توقع رئيس لجنة التفتيش الدولية انموفيك هانس بليكس ان يصوت مجلس الأمن على مشروع القرار الاميركي الاثنين المقبل، وتعهد احترام سيادة العراق وكرامته الوطنية خلال أداء مهمته، مؤكداً ان فريقه "ذو كفاءة عالية"، وشدد على عزمه "التقيد الحازم" بقرارات المجلس. وفيما جددت موسكو رفضها مشروع القرار الاميركي بعد تعديله لأنه "ما زال يحتوي على بعض البنود غير المقبولة" و"يموه" اخرى لشن الحرب، أعلن وزير الخارجية الاميركي كولن باول ان بلاده لن تقبل "بقرار لا يعني شيئاً"، مشدداً على أهمية تضمينه نصاً عن "العواقب"، وأعلنت بريطانيا انها ستشارك في رعاية المشروع الذي وصفه وزير الخارجية العراقي ناجي صبري بأنه "إهانة للأمم المتحدة"، وتحفظت الصين عن إبداء رأيها فيه في انتظار انتهاء لقاء الرئيس جيانغ زيغين والرئيس جورج بوش. أما فرنسا فما زالت متمسكة بموقفها الرافض للمشروع. بعد اجتماع مطول عقده بليكس امس مع نائبي وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف ويوري فيدوتوف، اكد بليكس ان درجة استعداد وكفاءة فريق التفتيش "عالية جداً"، وشدد على عزمه "التقيد الحازم" بقرارات مجلس الأمن، وأداء مهماته بمهنية عالية وموضوعية مع الالتزام بمبدأ احترام سيادة العراق وكرامته الوطنية، وتوقع ان يصدر مجلس الأمن قراراً الاثنين المقبل. وقال انه تلقى دعوة لحضور اجتماع غير رسمي لمجلس الأمن سيخصص لمناقشة الملف العراقي، ولم يستبعد ان تعرض الولاياتالمتحدة مشروعها للتصويت بعد ادخال بعض التعديلات عليه. ووصف نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف التعديلات التي أدخلتها واشنطن بأنها "ليست كافية"، وشدد على انها لم تستجب للمقاييس التي دعت اليها موسكو، وأضاف ان الوثيقة الاميركية ما زالت تحتوي على "نقاط غير قابلة للتطبيق"، وبدلاً من ان تعزز عمل المفتشين الدوليين في العراق فإنها "يمكن ان تؤدي الى افشال مهمتهم". وأوضح ان المشروع الاميركي بعد تعديله يضم بنوداً "جرى تمويهها"، غير انه ما زال يمكن استخدامها لتبرير عمل عسكري ضد العراق، مجدداً رفض بلاده لأي نص من هذا النوع. ودعا الى "عدم التسرع في عرض المشروع على مجلس الأمن" مؤكداً ان موسكو حريصة على متابعة المشاورات "من أجل الخروج بقرارات مقبولة". وقال ان "الأحداث المأسوية" التي تمر بها موسكو حالياً بعد احتجاز مئات الرهائن في أحد مسارح العاصمة تؤكد مجدداً الحاجة الى جمع صفوف الأسرة الدولية ومراجعة التهديدات الحقيقية" التي يتعرض لها المجتمع الدولي والمتمثلة في الارهاب بدلاً من توزيع الجهود في اتجاهات اخرى. وكانت الولاياتالمتحدة قدمت مشروع قرارها لنزع السلاح العراقي الى مجلس الأمن أول من امس بكامل هيئته في محاولة لكسب التأييد والتحرك لإجراء تصويت على المشروع ربما خلال الاسبوع المقبل. غير ان روسيا رفضت على الفور المشروع الاميركي وأثارت فرنسا تحفظات قوية، وأعلنت بريطانيا انها ستشارك في رعايته". وبعد ستة أسابيع من المفاوضات بين اعضاء المجلس الرئيسيين تم توزيع مشروع القرار الاميركي معدلاً على كل أعضاء المجلس الخمسة عشر للمرة الأولى. ولم يتضمن تفويضاً باستخدام القوة العسكرية صراحة اذا لم يذعن العراق لمطالب الأممالمتحدة، لكنه ترك الباب مفتوحاً امام شن حرب بإعلان ان العراق ارتكب "خرقاً مادياً" لقرارات الأممالمتحدة والتهديد "بعواقب وخيمة". وقال جون نغروبونتي سفير الولاياتالمتحدة لدى المنظمة الدولية انه لم يتحدد موعد للتصويت لكن ديبلوماسيين توقعوا ان تبذل واشنطن جهدها لإجراء التصويت الاسبوع المقبل. وقال نغروبونتي: "نأمل ان يتمكن المجلس من التحرك بأقصى سرعة ممكنة لتبني القرار". فيما أعلن الناطق باسم البيت الأبيض آري فلايشر ان العملية "تقترب من نهايتها". وأقر فلايشر بأن التصويت قد ينتهي بالفشل. وقال ان النتيجة "ستكون اتفاقاً أو فشلاً في التوصل الى اتفاق". وقال وزير الخارجية الاميركي كولن باول ان الولاياتالمتحدة ستدرس تعديلات اقترحها اعضاء المجلس. لكنه قال ان الاشارة الى اكتشاف ان العراق ارتكب خرقاً مادياً والتحذير من العواقب الوخيمة ستبقى في نص القرار. وأضاف لصحافيين يرافقونه الى لوس كابوس في المكسيك لحضور قمة مجموعة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي ابك "سنستمع الى تلك الأفكار، لكننا لا يمكننا التخلي عن المبادئ الاساسية". ورفض السفير الروسي سيرغي لافروف المشروع قائلاً انه يحتوي على "استخدام للقوة" غير مقبول ويمنح مفتشي الأممالمتحدة "مهمات يصعب تنفيذها". وقال ديبلوماسيون انه لم يتضح بعد هل ستصوت روسيا باستخدام حق النقض الفيتو على المشروع أم تمتنع عن التصويت، ولكن التصويت بالموافقة أمر مشكوك فيه. أما فرنسا فمن غير المتوقع ان تستخدم حق النقض وستستمع الى تقرير المفتشين عن البنود المتعلقة بهم. وقال ديبلوماسيون ان السفير الفرنسي جان دافيد ليفيت ابلغ اعضاء المجلس ان لباريس تحفظات قوية عن المشروع القرار لأنه ينطوي على "تورية تمنح الولاياتالمتحدة الحق في استخدام القوة من دون اجراء مزيد من المشاورات في مجلس الأمن". واضافوا قولهم ان الولاياتالمتحدة بسعيها الى كسب التأييد في المجلس بكامل هيئته تمارس ضغطاً على روسياوفرنسا وقد تتحداهما ان تستخدما حق النقض. وتوقعوا ان تسحب واشنطن القرار اذا اشتدت المعارضة. وستتخذ عندئذ قراراتها بنفسها. وقالت كوندوليزا رايس مستشارة البيت الأبيض للأمن القومي للصحافيين انها تتوقع ان يحسم المجلس مناقشاته قريباً. و"سنرى أين نحن خلال بضعة أيام". الموقف الصيني غير واضح ولا يزال الموقف الصيني من مشروع القرار غير واضح على رغم تصريحات جديدة صادرة عن وزارة الخارجية. وذكرت وكالة انباء "الصين الجديدة" ان وزير الخارجية تانغ جياكسوان قال في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي دومينيك دو فيلبان ان بلاده تدعم "تسوية سياسية ... في اطار الاممالمتحدة". واضاف تانغ الموجود في المكسيك للمشاركة في قمة منتدى التعاون الاقتصادي ان بكين تأمل بعودة سريعة للمفتشين إلى العراق من دون ان يعطي اي توضيحات اخرى مكتفيا بتكرار موقف بلاده. ولطالما دعت الصين العضو الدائم في مجلس الامن الى ايجاد حل سياسي وسلمي للمشكلة العراقية مشددة على ان يصدر أي قرار بشأن هذه القضية عن الاممالمتحدة وليس من الولاياتالمتحدة وحدها. وسيسعى الرئيس الاميركي جورج بوش الى التأكد من نظيره الصيني جيانغ زيمين الذي يلتقيه اليوم ان الصين لن تستخدم حق النقض ضد مشروع القرار. صبري: القرار ذريعة اميركية للحرب وصف وزير الخارجية العراقي ناجي صبري مشروع القرار الاميركي الجديد بشأن نزع اسلحة العراق بأنه يرقى الى "اعلان حرب" على بغدادوالأممالمتحدة. وقال صبري لقناة "الجزيرة" القطرية ان "الولاياتالمتحدة تريد خلق ذريعة للعدوان على العراق من خلال قرار جديد"، واعتبر ان "مشروع القرار الذي قدمته الولاياتالمتحدة وعدلته اضاف الى السوء الموجود فيه في الاصل وهو إهانة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي". واضاف "هذا مشروع قرار استباحة وحرب على الأممالمتحدة وليس على العراق فحسب. عندما تُلوى الأممالمتحدة وميثاقها وقراراتها لا يعود القصد تبرير العدوان على العراق ولكن العدوان على هيبة الأممالمتحدة". ووصف صبري القرار الجديد بأنه "سيئ". وقال: "نتمنى ألا تتخذ اجراءات تعرقل مهمات المفتشين، وتوضع شروط مستحيلة على بغداد"، موضحاً: "اعطيت فرق التفتيش مثلاً صلاحيات مطلقة ومنعت - وهذا شيء غريب - من إجراء أي تفاهم أو تعاون مع الجهات العراقية لحل أي مشكلة".