حدد وزير الاقتصاد السوري الجديد غسان الرفاعي ثلاثة تحديات مباشرة تواجه الاصلاح الاقتصادي في بلاده هي "التركيز على القطاع المالي وزيادة كفاءة القطاع العام والعمل بسرعة لتوقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي". واكد الرفاعي، الذي عمل أكثر من 30 عاماً في "البنك الدولي"، ان الحكومة السورية تتجه حالياً الى تطوير القطاع العام وليس الى تخصيص الشركات العامة، لكنه اشار الى ضرورة "تعزيز مساهمة القطاع الخاص المحلي والاجنبي لاعطائه الفرصة لقيادة عملية النمو" في سورية. وتسلم الرفاعي 60 سنة حقيبة الاقتصاد في اول حكومة في عهد الرئيس بشار الاسد التي شكلها الدكتور محمد مصطفى ميرو في كانون الاول ديسمبر الماضي، لكنه لم يصل الى الآن الى دمشق. واجرت "اكسفورد بزنيس غروب" لقاء معه. وحصلت "الحياة" على نص الحديث الذي سيُنشر في كتاب عن سورية سيصدر بعد اسبوع في دمشق: ما هي التحديات الاساسية التي يواجهها الاقتصاد السوري في المستقبل؟ - اعطى الرئيس بشار الاسد اتجاهات واضحة لتطوير سورية وتحديثها. وفي هذا الاطار، اشعر ان الحكومة قادرة على اطلاق مشروع طموح اجتماعياً واقتصادياً. خارجيا، لا بد من بناء جسور قوية ومؤثرة بسرعة مع العالم الخارجي سواء في الشرق الاوسط او خارجه. لان من الطبيعي الوصول الى صيغ تصون المصلحة الوطنية، لكن هذا يجب ألا يمنعنا من المضي قدماً. وانا ادرك ان الحكومة اصدرت في الاعوام الثلاثة الاخيرة عدداً من القرارات والاجراءات لتغيير الاجندة الاقتصادية والاجتماعية، لكن في الوقت نفسه لا تزال هناك تحديات كبيرة امامنا. ولعل التحدى الاكبر هو تحقيق نمو اقتصادي بمعدلات مستقرة بتحديث الاقتصاد وتطويره وخلق فرص عمل كافية لاستيعاب قوة العمل التي تدخل الى السوق. وللوصول الى ذلك، لا بد من تعزيز مساهمة القطاع الخاص المحلي والاجنبي لاعطائه الفرصة لقيادة عملية النمو. وانا اتحدث هنا عن قطاع خاص مسؤول ومعني، قطاع خاص يجب ان يكون شريكاً في العملية، له حقوق وعليه واجبات باتجاه الاقتصاد والوطن في شكل عام. وتشمل التحديات الاخرى اموراً عدة بينها: 1 - تركيز خاص على القطاع المالي الذي يقود الى قطاع مصرفي كاف ومؤثر لدعم عملية النمو الاقتصادي. 2 - زيادة كفاءة القطاع العام عبر عملية اصلاح للقطاع العام والشفافية. 3 - العمل بسرعة وبفعالية في اطار التجارة الخارجية بما في ذلك اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي وتطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية مع المؤسسات المالية الدولية والاقليمية. وهناك تحديات اخرى ليست ذات طبيعة اقتصادية مباشرة لكنها ذات اثر كبير في الاقتصاد مثل: تحسين نوعية التعليم ورفع مشاركة النساء في المجتمع والتنمية، حيث لا بد من معالجة هذه الامور خلال الحديث عن التحديات التي تواجهنا لتحقيق التنمية. كما ترى، فان الأجندة كبيرة، لكن يجب ألا نتردد في معالجة هذه الامور. ومن الاهمية بمكان تحديد الاولويات لان هذه مهمة صعبة لكنها في الوقت نفسه تتضمن تحديا كبيرا. ما هي اهمية توقيع اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي والدول العربية لدفع الاقتصاد السوري؟ - يجب ان نسير بسرعة، لكن بحذر باتجاه اتفاق التجارة مع الاتحاد الاوروبي والدول العربية المجاورة لسورية. لماذا هذه الاتفاقات مهمة؟ ان الاتحاد الاوروبي يشكل السوق الرئيسية للصادرات السورية حيث شكلت 58 في المئة من قيمتها و31 في المئة من الواردات التكنولوجية الى سورية بين عامي 1994 و2000. وتحظى الدول العربية بالموقع الثاني في هذا الاطار بنسبة 22 في المئة من الصادرات السورية خلال الفترة نفسها. واذا اردنا تطوير علاقتنا مع العالم الخارجي وتطوير الاقتصاد ورفع صادراتنا يجب على الحكومة ان تكمل مفاوضاتها بطريقة متزامنة وعادلة مع الاطراف المعنية الاتحاد الاوروبي والدول العربية في اقرب وقت ممكن. وستساعد هذه الاتفاقات في رفع القيود وتأسيس آلية للتسعير وجذب الاستثمارات الخارجية. هذا ضروري ويساعد سورية على المنافسة مع دول الجوار خصوصا تلك الدول التي وقعت اتفاقات او اقتربت من توقيع اتفاق. ولا بد من الاشارة الى ان الحكومة السورية اطلقت اخيراً بعض السياسات التجارية منها نظام منسجم للرسوم الجمركية وسعر محدد لصرف الليرة السورية. لكن هناك الكثير الذي يجب فعله. طالما ان سورية لن تخصص القطاع العام، كيف سيتم التعامل مع الشركات العامة الكبرى؟ - اعتقد ان الحكومة السورية لا تتجه حالياً الى تخصيص الشركات العامة. لكن هذا لا يعني ان الاتجاه لا يشمل تطوير القطاع العام بطريقة جدية ليكون قادراً على العمل وفق مبدأ الربحية والشفافية. هذه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح. هل الحل هو في خفض الرسوم الجمركية لتفعيل الاقتصاد؟ - التجربة اللبنانية لا تزال قيد الدرس. لست متأكداً ان هذا الاسلوب سيحقق النتيجة المرجوة منه. اذ يجب النظر في الصورة في شكل عام واستغلال جميع العناصر التي تقود الى الهدف المطلوب ودور كل عنصر في ذلك، ويجب ان نكون انتقائيين عبر اختيار المواد التي تؤدي الى خفض كلفة الانتاج الصناعي خصوصا المواد المخصصة للتصدير. في كل الاحوال، من المبكر الحديث في شكل واضح عن هذه التجربة. وكما هو معروف ان كل اقتصاد له خصوصيته ولا بد من النظر الى سلبيات القرار وايجابياته في ما يخص الاقتصاد السوري. كيف ستنعكس تجربتك في "البنك الدولي" في تحقيق الاصلاح الاقتصادي الضروري لسورية؟ - امضيت نحو 30 عاماً في "البنك الدولي" وقمت بالكثير من الامور المهمة والممتعة. وعملت في قضايا الاصلاح الهيكلي الصعبة في عدد من الدول في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، لتطوير القطاع الخاص والترويج لمشاريع استثمارية كبيرة للقطاع الخاص في المراحل الانتقالية في اقتصادات اوروبا الشرقية وآسيا الوسطى عبر خلق علاقة قوية مع مجموعة "البنك الدولي" و"مؤسسة الضمان الاستثماري الدولية" ميغا اضافة الى امور اخرى تتعلق بالسياسات الاستراتيجية.