مع تعدد ما يصدره نادي جدة الأدبي من دوريات متنوعة يعتبر إصدار "علامات" المعنية بالدراسات النقدية الشريان النابض الذي يمد القارئ بالأبحاث والدراسات النقدية، ما يجعله في صلة وثيقة دائماً بما يستجد في فضاءات النقد في العالم من جانب، ويزوده بآخر الدراسات المنجزة عن الابداع العربي من الخليج الى المحيط من الجانب الآخر. ويميز الاصدار الاخير اشتماله على عدديين انجزهما دارسون عرب في اطار "ملتقى جدة لقراءة النص" في حلقتين متتاليتين اقامهما النادي في فترة سابقة. والسبب في جمع العددين في مجلد واحد مواضيع اريد لها ان تتواءم في محاور نقدية لتصل بينها علاقات الانسجام والتآلف. وتتنوع الدراسات لتبدو فسيفساء من الدرس النقدي تراوح بين قراءة الشعر والرواية والقصة، ويحظى نقد النقد ودروس المصطلحات بما يزيد على احد عشر بحثاً، ما يشكل اكثر من نصف الدراسات التي تضمنتها "علامات". كان لثلاثة ابحاث منها فضل مراجعة نقدية مخصصة لسؤال المعرفة الذي انجزه عبدالفتاح ابو مدين، ومفهوم القيمة في نظرية شكري عياد النقدية، وتنسيق البلاغة العربية قراءة في اعمال محمد العمري. اما المصطلح النقدي فقد حظي بأربعة ابحاث نقدية اخرى: النقد الغربي والنقد العربي، والتأويل في النقد الأدبي الحديث، التكيكية وقراءة النص. الشاهد الاول لانجاح دوريات ذات ابعاد ادبية القيمة التي يمثلها نادي جدة الادبي كمؤسسة، فقد نجح في تنمية مطبوعات اخرى في الشعر والقصة والترجمة وهي دوريات "عبقر" و"الراوي" و"نوافذ" وتأتي "علامات" المعنية بالنقد شاهداً على الحركة النقدية في العالم العربي، لتكون علامة على التكامل والتنوع في آن. وإن هذا التنوع الذي حملته "علامات" منذ بداية صدورها واستقبالها الدراسات النقدية كافة يحملها عبء الشهادة على مرحلة من مراحل النقد العربي الحديث، وهي قادرة على الاضطلاع بمسؤولية كتلك، كما هي قادرة على الاستمرار بالقوة نفسها.