أكدت جبهة التحرير الوطني التي يتزعمها رئيس الحكومة السيد علي بن فليس عودتها القوية إلى مختلف المؤسسات المنتخبة بعد حصولها على غالبية المقاعد في مجالس البلديات والولايات في انتخابات الخميس التي تميّزت بغياب شبه كامل لاعتداءات الجماعات المسلحة. وأعلن وزير الداخلية السيد نور الدين زرهوني في مؤتمر صحافي في العاصمة، أمس، أن جبهة التحرير اكتسحت المجالس البلدية بحصدها 4878 مقعداً من مجموع 13329 مقعداً كانت محل تنافس بين مختلف القوى السياسية والأحرار وستتولى مباشرة إدارة 668 بلدية من مجموع 1541 بلدية. وجاء التجمع الوطني الديموقراطي في المرتبة الثانية بحصوله على 2827 مقعداً 171 بلدية تليه حركة الإصلاح الوطني الإسلامية التي أكدت عودتها القوية بأكثر من 1237 مقعداً 39 بلدية. وتراجع موقع حركة مجتمع السلم الإسلامية التي يتزعمها السيد محفوظ نحناح إلى المرتبة الرابعة بأقل من نصف مقاعد حركة الإصلاح ب 689 مقعداً 19 بلدية. وجاءت جبهة القوى الاشتراكية التي يتزعمها السيد حسين آيت أحمد في المرتبة السادسة بنحو 684 مقعدا 65 بلدية ثم الأحرار ب 869 مقعداً 77 بلدية. وستضطر القوى الأساسية إلى عقد تحالفات لتعيين رؤساء البلديات بسبب تساوي عدد مقاعدها في 371 بلدية. وستكون حصة الأسد لجبهة التحرير الوطني في 323 بلدية، ثم التجمع الوطني الديموقراطي في 202 بلدية فالأحرار في 75 بلدية وحركة الإصلاح في 58 بلدية. وفي انتخابات مجالس الولايات حصدت جبهة التحرير 798 مقعداً 43 ولاية من مجموع 48 ثم حركة الإصلاح 374 مقعداً تتولى إدارة ولاية سكيكدة ثم التجمع الوطني الديمقراطي 336 مقعداً لن يكون له الحق في إدارةأي مجلس ولاية لوحده. وحصلت جبهة القوى الاشتراكية على 83 مقعداً وسيكون لها حق إدارة مجلسي ولايتي تيزي وزو وبجاية. وبقيت ولايتان محل تنازع بين جبهة التحرير مع التجمع الديموقراطي ولاية أدرار ومع حركة الإصلاح في ولاية ميلة. وعلى رغم قول الأحزاب المشاركة في الاقتراع ان نسبة الإقبال كانت ضعيفة، إلا أن وزير الداخلية أعلن أن نسبة المشاركة بلغت أكثر من 50 في المئة باستثناء منطقة القبائل، مشيراً إلى أن هذه النسبة كان يمكن أن ترتفع لولا رداءة الأحوال الجوية في ولايات عدة وأيضاً حدوث اضطرابات في عدد كبير من بلديات منطقة القبائل بعدما خرج مسؤولو تنظيمات العروش البربرية إلى الشارع لتنفيذ تهديداتهم بالمقاطعة. وقال الوزير ان نسبة التصويت في منطقة القبائل بلغت 6،15 في المائة في ولاية بجاية حيث جرت الانتخابات في 31 بلدية من مجموع 62 بلدية، في مقابل نسبة 47،7 في المئة في ولاية تيزي وزو حيث بقيت المكاتب مفتوحة طوال النهار في 36 بلدية من مجموع 67 بلدية. وفي شأن تعامل الحكومة مع تنظيمات العروش التي فرضت نفسها في منطقة القبائل، قال وزير الداخلية "إن لجوء هؤلاء إلى استعمال القوة لمنع الناس من التصويت دليل واضح على فشلهم في إقناع الناخبين بصحة مزاعمهم". ومثلما حصل في الانتخابات التشريعية في أيار مايو الماضي، تراجع دور التجمع الوطني الديموقراطي وحركة مجتمع السلم، وهما عضوان في الائتلاف الحكومي. وبرزت قوة صاعدة هي أساساً جبهة القوى الاشتراكية وحركة الإصلاح الوطني، وهما من موقعي "العقد الوطني" الذي يدعو إلى حل سياسي للأزمة الجزائرية. كذلك برزت قوى "الأحزاب الصغيرة" مثل الجبهة الوطنية الجزائرية التي يتزعمها مسؤول سابق عن "تنسيقية أبناء الشهداء" في ثورة التحرير. وحول شكاوى ممثلي بعض الأحزاب بخصوص حدوث تزوير في صناديق الاقتراع، اعترف الوزير، في رده على سؤال "الحياة"، بوجود محاولات التزوير. وتابع: "لقد جرت العملية في شفافية بدليل أنكم استطعتم معاينة هذه الحالات وهو ما يؤكد فعالية جهاز المراقبة"، لافتاً إلى اعتقال عدد من الأشخاص الذين ضبطوا وفي حوزتهم أكياس تحوي أوراق تصويت و"غالبية هؤلاء من المرشحين". ويُلاحظ انها المرة الأولى منذ فترة طويلة تنجح قوات الأمن في التحكم تماماً في الوضع، إذ لم تشهد الجزائر اعتداءات تذكر للجماعات الإسلامية المسلحة، وهو ما اعتبره مراقبون ثمرة العمليات الأخيرة التي تمت ضد أوساط شبكات دعم وإسناد للجماعات في مناطق مختلفة.