يقولون ان اليهود اذكياء، ولكنني اقول انه كم من مصيبة حلّت بهم ولا يتعظون، بل ويتمادون في غيّهم وضلالهم. لم يكن أحد من زعماء فلسطين ليجرؤ على التنازل لليهود عن شبر واحد من أرض فلسطين الى ان جاءت اتفاقات أوسلو المشؤومة، وتنازل الفلسطينيون، مكرهين، عن 78 في المئة من ارض فلسطين التاريخية لاسرائيل، على ان تعطيهم قطاع غزة والضفة الغربية 22 في المئة من مساحة فلسطين ليقيموا لهم فيها دويلة. هذا الكرم الحاتمي الفلسطيني قابله طمع اسرائيلي في اجزاء كبيرة من الضفة والقطاع. فصارت اسرائيل تنازعنا فيها، فزرعتها بالمستعمرات وبالمستعمرين الذين جُلبوا من الخارج. وكما يقول المثل الفلسطيني: "رضينا بالمر والمر ما رضي بينا". ولأن اتفاقات اوسلو وما بعدها غامضة ومبهمة ومطاطة، صارت اسرائيل تفسرها كيفما يحلو لها مستفيدة من غموض المعنى الذي قصدته. فإسرائيل منذ البداية شعرت ان الفلسطينيين يلهثون وراء اي اتفاق وبأي ثمن. فوضعت الطلاسم والألغاز. وكان لها ما أرادت، ففرح الفلسطينيون في البداية واستبشروا خيراً، ولكن المعنى في بطن الشاعر. والآن حصل ما حصل. فانني اقدم هذه النصيحة المتواضعة لهم: 1- عليهم ان يجعلوا من يوم التوقيع على اتفاقات اوسلو واعتراف الفلسطينيين بدولتهم عيداً قومياً يحتفلون به كل عام، ويقيمون فيه الأفراح والليالي الملاح لأنهم لم يكونوا يحلمون بهذا الاعتراف. 2- عليهم ان ينسحبوا من الضفة والقطاع بالكامل، ويعطوها للفلسطينيين لإقامة دولة مستقلة لهم، وإخلاء المعابر وتأمين الممر الآمن بين الضفة والقطاع. 3- اخلاء جميع المستوطنات في كل من الضفة والقطاع وتسليمها للدولة الفلسطينية لكي تمنحها لبعض اللاجئين للإقامة بها. 4- بعد ذلك يتم الاعراف بدولتين يتم بينهما حل مشكلة اللاجئين. ويجب ان تعلم اسرائيل وكبار مسؤوليها ان هذا الطلب هو اقل ما يمكن ان يرضى به الفلسطينيون، شعباً وقيادة. والرئيس ياسر عرفات هو رئيس منتخب ولا يستطيع ان يتنازل عن اكثر من ذلك. فلا تطلبوا منه المستحيل مهما بلغت التضحيات. ولا تستطيع اسرائيل العيش في أمان إلا بتنفيذ هذه النصيحة، وإلا سيظل الشعب الفلسطيني يقاتل الى يوم القيامة لانتزاع حقوقه. لقد احتللتم جنوبلبنان اكثر من عشرين سنة ودفعتم الثمن غالياً، وأخيراً انسحبتم هاربين. فلو فعلتموها من البداية لوفّرتم الخسائر في الأرواح والمعدّات. وهذا سوف يحصل مع الشعب الفلسطيني. فالأفضل لكم توفير خسائركم والانسحاب وتسليم الأرض لأصحابها الشرعيين. ومن يدري فلعل هذه الفرصة الثمينة التي اعطاها لكم ياسر عرفات لن تتكرر مع غريه، وعليكم ان تغتنموها وتعيشوا ويعيش غيركم بأمان بدل القتل والتنكيل ... ليس لكم إلا السلم والأمان، فاغتنموا الفرصة وامنحوا الشعب الفلسطيني كامل حقوقه ان كنتم تعقلون. سليمان محمد عصفور فلسطيني مقيم في السعودية