أدب الرحلات عرف في التراث العربي عصوراً ذهبية. ناثرو القرن العاشر للميلاد كانوا في معظمهم رحالة من الطراز الرفيع. مؤرخون وجغرافيون وجامعو عجائب ، عرفوا ان الخيال يبدأ من الواقع دوماً، وعرفوا ان الواقع لا يحده خيال. تكفي قراءة المسعودي لادراك هذه الحقيقة. يقدم المسعودي في "مروج الذهب ومعادن الجوهر" نقداً للجاحظ بصفته "حاطب ليلٍ" جمع معرفته في دكاكين الوراقين. "... وقد زعم عمرو بن بحر الجاحظ ان الكركدن يحمل في بطن أمه سبع سنين ... وزعم ان نهر مهران الذي هو نهر السند من نيل مصر. ويستدل على انه من النيل بوجود التماسيح فيه. فلست أدري كيف وقع له هذا الدليل، وذكر ذلك في كتابه المترجم بكتاب الأمصار وعجائب البلدان، وهو كتاب في نهاية الغثاثة: لأن الرجل لم يسلك البحار، ولا أكثر الأسفار، ولا تقرَّى المسالك والأمصار، وانما كان حاطب ليلٍ، ينقل من كتب الوراقين". مروج الذهب. يطلب المسعودي من الكاتب ان يرتحل في بقاع المعمورة قبل ان يكتب عن هذه البقاع. نصيحة تجد آذاناً صاغية في قرون آتية. كتَب العرب رحلات لا تحصى. الماشي بين رفوف مكتبة عربية قديمة تذهله الاسماء الكثيرة: ابن حوقل، المقدسي، ابن فضلان، ناصر خسرو، ابن جبير الاندلسي، ابو حامد الغرناطي، ابن بطوطة... أين هو أدب الرحلات في المكتبة العربية اليوم؟ لماذا تراجع وانحسر حتى بدا كأنه اندثر وزال؟ ربما وجدنا الجواب في مقاربة مختلفة للسؤال. ربما لم يندثر ادب الرحلات العربي. الا يجوز القول ان صنفاً من التحقيق الصحافي حلّ جزئياً محل هذا الأدب؟ الصحافي الذي يكتب رحلته الى بلد اجنبي، ماذا يكتب؟ يكتب ما يشبه أدب رحلات. ملحق "آفاق" يحاول هنا استعادة أدب الرحلات، وسنحاول في اعداد آتية ان نشجع هذا الأدب الممتع والمفيد في آنٍ معاً. الحدث الأميركي الذي يوشك ان يتحول حدثاً افغانياً، ألقى بظلاله طبعاً. ماذا نعرف عن افغانستان الامس واليوم؟ هنا رحلات انظر ايضاً ص 18 و19 بالكلمات والصور الفوتوغرافية.