداً ان "الهدوء عاد الى المدينة مع استمرار حظر التجول فيها". إلى ذلك، كشفت مصادر امنية اردنية ل"الحياة" ان جماعة "ابو سياف" تتكون من "مجدي عزامي الذي يعتبر اميراً للجماعة السلفية في معان، وخميس ابو درويش الملقب ب"الملا" وشقيقه عصري وهما من تجار السلاح، وعمر عبدالغني البزايعة". وقالت ان "هذه الجماعة نشأت من تيارات سلفية عادت من افغانستان اوائل التسعينات". وفي هذا السياق، ربط الكاتب الاردني المتخصص في شؤون الجماعات الاصولية ابراهيم غرايبة بين هذه المجموعة والزعيم السلفي ابو محمد المقدسي الذي يعد من الافغان الاردنيين، لكنه اشار الى ان "المقدسي الذي يعد من منظري التيار السلفي الجهادي يستخدم اضافة الى العنف وسائل سياسية، وفق خططه وتكتيكاته" بينما "تلتقي مجموعة ابو سياف على مبدأ تكفير النظامين السياسي والاجتماعي والخروج منهما، ومحاربتهما بكل الوسائل، وخصوصاً العنيفة منها". واوضح ل"الحياة" ان المطاردين في معان "اقرب ما يكونون الى جماعة "الخوارج" التي ظهرت سنة 652 ميلادية". الى ذلك، اكد سكان في المدينة ل"الحياة" ان "ابو سياف وجماعته نجحوا في الهروب من معان إلى مناطق مجاورة قد تكون بلدة وادي موسى التي تتبع اليها مدينة البتراء الاثرية، إذ ربما مكنتهم هذه المنطقة من التحصن في جبالها الصخرية التي تحتوي على مئات الكهوف والمسالك الوعرة"، ولفتوا الى ان عدد القتلى في صفوف السكان ارتفع ليل اول من امس الى خمسة هم: "محمد خليل أبو هلالة الذي ينتمي الى جماعة "الأفغان الأردنيين" ومحمد عبد الكريم أخو عميرة وهو عضو في التيار السلفي، وعمر حامد العقايلة ومحمد احمد كريشان ومحمد موسى صلاح" وأن "عدد الجرحى ارتفع كذلك الى 30". وقال السكان ان العمليات الأمنية ركزت أمس على احياء "الطور" و"الضواوي" و"جبل البواب" ومنطقة "البساتين" التي يعتقد أن عدداً من المسلحين كانوا يختبئون بين اشجارها الكثيفة. وعلى صعيد الجهود الشعبية المبذولة لتهدئة الأوضاع في المدينة، عرض ملتقى الاحزاب والنقابات المهنية أمس الوساطة بين الحكومة وأهالي معان، وشكل لجنة لهذه الغاية ضمت عدداً من الشخصيات السياسية المتحدرة من معان برئاسة رئيس البرلمان الأردني السابق الدكتور عبداللطيف عربيات، وهو رئيس مجلس الشورى في حزب "جبهة العمل الاسلامي" المظلة السياسية لجماعة "الاخوان المسلمين" الاردنية. وأكد الملتقى في بيان "تمسكه بأمن الأردن واستقراره" إلا أنه "انتقد بشدة معالجة الحكومة لقضية المطلوبين في معان بالقوة"، وقال ان "القيادات الحزبية والنقابية تضع نفسها تحت تصرف الملك عبدالله الثاني والحكومة للمساهمة في حل المشكلة وحقن الدماء، والمحافظة على سيادة القانون، وأمن الوطن". وكان المراقب العام ل"الاخوان" عبدالمجيد ذنيبات اتهم الحكومة "بالتطرف واستخدام العنف والقوة في معالجة قضية المطلوبين" وقال انه "كان يمكن القاء القبض عليهم، من دون اللجوء للاستخدام المفرط للقوة". ورداً على ذلك، أعربت الحكومة عن "تقديرها لموقف المعارضة الوطني والمسؤول"، وقال مسؤول فيها انها "تثمن الحرص على احترام فرض سيادة القانون وتحمل المسؤولية الوطنية، غير أن الحملة في معان ستستمر الى حين القاء القبض على جميع المطلوبين". في موازاة ذلك، أطلقت السلطات الأردنية أمس مراسل محطة "الجزيرة" الفضائية القطرية في عمان ياسر أبو هلالة، والصحافي في صحيفة "العرب اليوم" المستقلة سمير أبو هلالة، وهما من المدينة واعتقلا أول من أمس بتهمة "اذاعة أنباء كاذبة عن أحداث معان من شأنها التحريض على الاضطرابات وارتكاب الجرائم". وتعد العملية الأمنية في معان الأولى من نوعها التي تنفذها السلطات الأردنية ضد مجموعة مسلحة منذ أيلول سبتمبر عام 1970 عندما تدخل الجيش الأردني لاخراج فصائل فلسطينية مسلحة بالقوة من المملكة. يشار الى أن مدينة معان تعتبر مركزاً لأكبر المحافظاتالأردنية اذ تشكل مساحتها 27 في المئة من المملكة، لكنها لا تضم أكثر من 3 في المئة من سكانها، وترتفع بين قواها العاملة معدلات البطالة، وتدرجها مراكز دراسات مستقلة ضمن أشد مناطق الأردن معاناة من الفقر وسوء الأحوال المعيشية. وأعلن وزير الداخلية الأردني قفطان المجالي ان "50 شخصاً بينهم ثمانية من جنسيات غير أردنية جرى توقيفهم في معان منذ بدء الحملة الأمنية عليها الأحد الماضي"، وأوضح ان الموقوفين هم "أعضاء في العصابة المسلحة، أو ممن قاوموا الأمن العام، أو ضُبطت أسلحة في منازلهم". وقال ان "كميات كبيرة من الأسلحة عُثر عليها في المنازل والمخابئ، بينها قذائف من نوع "آر بي جي" المستخدمة ضد الآليات والدروع، الى أسلحة أخرى مدفونة في منزل "أبو سياف".