العاصفة الباردة التي ما برحت تهبّ على الحوض الشرقي للمتوسط حملت معها الكثير من الثلوج الى لبنان وسورية والاردن وفلسطين ولم تغفل مدينة الاسكندرية. والثلوج التي غطت الجبال والسواحل بددت بعض المخاوف في البلدان التي طالما خشيت عواقب الجفاف وكان حلّ عليها خلال سنوات. المناظر الثلجية تتشابه بين مدينة وأخرى وفرح المواطنين بها يكاد يكون هو نفسه على رغم الصقيع الذي شلّ الحركة وخصوصاً في القرى والأرياف. ثلج عمّان الخجول خجولاً ومتردداً يبدو الثلج هذا العام في عمان. يطل برأسه ويتراجع. لا يبدو مشتاقاً الى العمانيين المتشوقين لقدومه. وهم منذ أيام يتابعون أخباره عبر الشاشات، وكلما لاحظوا ثلجاً في دولة مجاورة، كسوردية أو تركيا، استبشروا خيراً. ثم هبّت الرياح الباردة، وعصفت بالأشجار وعبثت بالحدائق، ونام الصغار على حلم ثلجي يعطل مدارسهم، والكبار على ما يعطل دوائرهم. لكن الضيف الذي أطل برأسه، عاد وألغى زيارته، فترك حسرة في النفوس. الآن... تحتاج عمان الى الثلج أكثر من أي وقت مضى. فبعد صيف حار نسبياً، وما يشبه الجفاف في المناخ العام، وفي ظل ضغوط اجتماعية وسياسية ساخنة وهائلة، يُنتظر الثلج ليخفف وطأة المعاناة. فالثلج يدفع الى الخروج مع أغاني فيروز "ثلج... ثلج"، وأهازيج محلية معروفة "اثلجي وزيدي... بيتنا حديدي". كما يدفع بالكثيرين مع آلات التصوير ليحتفظوا بلحظات من هذا العرس النادر، والذي لا يستمر طويلاً. دمشق و هاجس الجفاف توقفت أمس الأعمال في دمشق وامتنع الطلبة عن الذهاب الى المدارس، بسب تساقط الثلوج، لاعتباره مناسبة تستحق الاحتفال، خصوصاً بعد سنوات عدة من الجفاف الذي خلّف نقصاً خطراً في المياه. وخرج الجميع الى الشوارع لتبادل التهانئ عبر كرات الثلج التي وجهها المحتفلون الى السيارات والمارة. فتحولت الطرقات الى ساحات للمعارك الثلجية. يقول احد المحتفلين: "الجميع يحب اللعب بالثلج كباراً وصغاراً ورؤيته بعد طول انتظار تغمرنا بسعادة كبيرة". وكانت الأرصاد الجوية السورية توقعت هطول الثلج أول من أمس وانتظر السوريون تغير الطقس من دون جدوى، ليستيقظوا صباح أمس على مشهد بات نادراً في العاصمة السورية: اللون الأبيض يغطي كل شيء. وأزال تساقط الثلوج خوف السوريين على مستقبل مياه الشرب والري، إذ بلغ النقص العام في المياه نتيجة الجفاف 577 مليون متر مكعب سنوياً بنسبة 46 في المئة. لبنان الأبيض ضربت لبنان عاصفة ثلجية قوية لم يشهدها منذ 10 سنوات، أدت الى عزل المناطق الجبلية اعتباراً من 600 متر وقطع الطريق الدولية بين بيروتودمشق. وتساقطت الثلوج بكثافة في المرتفعات الجبلية ووصلت الى ارتفاع 400 متر فيما تساقطت الأمطار بغزارة في المناطق الساحلية. وتساقطت الثلوج بغزارة على البقاع لأول مرة هذا العام وأدت العاصفة الثلجية التي لم تشهد المنطقة مثلها منذ عشر سنوات الى اغلاق معظم الطرقات. وهبطت درجة الحرارة الى 3 تحت الصفر، وتجاوز ارتفاع طبقة الثلج في زحلة 35 سنتيمتراً. ودعت وزارة الداخلية والبلديات المواطنين في بيان لها الى تجنب سلوك الطرق الجبلية حتى انتهاء العاصفة الثلجية إلا في حال الضرورة حفاظاً على سلامتهم. وأفادت مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي ان العاصفة تستمر حتى اليوم مع بعض الانفراجات البسيطة. ...وللإسكندرية حصتها تعرضت مصر لموجة شديدة البرودة أدت الى إغلاق عدد من الموانئ وتوقف حركة السير والسفر في عدد من المدن الرئيسة. ففي القاهرة كان ملحوظاً خلو شوارعها من المارة وإغلاق المتاجر والمقاهي. وتعرضت الاسكندرية والساحل الشمالي لأمطار وعواصف رعدية صاحبها تساقط الثلوج مع اليوم الثاني لنوة "الفيضة الكبرى"، وتسبب سقوط الأمطار بتجمع كميات كبيرة من المياه تحت الجسور وفي الشوارع الرئيسة وتقوم الأجهزة المختصة بجهود كبيرة لإزالتها. وأغلقت السلطات ميناءي الاسكندرية والدخيلة. وتعرض شمال سيناء صباح أمس لرياح شديدة وموجة صقيع شديدة البرودة وسقوط أمطار أدت الى خلو الشوارع من المارة. وتغيّب عدد من الموظفين وطلاب المدارس.