أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يرحب باعتماد الجمعية العامة قرار سيادة الفلسطينيين على مواردهم الطبيعية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يدعو الدول الأعضاء إلى نشر مفهوم الحلال الأخضر    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    هيئتا "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    جرائم بلا دماء !    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    الحكم سلب فرحتنا    الخرائط الذهنية    «خدعة» العملاء!    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    عاد هيرفي رينارد    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    لماذا فاز ترمب؟    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    علاقات حسن الجوار    الصين تتغلب على البحرين بهدف في الوقت القاتل    القبض على (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (126) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    فريق الرؤية الواعية يحتفي باليوم العالمي للسكري بمبادرة توعوية لتعزيز الوعي الصحي    هاتفياً.. ولي العهد ورئيس فرنسا يستعرضان تطورات الأوضاع الإقليمية وجهود تحقيق الأمن    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    مركز صحي الحرجة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للسكري"    إجتماع مجلس إدارة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس اجتماع الدورة الخمسين للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    انعقاد المؤتمر الصحفي للجمعية العمومية للاتحاد الدولي للخماسي الحديث    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    عصابات النسَّابة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    198 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني للآثار    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    أجواء شتوية    مقياس سميث للحسد    الذاكرة.. وحاسة الشم    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سورية : 2001 عام التحولات الكبيرة والقرارات الصعبة والانفتاح الاقتصادي على العراق والعالم

يمكن اعتبار عام 2001 بأنه عام "القرارات الاقتصادية" بامتياز إذ شهد صدور نحو 113 مرسوماً تشريعياً وقانوناً، الامر الذي وصفه الخبراء الاقتصاديون بأنه "ثورة اقتصادية" ستسهم في نقل الاقتصاد السوري من "الانغلاق الى الانفتاح".
لكن المشكلة القائمة، هي عدم مواكبة "الجسم التنفيذي" ل"العقل المفكر" لهذه القوانين، ما اعاق حتى الآن تنفيذ هذه التشريعات التي "يتفاءل" كثيرون بقدرة الوزارة التي تم تشكيلها اخيراً، على انجازها بطاقمها الاقتصادي الجديد والتفاعل مع "متطلبات الاصلاح والتطوير".
وتتوقع مصادر اقتصادية ان يحمل صدور قانون "مجلس النقد والتسليف" مطلع السنة الجارية الفرصة لتنفيذ قوانين المصارف الخاصة والاوراق المالية والسرية المصرفية وتبييض الاموال، اذ انه "سيتولى مهمة العمل على تنظيم مؤسسات النقد والتسليف في سورية وتنسيق فاعلياتها" وقبول طلبات الترخيص للمصارف الخاصة التي بلغ عددها حتى الآن نحو 100 طلب، على أن يضع المجلس في "قمة اولوياته مهمة المحافظة وتحسين القوة الشرائية للنقد السوري وتنمية السوق النقدية والمالية، و تحقيق استقرار اسعار الصرف الخارجي للنقد السوري، وتأمين حرية تحويل الى العملات الاخرى وتوسيع امكانات الاستخدام والعمل على انماء الدخل القومي".
ووضع اقرار هذه القوانين المالية، بعد 40 سنة من التأميم، حداً للجدل الدائر خلال السنوات الماضية، باعتبارها احد المعوقات الاساسية للاستثمار في سورية.علماً ان النظام المصرفي الحالي يتكون من المصرف المركزي وسبعة مصارف متخصصة تملكها الدولة بالكامل، وتعمل حالياً على تطويرها وتأهيل كوادرها، لمواجهة المنافسة التي تفرضها المصارف الخاصة.
في المقابل حسمت الحكومة الجدل حول تخصيص القطاع العام بعدما اصبح عبئاً على مجمل الاوضاع المالية في البلاد بسبب الهدر وسياسة تحديد الاسعار وسوء الادارة، وغياب الرؤية الاقتصادية في طريقة تسيير مؤسساته واداراتها. والفلسفة السورية في هذا المجال تقوم على اساس "ان جوهر الاصلاح يجب ان ينطلق من زاويتين: الاولى، ان الاقتصاد السوري في وضعه الداخلي لا يمكن ان يحقق تطوره بالقطاع العام وحده، ولا بالاعتماد على القطاع الخاص بمفرده، وانه لا بد من تضافر القطاعين العام والخاص لتفعيل النمو في سورية. اما الزاوية الثانية فهي العلاقة الوثيقة بين المسألة السياسية الاستراتيجية والاقتصادية إذ لا يمكن النظر الى الاصلاح الاقتصادي كمسألة اقتصادية صرفة، لأن سورية تواجه تحديات العدو الاسرائيلي وبالتالي لا يمكن ان تعالج القضايا بمعزل عن السياسة".
وخلصت اللجنة المختصة في القيادة القطرية لحزب "البعث" الحاكم باعادة تأهيل عمل القطاع العام الى وضع قانون لتطوير عمل شركات هذا القطاع على أن تُحوّل شركات القطاع العام الصناعي كمرحلة اولى، ومن ثم بقية الشركات الى شركات قابضة أو مساهمة عامة، أو مؤسسات وشركات عامة تتمتع بالاستقلال المالي والاداري، وبصلاحيات واسعة تتيح جعلها شركات رابحة ومنافسة.
وأتاح القانون لهذه الشركات استخدام جميع "الاساليب القانونية" لتحقيق اغراضها واتاح لها تملك الاسهم والحصص او اسناد القروض في الشركات العامة أو ما يماثلها، والاشتراك في تأسيسها وتملك الاموال المنقولة وغير المنقولة اللازمة لاعمالها، واستثمار اموالها في اسهم وحصص وسندات الجهات العامة، واقراض الشركات العامة وكفالته، وابرام قروض مع الدولة والمؤسسات المالية والمصرفية الداخلية والخارجية بضمان عملها، وليس بضمانات الدولة كما كان يحدث سابقاً، اضافة الى السماح لهذه الشركات - للمرة الأولى - ب"التعاقد" مع طرف سوري أو اجنبي للمساعدة في تحقيق اهدافها، واقامة مشاريع استثمارية واحداث مراكز تدريب وتأهيل ومراكز خدمية.
وتنفيذاً للخطوات الاصلاحية لهذا القطاع الخاسر، صادق مجلس الوزراء السوري اخيراً علي اعطاء امر المباشرة لشركة "فيمبكس" النمسوية لاعادة تشغيل معمل الورق في مدينة دير الزور بعد 25 عاماً من توقفه. ويعتبر اقتصاديون هذا العقد نموذجاً لاصلاح شركات القطاع العام المتعثرة.
وتبلغ تكاليف تأهيل المعمل 2.3 بليون ليرة سورية الدولار يعادل نحو خمسين ليرة تقوم "فيمبكس"، بموجب العقد الموقع معها، باعادة تأهيل المصنع وجلب قطع الغيار والآلات المتممة للآلات القائمة، واستيراد المواد الاولية والمواد المساعدة، واستثمار المشروع على أن تستوفي شركة الورق مبالغ محددة مقابل الاستثمار على مبدأ التشغيل لصالح الغير.
وتبلغ الطاقة الانتاجية للمشروع 60 الف طن من الورق. وستحصل شركة الورق على 125 مليون ليرة سنوياً. وتبلغ مدة الاستثمار سبع سنوات قابلة للتجديد. وكانت "فيمبكس" حصلت على ترخيص لاقامة شركة سورية، وفق قانون الاستثمار رقم 10، لانتاج الورق من خلال تطوير منشآت صناعة الورق المتعثرة في سورية.
وسبق للحكومة السورية أن أقامت عام 1976 معملاً للورق في دير الزور بكلفة 115 مليون دولار. لكن انتاج المعمل، ومنذ تسلمه عام 1981، لم يقلع وباء جميع عمليات التشغيل بالفشل، لتصل خسائره إلى نحو 1.6 بليون ليرة. وعلى رغم محاولات عدة جرت لاعادة تشغيله، ومنها عرض باكستاني لاعادة التشغيل بالاعتماد على القش، الا ان جميع المحاولات مني بالاخفاق.
وتميز العام الماضي باهتمام القيادة السياسية في البلاد ب"اعداد برنامج لاصلاح الرواتب والاجور"، ويتوقع الباحثون ان يؤدي اقرار قانون احداث "هيئة عامة للبرنامج الوطني لمكافحة البطالة" الى وضع حد لمشكلة البطالة التي يقدرها اقتصاديون بنحو 30 في المئة.
ويهدف البرنامج الذي خصص له مبلغ بليون ليرة سورية الى "دراسة مجموعة من الانشطة الانتاجية والخدمية وتمويلها وتنفيذها على أن تُسهم في توليد الدخل وتوفير فرص العمل واستيعاب قوة العمل المتوافرة والداخلة الى السوق".
ويعكس صدور الموازنة العامة للدولة في وقتها الدستوري، للعام الثاني على التوالي، اصرار الحكومة على متابعة "مسيرة الاصلاح" ووضع وزارات الدولة ومؤسساتها امام مسؤولياتها في تنفيذ المشاريع الاستثمارية وتحريك العجلة الاقتصادية في البلاد التي تواجه ركوداً ساهم في تعزيزه الوضع الاقتصادي العالمي بعد احداث ايلول سبتمبر في الولايات المتحدة. وتضمنت الموازنة مؤشرات عدة تم وضعها لربطها مع مؤشرات "الخطة الخمسية التاسعة" والمتغيرات في الاقتصاد الوطني، كالناتج المحلي الاجمالي والاستهلاك العام والاستهلاك الخاص والتكوين الرأسمالي والادخار، وبينها تحقيق معدل نمو قدره ثلاثة في المئة خلال السنة الجارية، على ان يصل عام 2005 إلى أربعة في المئة، وخفض نسبة العجز من 7.6 في المئة عام 2000 الى 2.3 في المئة عام 2005، علاوة على زيادة الاعتمادات المخصصة للمشاريع الاستثمارية ومشاريع التنمية وتلبية حاجات التنمية الاجتماعية المتزايدة في سورية، من خلال تأمين الايرادات المحلية وتأمين التشريع الضريبي واصلاحه، واصلاح القطاع العام بما يؤمن الايرادات المالية الحقيقية لتمويل الموازنة العامة للدولة.
وبلغت اعتمادات الموازنة 356.3 بليون ليرة سورية نحو 7.1 بليون دولار، وتشكل الواردات من مبيعات النفط فيها نسبة كبيرة تتجاوز 50.2 في المئة من أرقام الموازنة. ورد رئيس الوزراء السوري الدكتور محمد مصطفى ميرو على التخوف الذي يبديه الاقتصاديون من هبوط اسعار النفط عالمياً وتأثيره على الموازنة العامة بالقول إن سورية "وضعت برنامجاً ترشيدياً موازياً لمواجهة تبدلات اسعار النفط في حال استمرت في الانخفاض"، موضحاً "ان من الاولويات ضبط الانفاق الاداري واستكمال المشاريع القائمة في المجال الاستثماري".
إلى ذلك ركزت الحكومة السورية جهودها العام الماضي على تشجيع التصدير واصدرت بهذا الخصوص قرارات عدة أعفت بموجبها الصادرات السورية المنشأ من ضريبة الانتاج الزراعي ودخل الارباح، وفرضت في الوقت نفسه رسوماً على جميع المواد المستوردة، عدا المواد الاولية الداخلة في الصناعة بنسبة 1.5 في المئة والمشروبات الغازية بنسبة عشرة في المئة. وتوقعت مصادر رسمية ان يكون لهذه القرارات "تأثير كبير في تشجيع التصدير والتصنيع والانتاج المحلي من دون ان يترك ذلك انعكاساً على المستهلك ذي الدخل المحدود". علماً ان الصادرات السورية تعاني اختلالاً كبيراً في بنيتها الهيكلية، يتمثل في اعتمادها على عدد محدد من السلع والاسواق، إذ تشكل ثلاث مواد اولية هي النفط والقطن والحبوب، نحو 90 في المئة من اجمالي الصادرات السورية.
فالنفط ومشتقاته والفوسفات، وهي صادرات وزارة النفط، وشركاتها المشتركة مع شركتي "شل" و"الف"، تؤمن زهاء 65 في المئة من اجمالي الصادرات، وفي محيط 4،2 بليون دولار اميركي، قد تزيد أو تنقص 700 مليون دولار، حسب الاسعار العالمية للنفط.
اما القطن فيُصدّر محلوجاً، من قبل وزارة الاقتصاد، وبدخل وسطي قدره 200 مليون دولار، ويصدر مغزولاً او منسوجاً او بعد استخراج الزيت من بذوره او على شكل "لنت" من قبل مؤسسات وزارة الصناعة وبدخل وسطي قدره 75 مليون دولار. ويُصدّر على شكل ألبسة داخلية واطقم رجالي ومناشف من قبل القطاع الخاص وبعائد وسطي يبلغ 300 مليون دولار.
أما الحبوب فكان لهطول الامطار خلال شهر نيسان ابريل اثره الايجابي على مواسم الحبوب إذ تخطئ انتاج القمح 804 ملايين طن وبمعدل زيادة قدره 701 ملايين طن عن العام الذي سبقه.
يذكر ان المواسم الزراعية الرديئة التي شهدتها البلاد خلال الاعوام الثلاثة 97-2000 ادت إلى انخفاض انتاج الحبوب بنسبة تفوق 60 في المئة.
اما بالنسبة إلى أسواق التصدير فتُبين الاحصاءات ان الدول العربية تستقبل نحو ربع الصادرات السورية، بينما يستقبل الاتحاد الاوروبي الحصة الأكبر منها بحدود 60 في المئة، ولكن النفط والمواد الخام تشكل معاً 92 في المئة من هذا الرقم في حجم صادراته الى مستورداته إذ بلغت الصادرات 119.5 بليون ليرة سورية مقابل 120 بليوناً قيمة المستوردات.
ووفقاً للأرقام تستمر المواد الأولية في تشكيل الكتلة الرئيسية في الصادرات السورية اذ احتل النفط، كالعادة، الجزء الاكبر من سلة الصادرات، واظهرت الارقام ان قيمة الصادرات من النفط الخام خلال النصف الاول من السنة الماضية ناهزت 88 بليون ليرة، أي ما يعادل 73 في المئة من اجمالي الصادرات.
وتصل النسبة، مع اضافة المشتقات النفطية، الى اكثر من 80 في المئة. ويأتي القطن في المرتبة الثانية اذ بلغت قيمة تصديره عشرة بلايين ليرة، تليه الخضر والفواكه بخمسة بلايين ليرة. ولا يزال دور القطاع الخاص في الصادرات ضعيفاً إذ لم تتجاوز قيمته 14 بليون ليرة، أي نحو 11 في المئة من اجمالي الصادرات خلال نصف عام.
تكنولوجياً
لا يزال المشروع الدائم للهاتف الخليوي يستحوذ على اهتمام المواطنين والحكومة على السواء، فبعد نحو سنتين من دخول هذه الخدمة، المتأخرة اصلاً، الى سورية لا يزال العقد الذي ابرمته الحكومة مع شركتي "سيريتل" و"انفستكوم"، لاستثمار هذه الخدمة لمدة 15سنة، محور الاهتمام بعدما أعاد النائب المعتقل رياض سيف طرح الموضوع خلال محاكمته العلنية أخيراً، وذلك في الوقت الذي انهت فيه اللجنة المشتركة في مجلس الشعب المكلفة دراسة الموضوع اعداد تقريرها.
وكان مشروع الهاتف الخليوي في سورية اثار، منذ بدايته ولا يزال، موجة من الانتقادات، وعليه شكّل رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد مصطفى ميرو لجنة للتحقيق وجمع المعلومات المتعلقة بالموضوع. ولهذا السبب تأخر تصديق العقد مع الشركتين حتى الشهر الماضي.
واعلن النائب سيف، 55 سنة، خلال محاكمته العلنية "ان وجوده في هذا القفص" إنما يهدف "لتمرير صفقات مشبوهة في مجلس الشعب وعلى رأسها صفقة الخليوي". علماً انه كان اعد دراسة اعتبر فيها "ان المشروع ألحق اضرارا بالغة بالشعب السوري ليست مادية فحسب، بل وتكنولوجية واجتماعية". وقدّر الخسائر بنحو 200 بليون دولار وانها قد تصل مع نهاية المشروع الى 400 بليون. وأخذ على الشركتين المنفذتين "بأنهما قيد التأسيس ومحدودتا المسؤولية على اعتبار انهما مسجلتان فقط في جزر العذراء".
لكن التقرير نفى ما جاء في دراسة سيف، واوصى "بدراسة تخفيض رسم الاشتراك ورسم التركيب بما يتناسب مع رسوم الهاتف الثابت وتعديل كل رسم او غرامة يدفعها المشترك تحت اسم التأمين او اعادة فتح الخطوط وغرامات التأخير ومساواتها بما ُيدفع على الخط الثابت، وعدم اعطاء اي اعفاءات جمركية او ضريبية على التوريدات والتجهيزات المستقدمة لمصلحة المشروع، والعودة عن اي موافقة سابقة بهذا الخصوص".
وقُدّر العائد المتوقع للدولة من المشروع بنحو 2.5 بليون دولار، تولد نحو 100 الف فرصة عمل، وان مساهمة هذه الخدمة غير المباشرة للاقتصاد السوري تقدر بنحو خمسة بلايين دولار، واجمالي الاستثمار المتوقع للمشروع نحو 700 مليون دولار، بخلاف 700 مليون دولار اخرى كمصاريف تشغيل ليكون اجمالي الاستثمار 1.4 بليون دولار اميركي.
وفي الوقت الذي سجلت فيه "شركة الطيران السورية" خسارة كبيرة نتيجة تأثرها بأحداث ايلول الماضي في الولايات المتحدة، أعلن وزير النقل السوري مكرم عبيد نية بلاده استغلال فرصة انخفاض اسعار الطائرات لشراء طائرات جديدة لتدعيم الاسطول الجوي ل"السورية" المكون من 17 طائرة، علماً ان سورية اشترت في السنتين الاخيرتين ست طائرات "ايرباص" بقيمة 250 مليون دولار. واتفق في الوقت نفسه مع الحكومة الفرنسية لاعداد الدراسة الاولية لتنفيذ "مترو أنفاق دمشق". وحصلت سورية على تسهيلات من الحكومتين اليابانية والفرنسية لتنفيذ الدراسات علماً ان الكلفة التقديرية لمشروع مترو الانفاق تناهز 20 بليون ليرة سورية وبمعدل يراوح بين 25 مليوناً و30 مليون دولار لإنشاء الكيلومتر الواحد.
ويرى خبراء انه "لا يمكن لأزمة المرور في مدينة دمشق ان تجد حلاً إلا بانشاء المترو، ولا بد من مشاركة شبكة ترام كهربائي سريع في شكل يتكامل مع نظام النقل الطرقي داخل المدينة ويتممه، ليصبح المترو ضمن المحاور الرئيسية، ولتعمل وسائط النقل الطرقي كموزع او مجمِّع للركاب من والى المحطات، في شكل يتلاءم مع طوبوغرافية المنطقة". وكانت الحكومة تعاقدت اخيراً على شراء 600 باص كبير لتخديم المدينة.
عربياً
قطعت سورية شوطاً واسعاً في اطار تطبيع علاقاتها الشاملة مع العراق. فبعد 20 عاماً من آخر زيارة لمسؤول سوري كبير، قام رئيس الوزراء السوري الدكتور محمد مصطفى ميرو منتصف العام الماضي بزيارة الى بغداد يرافقه وفد رسمي وعدد كبير من رجال الاعمال تجاوز عددهم ال170 شخصاً لابرام جملة اتفاقات.
وحقق التبادل التجاري بين البلدين قفزات كبيرة السنة الماضية إذ وصل حجم التبادل الى 3.5 بليون دولار، بعدما كان يقتصر على 500 مليون دولار. ويتوقع خبراء سوريون ان تتجاوز قيمته مع نهاية السنة الجارية خمسة بلايين دولار، من دون حساب قيمة النفط المتدفق من العراق والمقدّر بنحو 200 الف برميل يومياً والذي تستفيد منه سورية محلياً لترفع صادراتها البالغة 350 الف برميل، من اصل اجمالي الانتاج البالغ 600 الف برميل في اليوم.
ومع بداية السنة الجارية تصبح الرسوم الجمركية بين سورية وست دول عربية، اولها لبنان، معدومة وصفراً نتيجة اتفاقات مناطق التجارة الحرة الثنائية.
وكان الجانبان السوري واللبناني اتفقا، في ختام اعمال "اللجنة السورية - اللبنانية المشتركة"، التي عقدت في ايلول الماضي، برئاسة رئيس الوزراء السوري الدكتور محمد مصطفى ميرو، واللبناني رفيق الحريري، على رفع مستوى التبادل التجاري بينهما الى 500 مليون دولار، وجدولة ديون سورية على لبنان في مجال الكهرباء، اضافة الى التعاون في مجال النفط والغاز.
وأكد البيان الختامي آنذاك ان الطرفين "تمكنا في هذا الاجتماع من تقويم الخطوات السابقة بين البلدين ومناقشة مشروع الاتفاق الملحق باطلاق حرية تبادل المنتجات وتسهيل عمليات النقل بين البلدين الشقيقين، وازالة اي عقبات طارئة تعترض عملية التبادل التجاري والنقل البري والبحري والجوي ووسائل الترانزيت، وتوسيع التعاون في مجالات الزراعة والصناعة والنفط والغاز والكهرباء والمياه والمشاريع والاستثمارات السورية- اللبنانية المشتركة".
دولياً
وافقت القيادة القطرية لحزب "البعث" الحاكم على طلب رئاسة مجلس الوزراء لعودة انضمام سورية الى الاتفاقيه العامة للتعرفه الجمركيه "غات" بعدما انسحبت منها عام 1951، بسبب انضمام اسرائيل اليها، فيما علمت "الحياة" ان ضغوطا اسرائيلية واميركية حالت خلال الاجتماع الاخير في النمسا دون دراسة طلب سورية، علماً ان سوريه كانت احدى الدول ال23 المؤسسه للاتفاقية.
وتأتي هذه الخطوة تزامناً مع الاصلاحات الاقتصادية التي تعيشها البلاد من فتح مصارف خاصة والخطوات التي قطعتها في مفاوضاتها للانضمام الي الاتحاد الاوروبي. وترى فاعليات تجارية "ان الانضمام الى الغات لم يعد خياراً قابلا للنقاش، بل اصبح شرطاً لازماً لاستمرار التفاعل مع الاقتصاد العالمي الذي اصبح يضم 132 دولة ضمن العالمية للتجارة".
ويرى مراقبون ان انضمام سورية الى المنظمة سيحثها على "وضع برنامج شامل لتحسين اداء الصناعات المحلية فيها وبالتالي تحسين فرص تصديرها الى الاسواق العالمية". وتوقعوا ان يكون "لانضمام سورية الى المنظمة فوائد كثيرة ومتعددة منها، ما هو مادي محسوس، ومنها ما هو معنوي كفتح اسواق وفرص جديدة امام المنتجات السورية وموردي الخدمات السوريين مع تأمين الحماية لمصالحها عبر جهاز تسوية المنازعات في المنظمة. كما ان له اثراً معنوياً مهماً للوجه الخارجي لسورية باعطائه الضوء الأخضر للاستثمار الخارجي الذي يعول، في شكل رئيسي، على الثبات والاستقرار في المعاملات وعلى وجود قوانين تصون حقوقه وتحميه من التدخلات غير المتوقعة وتضمن المعاملة العادلة للمنتجات السورية المنشأ أسوة بالمعاملة التي تحصل عليها المنتجات الاجنبية في الاسواق العالمية".
وفي جانب الشراكة السورية -الاوروبية لم تسفر الجولات الاربع التي شهدها العام الماضي عن تحقيق أي تقدم حقيقي، بل ان المخاوف من الاتفاق ما زالت هي المسيطرة على آراء المعنيين. وما زال التساؤل: "كيف ستكون سورية في مواجهة 15 دولة اوروبية متقدمة ومنفتحة، وهي الأقل تطوراً والأكثر حماية لصناعاتها؟ وكيف ستستطيع تحمل تبعات الشراكة وشروطها وانعكاساتها؟".
ويؤكد رئيس "اتحاد غرف التجارة السورية" الدكتور راتب الشلاح ان "المشكلة الحقيقية في مفاوضاتنا مع الجانب الاوروبي ليست في الاتفاق على قوائم معفاة او حصص معينة او فترات انتقالية، بل في السعي إلى أن تكون هذه الشراكة بمثابة تحالف من اجل التنمية وتحالف من اجل التطوير والتحديث".
وعلى رغم تحفظ الغالبية على مشروع الشراكة، إلا أن الآراء توصي بمتابعة التفاوض "ليس لكونه قدراً محتوماً، بل لأن الشروط التي يعرضها الجانب الاوروبي لا سيما ما يتعلق بتحرير التجارة الخارجية وتدعيم الاصلاحات الاقتصادية والمالية هي خطة مبرمجة تسير فيها الحكومة السورية ضمن خطوات مدروسة لاصلاح الاقتصاد السوري ورفع كفاءته وتحسين اداء قطاعاته الرئيسية، من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية والحاجات المستقبلية".
يذكر ان الميزان التجاري بين سورية والاتحاد الاوروبي، بقي يميل لجهة سورية خلال السنوات الماضية. الا انه سيميل لصالح الاتحاد الأوروبي اذا ما استثنيا النفط منه على اعتبار أنه يشكل اكثر من 80 في المئة من قيمة الصادرات الى معظم الدول الاوروبية. وتشكل الصادرات السورية الى اوروبا نحو 65 في المئة من صادراتها بينما لا تشكل سورية بالنسبة إلى أوروبا سوى 0.3 في المئة من مجموع صادراتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.