أعلن الأمين العام لحركة التجديد الحزب الشيوعي سابقاً محمد حرمل عن نهاية صيغة المعارضة الوفاقية وانتقد بشدة الاحزاب البرلمانية المقربة من الحكم. ويسيطر "التجديد" الذي كان يتزعم تيار "المعارضة البناءة"، على خمسة مقاعد في البرلمان. وشكك حرمل 71 عاماً وهو عميد المعارضين في مجلس النواب في مقابل نشرته مجلة "الطريق الجديد" لسان حال الحزب أمس في "مصير التعددية في صيغتها الحالية ومصير الاحزاب الممثلة منها والتي لا تمثل شيئاً، الجادة منها وغير الجادة". وفي تونس خمسة أحزاب ممثلة في مجلس النواب وستة خارجه. وقال حرمل انه كان "يحمل آمالاً واسعة بأن التعددية سائرة نحو الانتشار والتأصيل في المجتمع وان على مراحل في اطار وفاق وطني مع الحكم يحمي المكاسب ويضمن الاستقرار". وأضاف: "مع مرور الأيام والسنوات والتجارب المرة اتضح لي ولسواي ان هذه الصيغة من التعددية لم تتطور وان الاحزاب لم تتقدم بل ما زالت تدور في حلقة مفرغة ... ولم يتغير التوازن المختل بين الحزب الحاكم والمعارضة بين ثقافة الحزب الواحد وثقافة التعددية". وكانت صيغة "المعارضة الوفاقية" أرسيت في 1994 على أساس تفاهم بين الحكم وأربعة من أحزاب من المعارضة أسفر عن اعطائها 19 مقعداً في المجلس ورفعت في الانتخابات التالية 1999 الى 33 مقعداً وضم حزب صغير الى أحزاب الوفاق البرلمانية الأربعة. هامش ديموقراطي واعتبر حرمل ان القضية الكبرى في تونس اليوم "تتمثل بكون الهامش الديموقراطي بقي هامشاً، فهو لا يسمح بنقلة نوعية الى التعددية المأمولة وانما تجمدت الأمور في المستوى الذي هي عليه وأغلقت أبواب الخروج من المأزق". واتهم السلطات بكونها "ترفض الرأي المخالف وان كان مسؤولاً وترفض النقد وان كان بناء حتى بات الوفاق الوطني أحادي الجانب لا يقبل الا المساندة بل المساندة المطلقة. وحمَل على وضع الإعلام منتقداً "غياب التعددية في الاعلام الوطني خصوصاً التلفزيوني عدا دقائق خاطفة خلال الانتخابات، فيما نحن في عهد الفضائيات". وحذر من ان استمرار هذا الوضع "سيؤدي الى افراغ التعددية من مضمونها ... ويهيئ التربة للتطرف والمغامرة وتغذية التيارات الرجعية والمتاجرة بالسياسة". وتزامن تشكيك حرمل بصيغة المعارضة السابقة مع تشكيل أربعة أحزاب خارج البرلمان اطاراً للعمل المشترك أطلق عليه "الوفاق الديموقراطي" ويضم "الحزب الديموقراطي التقدمي" بزعامة المحامي نجيب الشابي و"التكتل الديموقراطي للعمل والحريات" بزعامة الطبيب مصطفى بن جعفر و"حركة الاشتراكيين الديموقراطيين" بزعامة محمد مواعدة الذي يوجد في السجن منذ الربيع الماضي و"المؤتمر من أجل الجمهورية" بزعامة الطبيب منصف المرزوقي. وتعتبر المبادرة التي أعلن عنها الشهر الماضي أول محاولة لجمع المعارضة غير البرلمانية وتشكيل مركز ثقل سياسي في وجه "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم الذي يستأثر بأكثر من 80 في المئة من المقاعد في مجلس النواب. وكان لافتاً التقارب المسجل أخيراً بين "حركة التجديد" وحزبين من تشكيلات "الوفاق الديموقراطي"، إذ اجتمع وفد برئاسة حرمل مع وفد من "الحزب الديموقراطي" برئاسة الشابي واتفقا على مبادرات مشتركة، فيما اجتمعت قيادة "التجديد" مع وفد من "التكتل" برئاسة بن جعفر ما يؤشر الى اقامة جسر بين "التجديد" والاحزاب غير الممثلة في البرلمان على خلفية الاعداد للانتخابات العامة المقررة للسنة 2004.