قيل ان ملابس الجلد تستّر تضاريس الجسد، ولكنّها تفسّرها! وفي هذا التناقض ما يشحذ الذهن ويحرّك الخيال ويقود العقل في نهاية المطاف، إلى ما لا تحمد عقباه ... وربما يحاول القلب الافلات من القفص، لكن الى أين والدروب كلها مسدودة حتى إشعار آخر؟ والجلد انواع تختلف في ملامحها ونقوشها. كلها ناعمة حتى لو كانت لتمساح. يليق فقط بأجسام ممشوقة، مملوءة، قليلة التدوير، وإلاّ غابت نيّة التفسير، وترهّل الرداء الحيّ وتجعّد. والجلد يكشف كل من ترتديه بصرياً بسبب لمعانه أو حدّة التقاسيم التي تمشق القد، وبصرياً أيضاً من طقطقات يصدرها وحفيف له نبرة مميزة من شأنها ان توسوس وتوشوش. برع مصممون كثيرون في تركيب الجلد على اجسام النساء. منهم من روّضه وقلّل سماكته ليصبح مطواعاً هادلاً كالقماش، ومنهم من ابقى على قساوته التي تضفي على مرتديته بعض الثبات، خصوصاً ذات المشية المتهادية. وتتعدّد مصادر الجلد، فيأتي من دواب برية جميلة، كالشاموا والغزال، ومن زواحف ضارية كالثعابين والتماسيح والسحليات، أو من مصانع تقلّد الأصل وتخفّف من زهق ارواح الحيوان. والجلد يُدبغ ويلوّن بأزهى الالوان، لكنّ الغلبة للون الاسود. وكأن السواد جاء ليخفي النقشة التي تعود للحيوان الضحية... والاسود وقار. فإذا اقترن الوقار بالجاذبية قل اقترن الزيت بالنار وبات على الرائي ان يمارس ضبطاً صارماً للأعصاب وإلا ... فلكل حادث حديث.