دبي - أ ف ب - يحلم أحمد الذي يبلغ من العمر 26 عاماً بتأسيس أسرة صغيرة، لكن تكاليف الزواج وغلاء المهور تمنعه من تحقيق هذا الحلم من دون المساعدة التي يمكن ان يحصل عليها من مؤسسة لتشجيع الشبان في بلاده على الزواج من مواطناتهم. وقال احمد الذي ينتمي الى احدى الدول الخليجية انه يبحث عن "فتاة احلامه"، التي "تقبل بي على حالي ولا تضع شروطاً شبه مستحيلة لشاب مثلي". وأكد انه لا يريد ان "يحل مشكلته بالزواج من فتاة اجنبية كما فعل كثيرون من الشبان الآخرين". ومشكلة غلاء المهور التي تعاني منها الدول الخليجية، على رغم سعيها منذ عقود الى التخفيف منها، تقف عقبة في طريق تحقيق حلم بسيط لهذا الشاب الذي درس تقنية المعلومات في جامعة في الخليج وبدأ منذ سنتين فقط حياته المهنية. وتؤدي هذه الظاهرة ايضاً الى ارتفاع معدلات الزواج من اجانب او اجنبيات وزيادة معدلات العنوسة وخصوصاً بين الاناث في بلدان تتمتع بتركيبة سكانية يغلب عليها الاجانب على رغم النمو السكاني الكبير. وفي محاولة للحد من هذا الوضع، اقامت هذه البلدان مؤسسات لتقديم المساعدات للمواطنين الراغبين في الزواج تمنح حصراً للذين يختارون مواطنات شريكات لهم. وتقدم هذه المؤسسات التي تؤمن الحكومات جزءاً من تمويلها وتأتي البقية من تبرعات رجال الاعمال خصوصاً، منحاً وقروضاً لشراء مساكن وأثاث، الى جانب اعراس جماعية تقيمها لتجنب حفلات الزفاف المكلفة. وتحدث قاسم 23 عاماً عن نفقات الزواج بدءاً من المهر الذي قد يبلغ 500 الف دولار وانتهاء بتأمين المسكن، مروراً باحتفالات الزفاف التي يمكن ان تستمر اسبوعاً وتُنحر فيها اعداد كبيرة من الذبائح وتقام فيها مآدب باذخة. ودفعت هذه المشكلة بالمسؤولين في دول الخليج الى التأكيد باستمرار على ضرورة الحد من طلب مهور مرتفعة وتركيز السلطات على هذه القضية. وكان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان اصدر في تموز يوليو الماضي قراراً جديداً يقضي بأن "يقتصر الفرح على يوم واحد فقط وحفلة واحدة للرجال وحفلة واحدة للنساء". كما حدد القرار الذي ينص على غرامة تبلغ 500 الف درهم نحو 82 الف دولار لمن يخالفه وعدد الذبائح "بتسعة قعدان فقط" لأي عرس من اعراس المواطنين الإماراتيين. وفي السعودية، اصدرت هيئة علماء الدين قرارات عدة تؤكد ضرورة "منع ما يصاحب الزواج من مظاهر البذخ والتباهي وحفلات الغناء، وحثّ الناس على تقليل المهور وإعطاء القدوة الحسنة في ذلك من الامراء والعلماء والتجار ووجهاء الناس". ودعت الى "معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس" في المملكة. وأفادت دراسة اجراها 400 باحث من جامعة الملك سعود في مختلف مناطق المملكة ان المهر يشكل 16 في المئة من نفقات زواج تبلغ تسعين الف ريال سعودي. وفي قرار ثانٍ، اكدت ضرورة "منع إقامة حفلات الزواج في الفنادق والموافقة على ما تتراضى عليه كل قبيلة في تحديد المهور على أن يكون مناسباً لحال تلك القبائل ومن زاد عليه يحال إلى القضاء". ووضعت الهيئة حداً اقصى للمهر يبلغ اربعين الف ريال. لكن نساء سعوديات شاركن في بداية الشهر الجاري في جلسة لمجلس الشورى رأين ان الأهم من اتخاذ اجراءات للحد من غلاء المهور هو "التوعية على المفاهيم التي تساعد على الحد من العنوسة وكذلك من الطلاق ... مثل المشاركة والتعاون والبساطة". وأكدن ايضاً "الحاجة إلى تحسين أوضاع الشباب المادية وتوفير مساكن بأجر رمزي ومعالجة مشكلة البطالة بطرح فرص وظيفية مناسبة للجنسين تمكنهما من مواجهة غلاء المعيشة ... بما يضمن استمرارية الزواج ويحد من الطلاق"، الذي يسجل ايضاً معدلات عالية نسبياً في المجتمعات الخليجية. وتؤكد الهيئات الاجتماعية في الدول الخليجية ان هذه الظاهرة ناجمة خصوصاً عن الزواج بأجنبيات الذي يلجأ اليه الشبان في معظم الاحيان بسبب غلاء المهور. وأفادت دراسة نشرت العام الماضي في الإمارات حيث تبلغ نسبة الطلاق 25 في المئة، ان 79 في المئة من حالات الطلاق سجلت لرجال متزوجين من اجنبيات. وأدت الأزمة الى ازدهار دور "الخاطبات" وإلى نشوء فئة جديدة هي فئة "الخطابين".