تحولت أمسية شعرية "دافئة" أحياها الشاعر المصري عبدالرحمن الأبنودي مساء الاثنين الى تظاهرة عربية، وأغنية "صعيدية - فلسطينية" ورحلة ذكريات للشاعر استرجع فيها أيام الطفولة، وحكاياته مع "حراجي" في مسقط رأسه "ابنود"، بل كان ل"الموبايل" الهاتف النقال مكانه في مداعبات بين الشاعر والجمهور، عندما كانت "نغماته" تزعجه أثناء إلقاء قصائده، فقال: "ابن حرام الذي اخترع الموبايل، الصعايدة مضيعين فلوسهم على الشاي وأنتم الجمهور على الموبايل". كانت فلسطين حاضرة بقوة في أشعار صاحب الدواوين ال15 التي من أبرز عناوينها "أنا والناس" و"الأرض والعيال" و"صمت الجرس" و"المشروع الممنوع" و"بعد التحية والسلام" و"وجوه على الشط" و"الاحزان العادية"، اضافة الى كتابين نثريين هما "آخر الليل" و"الاخطاء المقصودة". وفي الأمسية التي دعا اليها نادي الجسرة الثقافي في الدوحة أنشد الابنودي لفلسطين التي قال: "كأنني ولدت فيها" من شدة "ارتباطي بها"، ولأطفال الحجارة، و"للحارة الفلسطينية"، فقال "يا قدس قولي لحيطانك اثبتي قوي لا تبحثي عن حلول، الحل من جوّة"، وهكذا اشعل حماس الجمهور الذي امتلأت به قاعة كبرى في فندق "شيراتون الدوحة". وكان لافتاً الحضور الكثيف للعرب من جنسيات عدة وبينهم قطريات وفلسطينيات ومصريات وسودانيات وغيرهن من عاشقات الكلمة الهم، والحرف الموجع. ومثلما غنى الشاعر بصوت صعيدي دافئ ل"الحجارة" والطفل الفلسطيني بقوله: "يا حجارتي يا قنابل"، ردد شعراً عن "الثورة ضد الصهيوني" و"اميركا" التي "داوشها المخيم في الحارة الفلسطينية"، وكان لذكرياته في أثناء حرب الاستنزاف في مصر حضور ايضاً، فتحدث عن الفلاحين الذين رفضوا الهجرة من على شاطئ قناة السويس. قال الأبنودي الذي مزج الشعر بالرأي والموقف أثناء الأمسية: "هناك على شاطئ السويس شفت رأيت صورة مشرقة للأمة العربية لم تتكرر الا في جنوبلبنان، ان شاء الله لا أحد يعلن وفاة هذه الأمة العربية". وعلى نحو اكثر من ساعتين وقف الشاعر الذي "زحف" الشيب الى شعر رأسه، ينشد شعراً جميلاً، بقلب شاب اخضر، عن "يا قمر" و"السد العالي" و"الليل جدار" و"عم ابراهيم ابو العينين الذي اذا لم يضحك اليوم كله يموت". وكان لقصيدة "العنكوبة" حضورٌ فجر مشاعر الجمهور لأنها تحكي عن "عيون القدس". كما قرأ قصيدة "يا مْنة" وهي حوار انساني بينه وعمته الصعيدية. وفي ظل كل هذه المشاهد كان لافتاً ان عدداً من الناس التفوا حول الشاعر عقب نهاية الأمسية الشعرية للسلام والتقاط الصور التذكارية، وكان الحضور الكثيف للجمهور والعناق الحار مع الشاعر بمثابة استفتاء على دور الشعر العربي المشحون بهموم الناس في تفجير ينابيع المحبة وأشواق الملايين الى غد مأمول. وكان مشهد زهرات فلسطينيات تجمعن حول الشاعر بعد المحاضرة لتحيته على مواقفه من "القضية" قصيدة تحتاج الى قراءة، وهكذا فعلت شابتان قطريتان طلبتا منه بذوق وخجل معلومات عن دواوينه عندما تقابلتا معه "صدفة" أمام بوابة القاعة.