سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المجمع الفقهي في رابطة العالم الاسلامي يحذر من محاولات "اثارة النعرات الصليبية لدى الشعوب الغربية". بيان مكة المكرمة يدين الارهاب والحملات على المسلمين : الاسلام شرع الجهاد ضد احتلال الأرض ونهب الثروات
شدد المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي على أن "الجهاد في الإسلام شرع نصرة للحق ودفعاً للظلم وإقراراً للعدل والسلام والأمن"، مما "يقضي على الإرهاب بكل صوره" فالجهاد شرع لذلك وللدفاع عن الوطن ضد احتلال الأرض ونهب الثروات". وأصدر المجمع الفقهي في ختام دورته السادسة عشرة، التي عقدت تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، بيان مكةالمكرمة الذي تناول حملات إعلامية "ظالمة توجه سهاماً مسمومة ضد الإسلام والمسلمين وعدد من البلدان الإسلامية، بخاصة المملكة العربية السعودية، حيث تطبق شريعة الله وتحتكم إلى كتابه وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتقدم العون للمسلمين في كل مكان، وتدعم قضاياهم وتسعى إلى وحدتهم". ولاحظ أعضاء المجمع أن "الحملات الإعلامية مدبرة، تنطوي على أباطيل وترهات، تنطلق من إعلام موتور معادٍ، تسهم في توجيهه مؤسسات الإعلام الصهيوني، لتثير الضغائن والكراهية والتمييز ضد الإسلام والمسلمين، وتلصق بدين الله الخاتم التهم الباطلة، وفي مقدمها تهمة الإرهاب". وأشاروا إلى أن "لصق تهمة الإرهاب بالإسلام عبر حملات إعلامية، إنما هو محاولة لتنفير الناس من الإسلام، حيث يقبلون عليه ويدخلون في دين الله أفواجاً". ودعا أعضاء المجمع رابطة العالم الإسلامي وغيرها من المنظمات الإسلامية وعامة المسلمين إلى "الدفاع عن الإسلام، مع مراعاة شرف الوسيلة التي تتناسب وشرف هذه المهمة". ونبهوا إلى أن الإرهاب "ظاهرة عالمية، لا ينسب إلى دين ولا يختص بقوم"، وهو "سلوك ناتج عن التطرف الذي لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات المعاصرة". ورأوا أن "على العلماء والفقهاء وروابطهم ومجامعهم واجب أداء الأمانة في الدفاع عن الإسلام وأهله، وتبصير المسلمين وغيرهم بحقائق الأمور"، رداً على "حملات التشكيك التي بدأ نطاقها يتسع بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر". وأوضح البيان أن المجمع الفقهي الإسلامي درس قضايا تتصل بتلك الحملات وبيّن موقف الشريعة منها على النحو الآتي: أولاً: "خطورة الحملات الإعلامية والثقافية على الإسلام والمسلمين"، وأشار في هذا السياق إلى خطورتها "على أمن الناس" إذ تسعى إلى: 1 "دفع المجتمعات الغربية خصوصاً إلى اتخاذ الإسلام عدواً جديداً مكان الشيوعية، وشن الحرب الثقافية على أصوله وتشريعاته وأحكامه الإلهية. 2 إثارة النعرات الصليبية لدى الشعوب الغربية، والحث على ما سموه وجوب انتصار الغرب على الإسلام. 3 إثارة أنواع الكراهية والتمييز العنصري ضد الإسلام والمسلمين، والعمل لمضايقة الأقليات والجاليات الإسلامية. 4 الترويج لنظرية صموئيل هنتنغتون في صراع الحضارات". ولفت إلى ما "نتج عن هذه الحملات المسعورة" من "ايقاع الأذى بفئات من المسلمين في المجتمعات الغربية، وسجن العديد منهم، والإضرار بمساجدهم ومراكزهم الثقافية، مما جعلهم يعانون معاناة قاسية". ودان المجمع هذه "الحملات المغرضة، والمغالطات والافتراءات المتعمدة على الإسلام"، مستنكراً "ايذاء المسلمين وايقاع الضرر بمؤسساتهم من دون سبب". وذكّر المجمع، وهو يتابع ما يحدث للمسلمين في الغرب "بسبب انتمائهم إلى الإسلام"، بأن "الإسلام يشجع على التواصل والتعارف والتعاون بين المسلمين وغيرهم في مصالحهم المتبادلة". ثانياً: "تكريم الإسلام للإنسان" من دون تمييز، وفي هذا السياق أكد المجمع أن "سمو الإنسانية وتقدمها ورقيها وتعايش شعوبها في أمن وسلام وتعاون، تكون بسيادة منظومة المبادئ والقيم، وفي مقدمها قيمة العدالة، وباحترام الشعوب للشعوب وفق التوجيهات التي نزلت بها الكتب الإلهية". وشدد على أن "تكريم الإسلام للإنسان اقتضى حمايته، حيث جعله معصوم الدم والمال، واعتبر الإسلام غير المسلم في البلد المسلم محمياً: "له ما لنا وعليه ما علينا" وفق النص النبوي الذي تتقيد به الأمة المسلمة". ثالثاً: الإسلام والإرهاب، وجاء في البيان أن "التطرف والعنف والإرهاب ليست من الإسلام في شيء، وأنها أعمال خطيرة لها اثار فاحشة، وفيها اعتداء على الإنسان وظلم له". وأكد أن الإرهاب يعني "الاعتداء على الآخرين من دون وجه حق". وعرفه بأنه "العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان: دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق وما يتصل بصورة الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذاً لمشروع اجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر. فكل هذا من صور الفساد في الأرض". وأعلن المجمع الفقهي ان "الله شرّع الجزاء الرادع للإرهاب والعدوان والفساد، واعتبره محاربة لله ورسوله". وأكد أن "من أنواع الإرهاب: إرهاب الدولة، ومن أوضح صوره وأشدها شناعة الإرهاب الذي يمارسه اليهود في فلسطين، وما مارسه الصرب في كل من البوسنة والهرسك وكوسوفا"، واعتبر ان هذا النوع من الإرهاب "من أشد أنواعه خطراً على الأمن والسلام في العالم"، وأن مواجهته هي "من قبيل الدفاع عن النفس والجهاد في سبيل الله". رابعاً: "العلاج الإسلامي للتطرف والعنف والإرهاب"، وفي هذا السياق شدد بيان المجمع على أن "الإسلام سبق جميع القوانين في مكافحة الإرهاب، وحماية المجتمعات من شروره، وفي مقدم ذلك حفظ الإنسان، وحماية حياته وعرضه وماله ودينه وعقله، من خلال حدود واضحة منع الإسلام من تجاوزها". وزاد ان الإسلام "منع بغي الإنسان على أخيه الإنسان، وحرم كل عمل يلحق الظلم به"، كما "شنع على الذين يؤذون الناس في أرجاء الأرض، ولم يحدد ذلك في ديار المسلمين". وأضاف ان الإسلام "أمر بالابتعاد عن كل ما يثير الفتن بين الناس"، وفي الإسلام "توجيه للفرد والجماعة للاعتدال واجتثاث نوازع الجنوح والتطرف، وما يؤدي إليهما من غلو في الدين". وتابع ان "الإسلام عالج نوازع الشر المؤدية إلى التخويف والإرهاب والترويع والقتل بغير حق". وان "الله أوصى بمعاملة أهل الذمة بالقسط والعدل، فجعل لهم حقوقاً، ووضع عليهم واجبات، ومنحهم الأمان في ديار المسلمين، وأوجب الدية والكفارة على قتل أحدهم خطأ"، كما "حرم قتل الذمي الذي يعيش في ديار المسلمين". وأعلن المجمع أن "جريمة قتل النفس الواحدة بغير حق تعادل في الإسلام في بشاعتها قتل جميع الناس، سواء كان القتل للمسلم أو لغيره بغير الحق". وأشار إلى أن "تنفيذ الحدود والقصاص، من خصائص وليس أمر الأمة، ولي للأفراد أو المجموعات". خامساً: "الجهاد ليس إرهاباً" وركز البيان على أن "الجهاد في الإسلام شرع نصرة للحق، ودفعاً للظلم، وإقراراً للعدل والسلام والأمن وتمكيناً للرحمة التي ارسل محمد صلى الله عليه وسلم بها للعالمين، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، مما يقضي على الإرهاب بكل صوره. فالجهاد شرع لذلك وللدفاع عن الوطن ضد احتلال الأرض ونهب الثروات، وضد الاستعمار الاستيطاني الذي يخرج الناس من ديارهم، وضد الذين يظاهرون ويساعدون على الاخراج من الديار، وضد الذين ينقضون عهودهم، ولدفع فتنة المسلمين في دينهم، أو سلب حريتهم في الدعوة السلمية إلى الإسلام، قال تعالى: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون الممتحنة: 8-9". ونبه إلى أن "للإسلام آداباً وأحكاماً واضحة في الجهاد المشروع، تحرم قتل غير المقاتلين، كما تحرم قتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال، وتحرم تتبع الفارين، أو قتل المستسلمين، أو ايذاء الأسرى، أو التمثيل بجثث القتلى، أو تدمير المنشآت والمواقع والمباني التي لا علاقة لها بالقتال". وأعلن أنه لا يمكن المساواة بين "إرهاب الطغاة وعنفهم، الذين يغتصبون الأوطان، ويهدرون الكرامات، ويدنسون المقدسات، وينهبون الثروات"، وبين "ممارسة حق الدفاع المشروع، الذي يجاهد به المستضعفون لاستخلاص حقوقهم المشروعة في تقرير المصير". وحض المجمع على ضرورة "التمييز بين الجهاد المشروع لرد العدوان، ورفع الظلم، وإقامة الحق والعدل، وبين العنف العدواني، الذي يحتل أرض الآخرين، أو ينتقص من سيادة الحكومات الوطنية على أرضها، أو يروع المدنيين المسالمين، ويحولهم إلى لاجئين". ودعا العالم إلى "معالجة العنف العدواني، ومنع إرهاب الدولة الذي يمارسه الاستعمار الاستيطاني في فلسطين"، ودان "كل ممارسات إسرائيل العدوانية ضد فلسطين وشعبها والمقدسات الإسلامية فيها". كما دعا كل الدول "المحبة للسلام" إلى "مساعدة شعب فلسطين وتأييده في إعلان دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها مدينة القدس". وأكد أن "تجاهل العدالة في حل المشكلات الإنسانية وانتهاج أسلوب القوة والاستعلاء في العلاقات الدولية هو من أسباب كثير من الويلات والحروب، وعدم حل قضية الشعب الفلسطيني على أسس عادلة أوجد بؤرة للصراع والعنف، ولا بد من العمل لرد الحقوق ودفع المظالم". وذكّر بأن "دين الإسلام يحرّم الإرهاب ويمنع العدوان، ويؤكد على معاني العدالة والتسامح وسمو الحوار والتواصل بين الناس"، داعياً الشعوب والمنظمات الدولية إلى "التعرف على الإسلام من مصادره الأساسية، لمعرفة ما فيه من حلول للمشكلات البشرية". توصيات المجمع للمسلمين وأوصى المجمع المسلمين بوجوب "الاعتصام بالكتاب والسنّة، والتعاون بين الحكام والعلماء والمؤسسات الإسلامية في معالجة المشكلات التي تحل بالمسلمين، وذلك بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية ومصدريها كتاب الله الكريم، وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم". كما أوصى ب"تأصيل منهاج الوسطية، ومعالجة الغلو الذي ذمه الإسلام"، وأهاب بالأقليات المسلمة "أن تبذل جهدها، وتسعى طاقتها من أجل حفاظها على دينها وحماية هويتها"، مؤكداً أن "الواجب الشرعي على هذه الأقليات أن تلتزم مقتضى عهد الامان، وشرط الاقامة والمواطنة في الديار التي تستوطنها، أو تعيش فيها، صيانة لأرواح الآخرين وأموالهم، ومراعاة للنظام العام في تلك الديار، وعليهم أن يعملوا وبكل ما اوتوا من قدرة وإمكانات لتنشئة الجيل الجديد على الإسلام، وتكوين المحاضن لذلك من مدارس ومراكز. وأن يعتصموا بحبل الله جميعاً في إطار أخوة الإسلام، وان يتحاوروا بهدوء عند معالجة القضايا التي يقع فيها الاختلاف، وان يعملوا بجد من أجل اعتراف الدول التي يقيمون فيها بهم وبحقوقهم، باعتبارهم أقلية دينية لها أن تتمتع بكامل حقوقها، خصوصاً الأمور الأسرية". وشدد المجمع الفقهي على أهمية الفتوى في الإسلام، محذراً من التساهل فيها بحيث "لا يرتادها من ليس أهلاً لها"، ومن "الانسياق وراء الآراء والفتاوى التي لا تصدر عن أهل العلم المعتبرين". وأشار إلى أنه تابع "الحملة المسعورة على المدارس والكليات الإسلامية، ومنابر الخطابة والدعوة في البلاد الإسلامية، والدعوات المغرضة التي تطالب بتغيير مناهج التعليم فيها، أو تقليصها"، ونبه المسلمين إلى "خطورة ذلك وعدم الانسياق وراءه، مما يؤدي إلى ذوبان الشخصية الإسلامية وجهل المسلمين بدينهم". وتبنى المجمع توصيات ل"جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم"، بينها تكوين هيئة أو اتحاد عالمي لعلماء المسلمين تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة، للنظر في القضايا والمشكلات التي تصادف حياة الشعوب والأقليات الإسلامية، والسعي إلى ايجاد اتحاد عالمي للمنظمات الإسلامية تحت مظلة الرابطة، لتنسيق جهودها، وتحقيق تعاونها. كما أوصى بوضع "ميثاق تجتمع عليه مؤسسات العمل الخيري الإسلامي في العالم، ينسق جهودها، ويعينها على مهماتها، ويوحد في ما بينها لدفع الاتهامات الباطلة التي توجه ضدها". وحض على "بذل الجهد لمساعدة الأقليات المسلمة في الحصول على الحقوق القانونية التي تتمتع بها الأقليات الأخرى"، والسعي لدى الحكومات والمنظمات الإسلامية للتعاون من أجل ايجاد قنوات إسلامية فضائية عالمية، تبث بلغات مختلفة، و"تبرز محاسن الإسلام وحاجة البشرية إليه، وتساهم في معالجة الحملات الإعلامية والثقافية الظالمة على الإسلام والمسلمين". وأوصى بتكوين فريق من علماء المسلمين "للتواصل مع المؤسسات والبرلمانات والحكومات الغربية المؤثرة، ولجان حقوق الإنسان ومقاومة التمييز والكراهية بين الناس من خلال اللقاء بمسؤوليها أو مراسلتهم، لتعريفهم بما يقدمه الإسلام من خير وسلام وأمن للبشرية، وبيان موقف الإسلام الصحيح من كل ما يثار ضد الإسلام والمسلمين". ودعا الشعوب الإسلامية "أن تتحد في مواجهة الأخطار، وأن تعلم أن بقاءها رهن ببقاء دينها".