اطلعت على ما كتبه الأستاذ داود الشريان في "الحياة" ويبدي فيه رأياً في واقع المرأة السعودية "التي تعيش في ظل حكومتنا الرشيدة وفي ظل خادم الحرمين الشريفين - عصراً يعد من أزهى عصورها، نعم. هي تحصل على حقوقها كاملة مثل الرجل إن لم تكن افضل منه، كل ذلك في ظل الشريعة الإسلامية السمحة من دون اختلاط بالرجال، ومن دون ان تعرّض نفسها للشبهات، ومن دون ان تقحم نفسها في امور رأينا عند الغرب قبل رؤيتنا في بعض الدول المجاورة الأضرار الكبيرة المترتبة عليها، وأعني بذلك قيادة المرأة للسيارة...". ففي حين يصرح صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز تصريحاً متزناً عن ذلك الموضوع في اجابة له: "إذا تقبل المجتمع ذلك الموضوع نتحدث عنه"، يأتي الكاتب الفاضل ليقول وكأنه يعبر - وحاشاه - عن امنية يتمناها البعض فيقول: "... والنقاش الذي يجري هذه الأيام في الأروقة السعودية يتمنى ان تتصرف الحكومة من موضوع قيادة المرأة السيارة كما فعلت مع تعليمها كي تجنب البلاد مخاطر وخسائر لا تقل خطورة عن الآثار المترتبة على منعها من التعليم". ومن يقارن بين اجابة سمو الأمير وكلام الشريان يجد البون شاسعاً. فالأمير يدرك تمام الإدراك ما بني عليه هذا المجتمع من حس سليم مرهف يرفض كل ما يدخل الفساد الى هذا المجتمع الطاهر الذي لا يوجد له نظير في اي دولة في العالم، بل ان المرأة فيه موضع اكبار وموضع غبطة من المرأة الأجنبية والمرأة العربية على حد سواء. وقد اتضح ذلك خلال ازمة الخليج عندما جاءت اعداد كبيرة من دولة الكويت الشقيقة. ولما رأت المرأة الكويتية ما تحظى به المرأة السعودية من مميزات كثيرة جعلتها تكبرها، وتكذب ما كانت تسمعه عنها من المتقولين عليها. هل يريد الأستاذ الفاضل ان يعكس الأمور ويشبه حال قيادة المرأة للسيارة ورفض المجتمع لها، برفض قلة قليلة من افراد المجتمع للتعليم قبل اكثر من نصف قرن من الزمان؟ إن مثل هذه المقارنة غير مقبولة. فالعاقل البصير، مثل اميرنا الفاضل، يعلم ان المجتمع عندما تحفّظ عن التعليم لم يكن مثل مجتمعنا الآن. إنه مجتمع مختلف تماماً، اما في الوقت الحاضر فإن مجتمعنا المتعلم المستنير يرفض تماماً هذه الفكرة، ليس تزمتاً ولا تخلفاً، وإنما لأننا لا نريد ان نقع في ما وقع فيه الآخرون من اخطاء. ماذا جنت المرأة الأجنبية؟ انها تحن بشدة للإحساس بالأمان الذي يُخشى ان تفقده المرأة السعودية إذا امسكت عجلة القيادة. كما ستفقد الكثير الكثير مما فقدته المرأة الأجنبية من استقرار عائلي، وارتباط أسري. لماذا تريدوننا ان نتجرع ما تجرعته المرأة في البلاد الأخرى؟ ... وأنا أعرف كثيراً من الأخوات اللاتي اضطررن للقيادة في الخارج، عندما كن مع ازواجهن في بعثات الى هناك، تقول إحداهم: "لم أحس بالراحة إلا عندما عدت الى بلدي، فقد عادت الأوضاع الى طبيعتها". فالرجل تولى مهام البيت والأسرة بعد ان كانت هي المسؤولة عن كل شيء هناك. خلاصة الأمر يا سيد داود، ارجو ألا يغيب عن ذهنك مثل هذه الأمور التي لا يعلم عاقبتها الا الله. وأدعو الله ان تكون من الحاضّين على الخير والصلاح. الرياض - مها الصالح