حملت الحكومة السودانية على الادارة الأميركية ووصفت قانون "سلام السودان" الذي وقعه الرئيس جورج بوش أول من أمس بأنه "قانون حرب"، وهددت بمراجعة الدور الاميركي في عملية السلام في البلاد. وقللت الخرطوم من شأن قرار وزارة الخزانة الاميركية تجميد أرصدة 12 مؤسسة وشركة سودانية في الولاياتالمتحدة، ورحبت المعارضة السودانية بالقانون الاميركي الجديد ودعت الى توسيع العقوبات على جرائم الحرب فيه لتشمل الثراء الحرام واهدار الموارد واعادة أموال نقلت الى حسابات خاصة في الخارج. اتهمت الحكومة السودانية الادارة الاميركية أمس بممارسة ضغوط عليها وارهابها حتى تقبل ب"سلام على الطريقة الاميركية". جاء ذلك رداً على توقيع الرئيس جورج بوش مساء أول من أمس على "قانون سلام السودان" الذي أقره الكونغرس أخيراً، ونص على فرض عقوبات على السودان ولوح بتقديم مسؤولين الى محاكم بتهم ارتكاب جرائم حرب. ويقضي القانون بتوقيع العقوبات على الحكومة السودانية اذا لم تحرز تقدماً في عملية السلام ويطالب بوش بتقديم تقرير الى الكونغرس بعد ستة أشهر يحدد فيه ما إذا كانت االخرطوم تلتزم عملية السلام. وتصبح العقوبات مقررة حين يفيد تقرير بوش عدم التزام الخرطوم، لكنها لا تصبح واجبة إذا أكد أن "الحركة الشعبية لتحرير السودان" هي التي تعرقل عملية السلام. واعلنت وزارة الخزانة الاميركية في قرار منفصل أ ف ب، تجميد اموال اثنتي عشرة شركة سودانية بينها "الهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون". ولم تعط الوزارة اي سبب لتبرير هذا الاجراء. ورداً على ذلك، اتهم وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل الادارة الاميركية أمس ب"ممارسة ضغوط على حكومته وارهابها حتى تقبل بسلام على الطريقة الاميركية". لكننا لن نقبل بسلام إلا وفق رؤيتنا ولن نقبل بأي سلام على طريقة اميركا ولن تجدى معنا الضغوط التي جربتها ادارة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون". وهدد بمراجعة الدور الأميركي في عملية السلام في بلاده وقال عقب اجتماع مطول مع الرئيس عمر البشير ان "الدور الاميركي بعد قانون الحرب الاميركي صار سالباً وسنراجع كل الأدوار الاميركية تجاه السلام في السودان، وسنكون حذرين ويقظين إزاء التدخل الاميركي في بلادنا". واتهم ادارة بوش بأنها "وقعت على القانون في اطار حملتها الانتخابية وفي اطار مساومة مع لوبي داخل الكونغرس يسعى لتجنب ضرب العراق". وقلل من شأن تجميد واشنطن ارصدة 12 شركة سودانية، وقال ان القانون "استند الى عقوبات اقتصادية فرضتها ادارة كلينتون على السودان في العام 1997"،مؤكداً ان معظم هذه الشركات "غير موجود أصلاً"، وأن حكومته وجهت الشركات منذ تلك الفترة بوقف التعامل التجاري والاقتصادي مع الولاياتالمتحدة وسحب أرصدتها من واشنطن. وأضاف ان الشركة الوطنية للبترول التي ورد اسمها في اللائحة "كانت شركة لتوزيع المحروقات ولا وجود لها حالياً"، وان "شركة السكر كانت قائمة في عهد الرئيس السابق جعفر نميري، وشركة التبغ كان يملكها رجل الأعمال خليل عثمان وتمت تصفيتها ولا توجد حالياً، وشركة الكهرباء هيئة حكومية وكذلك هيئة الاذاعة والتلفزيون". الى ذلك قال مستشار الرئيس لشؤون السلام الدكتور غازي صلاح الدين ان قانون سلام السودان "يؤثر سلباً على عملية السلام ويقدح في دور الولاياتالمتحدة في رعاية عملية السلام". المعارضة السودانية الى ذلك، رحبت المعارضة السودانية في الخارج بالقانون الاميركي، معتبرة انه "يضع صدقية النظام وجديته أمام اختبار حقيقي. ولم يعد أمام النظام متسع في الوقت للمضي في مناوراته وحيله، وعليه ان يعترف بوجود أزمة سياسية تهدد البلاد". وقال رئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" في أوروبا الناطق باسم الحزب الاتحادي الديموقراطي الذي يتولى رئاسة "التجمع" عادل سيد أحمد عبدالهادي في تصريحات أمس "نرحب بالعقوبات، وندعو الى توسيع جرائم الحرب لتشمل الثراء الحرام واهدار المال العام وموارد الدولة والاختلاسات من أموال الشعب وتجميد الحسابات الخاصة التي فتحت في الخارج تمهيداً لإعادة هذه الأموال كما حصل في تجربة الفيليبين، وتطبيق قوانين من أين لك هذا على المسؤولين الحكوميين". وعلق على الجدل الدائر في شأن موقف حزبه من النظام قائلاً ان "موقفنا كان ولا يزال يتلخص في العمل على تغيير تركيبة الحكم وتفكيك دولة الحزب الواحد. لسنا على استعداد للتعامل مع النظام بوجوه عدة، ولن نساوم بقضية شعبنا، وأي موقف مغاير لهذا الموقف يمثل خروجاً عن الاجماع وتراجعاً عن ثوابت هذا الحزب العريق".