سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
افتتاح الدورة 19 لمجلس وزراء الداخلية العرب في بيروت في غياب لافت لليبيا . لبنان وسورية يدعوان الى استهداف الارهاب الاسرائيلي أولاً والأمير نايف يرفض وضع المسلمين والعرب في قفص الاتهام
حلّت أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر الماضي وما رافقها من تداعيات في العالم ثقيلة على جلسات اليوم الأول من الدورة 19 لمجلس وزراء الداخلية العرب التي تستضيفها بيروت، وتوالت المواقف الحادة الرافضة تعميم تهمة الارهاب على العرب والمسلمين مع الاصرار على التمييز بينه وبين كفاح الشعوب ومقاومتها للمحتل، لكن بتسليم الجميع بأن الأمن غير قابل للمساومة. 17 وزيراً عربياً حضروا الدورة التي تأخرت عن موعد افتتاحها نحو ساعة ونصف الساعة، ومثل الجانب الفلسطيني بعد ان منعت اسرائيل وزير العدل الفلسطيني فريح أبو مدين من السفر الى بيروت وكيل وزارة الداخلية في السلطة الفلسطينية أحمد سعيد بيوض التميمي الذي جلس الى مقعد الوزير. وأوضح التميمي ل"الحياة" ان "مشاركة فلسطين شاملة واستثنائية بسبب خصوصية فلسطين". وكان لافتاً في انطلاق الافتتاح غياب ليبيا عن المؤتمر على رغم حضورها الاجتماعات التحضيرية التي سبقت الاجتماع والأخذ باقتراح تقدم به وفدها يتعلق بضرورة البحث في جرائم ال"انترنت" وتقرر احالته على لجنة لدرسه، فيما أبلغ الوفد بأن اقتراحه الثاني في شأن مكافحة التسلل الاجنبي غير الشرعي الى الوطن العربي متخذ فيه قرار سابق. وأثار الغياب الليبي قلقاً لبنانياً، اذ يعوّل لبنان على اجتماع وزراء الداخلية العرب كونه نموذجاً لما ستكون عليه المشاركة في القمة العربية التي سيستضيفها بعد شهرين. وهو تفانى في اجراءاته الأمنية لهذه الغاية محولاً فندق "فينيسيا" الى قلعة محصنة من الخارج والداخل أيضاً. ولم يثر غياب جيبوتي والصومال وجزر القمر اي استفسارات كالغياب الليبي. واقتصرت جلسة الافتتاح على ثلاث كلمات: أولها للأمين العام لمجلس وزارء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان الذي ضمّن خطابه ما سبق ان حذرت منه الدول العربية وقال: "ظلت الدول العربية لسنوات عدة تدعو المجتمع الدولي الى ادانة أشكال الارهاب وخصوصاً ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل لإدامة احتلالها للأراضي العربية وطرد الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم وارتكاب المجازر، كما ظلت تناشد العالم عقد مؤتمر دولي تحت اشراف الأممالمتحدة لتحديد مفهوم الارهاب ووضع اتفاق دولي لمكافحته على غرار الاتفاق العربي. كما ظلت، ومن دون جدوى، تدعو الدول التي تؤوي الارهابيين الى الكف عن إيوائهم وتقديم المساعدة اليهم واليوم يتحقق صدق التحذيرات العربية". وأسف لكون "الاستفاقة العاصفة على هول الارهاب صحبها لدى الرأي العام الغربي خلط بين الارهاب والعروبة وبين الارهابيين والمسلمين حتى غدا الحديث باللغة العربية مدعاة للحذر وحتى باتت الشعائر الدينية مثاراً للتوجس، اضافة الى ما عانته جاليات عربية في الغرب من مضايقات وتجاوزات غير انسانية لا يقرها القانون". ورأى "ان اسرائيل استغلت هذه الأحداث لتصوّر للعالم شرعية ما تقوم به من اغتيال وهدم وتدمير بداعي انه مكافحة للإرهاب الأمر الذي جعلها تحظى، وللأسف بتعاطف بعض الدول الغربية من منظور انها ضحية للارهاب وحليف موضوعي لمواجهته، من دون النظر الى ان ما تمارسه من ارهاب الدولة ضد الأبرياء العزل يمثل أخطر انواع الارهاب وصوره". الأمير نايف وربط وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب الأمير نايف بن عبدالعزيز في كلمته بين "الظروف المستجدة البالغة القسوة والمرارة التي يعقد فيها وزراء الداخلية العرب اجتماعاتهم وبين تحديات عالمية متنامية ومخاطر جسيمة تداعت على عالمنا العربي قاطبة وهي تبرز الآن بجلاء كمهدد آخر من المهددات التي تستلزم منا جميعاً حتمية المواجهة، وأعني المواجهة الواعية العاقلة، والتصرف بروية وحنكة وحكمة والتعامل مع الآخر برصيد من تجاربنا وخبراتنا وآدابنا وثقافاتنا، وانطلاقاً من إرثنا الاخلاقي والحضاري". واعتبر "ان الأحداث الأخيرة التي استهدفت أمن الولاياتالمتحدة الاميركية أفرزت تطورات وتداعيات سالبة بكل المقاييس واستفزت أجندة المدنيات الغربية وأثارت غضب الرأي العام الغربي وحركت مشاعر العداء والكراهية تجاه العرب والمسلمين". وقال: "الضرر كان أبلغ والأذى اكثر جسامة مما تخيل صناع "الارهاب" ودعاته وحماته وانعكست آثار هذه الأحداث على المجتمع الانساني عموماً وعلى عالمنا العربي والاسلامي خصوصاً، وجدوا المبرر الكافي لدمغ بلداننا بالغلو والشطط والتعنت واتهموها باستخدام كل الأساليب الارهابية لعرقلة حركة التقدم ومقاومة التطور. أشهر الاعلاميون سلاحاً من اسلحتهم المدخرة لحلبة "صراع الحضارات" وغشيت الأعين غشاوة فكان حكمهم بوضعنا في قفص الاتهام، فأصبحنا بحكم ذلك المتهم والضحية في الوقت نفسه، فعلوا ذلك قبل ان يبينوا الاجابة عن السؤال التالي: من فعل هذا، أفراد أم جماعة ام دولة ام دول؟ معتدلون ام منحرفون؟ أكثرية أم نشاز؟ مقبولون في بلدانهم أم منبوذون؟ ولا شك انكم استخلصتم أبعد وأكثر مما ذكرت حول انعكاسات هذه التداعيات وآثارها المدمرة، الملموس منها او المحسوس والخفي او المستتر". وأكد الأمير نايف "ان شريعتنا علمتنا ألا نعتدي إلا على من اعتدى علينا وبمثل ما استخدم في عداوته، وإذا خاصمنا ألا نفجر في الخصومة، وخاطبتنا بألا نقاتل الا من قاتلنا، ولذلك فإن مفردة "ارهاب" لا وجود لها في قاموس فكرنا السياسي والسلوكي". وقال: "نحن امة شاء الله ان تكون وسطاً لا إفراط ولا تفريط، لا شطط او عنت ولا تهاون أو تقاعس، امة أنيطت بها رسالة انسانية جامعة وكاملة. ولذا فهي امة رحمة وداعية محبة ورائدة عدل توجب عليها رسالتها عدم ترويع الآمنين وإرهاب العزل الغافلين، فما عرف تاريخنا شراسة المباغتة ولا فظاعة التمثيل، بل أمر بإكرام الأسير ونهى عن المثلة بالميت". ورأى ان الظروف والتداعيات الخطيرة "تستوجب من دولنا التشاور والتنسيق المستمرين وذلك في ضوء التدابير والاجراءات الرامية الى القضاء على الارهاب الدولي ومكافحته مع الأخذ في الاعتبار التمييز بين الارهاب وبين الكفاح المشروع دفاعاً عن العرض والأرض والمبادرة الى الاتصال بالدول الأخرى في اطار الجمعية العامة للأمم المتحدة لاطلاعها على جهودنا في مكافحة الارهاب، وإيضاح معاناتنا من هذه الآفة الخطيرة والتصدي لتجريم شعوبنا وعقيدتنا من خلال إلصاق تهمة الارهاب بها". وركّز الأمير نايف على ما يجري "على مرمى البصر منا في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة من اعمال غير انسانية وارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ومن خلال آلة الحرب المدمرة التي يتّمت الاطفال وشرّدت النساء ودمرت المنازل وقتل الابرياء العزل على مرأى من العالم اجمع". وقال: "اننا نتابع ما يحدث بقلق شديد وما يثير تساؤلنا جميعاً، اذا لم تكن ممارسات اسرائيل غير الانسانية ارهاباً فما هو الارهاب إذاً؟ اننا نوجه الدعوة لكل ضمير حي ولكل منصف وعاقل ان يقول كلمة الحق وأن يسمي الاشياء بأسمائها وأن يحدد مفهوماً واضحاً ودقيقاً للارهاب". كلمة لحود ولفت رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود في كلمته التي ألقاها وزير الداخلية الياس المر الى الأولوية التي يحتلها ملف الارهاب ومكافحته بكل اشكاله "نظراً لما تركته الاحداث الاخيرة من انعكاسات على العالم عموماً وعلى المنطقة العربية أمنياً وسياسياً واقتصادياً". وإذ أشار الى "تصدي المجلس للتحديات الأمنية بكل انواعها وكان سبّاقاً الى وضع اتفاق عربي شامل لمكافحة الارهاب، كما كان لبنان سبّاقاً الى مكافحة الارهاب"، أكد "ان مواقفنا لم تكن يوماً إلا واضحة وصادقة ومبنية على قناعاتنا الوطنية، لا خوف فيها ولا خجل بل شرف وكرامة ونحن ضد الارهاب في المبدأ والشكل والمضمون، لا تعنينا مزايدة ولا تلزمنا دروس لأننا نؤمن بأن الأمن حق مقدس لأهلنا وشعبنا لا مساومة فيه ولا مسايرة. وكما لا أمن بلا حرية، لا حرية بلا أمن، والأمن هو حجر الزاوية في النهوض والتطور والابداع. ويخطئ امام الله والتاريخ من يظن ان للارهاب ديناً او وطناً". ورأى ان "من يسعى الى القضاء على الارهاب عليه ان يسعى الى معالجة اسبابه ايضاً وتحقيق العدالة الحقيقية والمساواة بين الشعوب والأمم". وقال: "يخطئ من يظن ان استمرار الكيل بمكيالين وتغليب منطق القوة على الحق يمكن ان يدوم، لا يمكن للظلم ان يحقق عدالة ولا يمكن للقهر ان يولّد سلاماً". وسأل لحود: "كيف يصنع السلام في المنطقة واسرائيل تمارس ابشع انواع الارهاب الدموي والفكري والنفسي بقتلها الابرياء والاطفال والنساء من دون تمييز؟ كيف يصنع السلام والترسانة العسكرية الاسرائيلية تقتل المواطن العربي وتهدم بيوت الآمنين وتحتل الارض العربية وتدمر ما تشاء وأينما تشاء؟ كيف يصنع السلام ومقاومة الاحتلال بالأجساد العارية توضع على مسافة واحدة مع الارهاب، والاحتلال والتدمير الاسرائيلي المنظم يعتبر دفاعاً عن النفس؟". وشدد على "اننا دعاة سلام عادل وشامل يضع حداً للحروب والمآسي في المنطقة، سلام مبني على قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي، ولا سلام من دون حق العودة، ولا عودة مع التوطين ولا مساومة على حق لبنان في رفض التوطين وحق الشعب الفلسطيني في ارضه ووطنه". وقال: "ان منطق القوة لا يصنع سلاماً وإنما قوة المنطق هي التي تصنع السلام لأن القوة مهما طال بها الزمن لا يمكن ان تغتصب حقاً الى الأبد". الجلسات وتحولت جلسات المجلس الى جلسات مغلقة ألقيت خلالها كلمات باسم الدول المشاركة. فأبدى وزير الداخلية السوري اللواء علي حمود دهشته واستغرابه من "ان يصف بعضهم المنظمات الفلسطينية الموجودة في سورية بأنها منظمات ارهابية وأن سورية التي تؤويها بلد راع للارهاب متجاهلاً مسؤولية اسرائيل عن اقتلاع هؤلاء الفلسطينيين من ديارهم وتشريدهم خارج وطنهم وحرمانهم حتى اللحظة حق العودة كما يطالبها بذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194". وقال: "يجب على من يريد استهداف الارهاب في منطقتنا ان يستهدف الارهاب الاسرائيلي اولاً وأخيراً". وأكد ان "لا بديل عن معالجة اسباب هذا الارهاب واستئصاله نهائياً إلا من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية"، داعياً الى "عدم الرضوخ الى الضغوط الرامية الى اعتبار اعمال المقاومة المشروعة من اجل التحرر الوطني ارهاباً". اما وزير الداخلية الأردني قفطان المجالي فشدد على موضوع الأمن "وما يتعرض له الاسلام العظيم هذه الأيام من حملات تشويه ظالمة تستهدفه كدين وحضارة ونمط حياة وتحاول النيل منه". ودان وزير الدولة للشؤون الداخلية في قطر الشيخ حمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني الارهاب "أياً كانت صوره وأشكاله مع ضرورة التفريق بين الارهاب كظاهرة اجرامية وبين حق الشعوب التي ترزح تحت نير الاحتلال في تحرير اراضيها". ودعا الى "تقديم الدعم والمساندة لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني الشقيق في مواجهة الاعتداءات التي يتعرض لها ومؤسساته السياسية والأمنية"، معلناً باسم امير قطر تقديم "مبلغ مليون دولار اميركي لتغطية بعض الخسائر التي تعرضت لها اجهزة الأمن الفلسطينية". وأيّد وزير الداخلية اليمني اللواء الدكتور رشاد محمد العليمي "اقرار مشروع القانون النموذجي لتسليم المتهمين والمحكوم عليهم وإقرار مشروع الاستراتيجية العربية للسلامة المرورية"، مشيراً الى موقف اليمن "المبدئي والواضح من الارهاب، ومنطلق هذا الموقف ما عانته بلادنا جراء الاعمال الارهابية التي استهدفتها". وشدد وزير الداخلية المصري اللواء حبيب ابراهيم العادلي على اهمية عقد مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب تحت مظلة الأممالمتحدة وضرورة تطويق الازمات والصراعات الدولية والاقليمية التي من شأنها خلق مناخ ملائم لانتشار الارهاب وفي مقدمها القضية الفلسطينية". وأكد التزام مصر دعم الشرطة الفسلطينية. وشدد وزير الداخلية المغربي ادريس جطو على أهمية محاربة الجريمة المنظمة "عبر تنويع ميادين التعاون المشترك في المجالات الأمنية وغير الأمنية". ودعا الى "تعزيز المساعدة والمساندة لمن هم في امسّ الحاجة اليها وعلى رأسهم اشقاؤنا الفلسطينيون". ونبه وزير الداخلية السوداني اللواء الركن عبدالرحيم محمد حسين الى "ان الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ او ينفصل فما يمس اي بلد عربي ينتقل اثره الى البلد الآخر". ودعا وزير الداخلية الكويتي الشيخ محمد الخالد الصباح الى تضافر الجهود "لمكافحة ظاهرة الارهاب التي لا يمكن ان تستثني احداً من شرورها". مع تفريقه "بين الارهاب وحق الشعوب في تقرير مصيرها ومقاومة الاحتلال". اما وزير الداخلية العراقي محمود ذياب الأحمد فهاجم أميركا "اكبر داعم للارهاب لاستخدامه في تشويه صورة الاسلام والعروبة وفي الاعتداء على المسلمين واطلاق التهديدات من غير ترو". ورأى "ان التطرف لا يمكن ان ينشأ من فراغ". وناشد المجلس استنكار التهديدات الأميركية العدوانية ضد أمن وسيادة بعض الاقطار العربية والدعوة الى وجوب الالتزام بقواعد الشرعية الدولية. وتحدث وزير الداخلية التونسي عبدالله الكعبي عن نجاح بلاده في مواجهة ظاهرة الارهاب ودعا الى القضاء على اسباب نشوئه كالتهميش والاقصاء والتطرف والفقر. وعرض التميمي في كلمة ابو مدين الى الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون وما تم التوقيع عليه في اتفاق اوسلو، ودعا الى "مساندة الشعب الفلسطيني وقيادته حتى يبقى صامداً مدافعاً عن المقدسات الاسلامية والمسيحية، ودعم السلطة الفلسطينية وشرطتها ومساعدتها على تعويض خسائرها".