«فيفا» يعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034 على أعلى تقييم في التاريخ    أستراليا تحظر «السوشال ميديا» على الأطفال    سكري القصيم «عقدة» رائد التحدي    استهداف 34 ألف لاعب تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 9 سنوات    بحضور وزير الرياضة.. انطلاق منافسات سباق "سال جدة جي تي 2024"    نائب رئيس مجلس الإفتاء السويدي: المملكة ناصرة للدين الإسلامي    «الإيدز» يبعد 100 مقيم ووافد من الكويت    باكستان تقدم لزوار معرض "بَنان" أشهر المنتجات الحرفية المصنعة على أيدي نساء القرى    معرض "أنا عربية" يفتتح أبوابه لاستقبال الجمهور في منطقة "فيا رياض"    انطلاق فعاليات معرض وزارة الداخلية التوعوي لتعزيز السلامة المرورية    مطارات الدمام تدشن مطارنا أخضر مع مسافريها بإستخدام الذكاء الاصطناعي    ديوانية الأطباء في اللقاء ال89 عن شبكية العين    حرمان قاصر وجه إهانات عنصرية إلى فينيسيوس من دخول الملاعب لمدة عام    الأهلي يتغلب على الوحدة بهدف محرز في دوري روشن للمحترفين    ندى الغامدي تتوج بجائزة الأمير سعود بن نهار آل سعود    أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس واعضاء مجلس ادارة جمعية التوحد بالمنطقة    مدني الزلفي ينفذ التمرين الفرضي ل كارثة سيول بحي العزيزية    مدني أبها يخمد حريقًا في غرفة خارجية نتيجة وميض لحظي    الحملة الشعبية لإغاثة الفلسطينيين تصل 702,165,745 ريالًا    البنك المركزي الروسي: لا حاجة لإجراءات طارئة لدعم قيمة الروبل    الجبلين يتعادل مع الحزم إيجابياً في دوري يلو    "أخضر السيدات" يخسر وديته أمام نظيره الفلسطيني    6 مراحل تاريخية مهمة أسست ل«قطار الرياض».. تعرف عليها    «سلمان للإغاثة» يختتم المشروع الطبي التطوعي للجراحات المتخصصة والجراحة العامة للأطفال في سقطرى    المملكة تفوز بعضوية الهيئة الاستشارية الدولية المعنية بمرونة الكابلات البحرية    نعيم قاسم: حققنا «نصراً إلهياً» أكبر من انتصارنا في 2006    الجيش السوري يستعيد السيطرة على مواقع بريفي حلب وإدلب    "مكافحة المخدرات" تضبط أكثر من (2.4) مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدر بمنطقة الرياض    السعودية تتسلّم مواطنًا مطلوبًا دوليًا في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا الاتحادية    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    الشؤون الإسلامية تطلق الدورة التأهلية لمنسوبي المساجد    والد الأديب سهم الدعجاني في ذمة الله    «الأونروا»: أعنف قصف على غزة منذ الحرب العالمية الثانية    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يفتتح البرنامج الدعوي "المخدرات عدو التنمية"    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    ذوو الاحتياجات الخاصة    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    بالله نحسدك على ايش؟!    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الحياة" تنشر رواية الأفغان اللبنانيين كما عرض لها القرار الاتهامي في قضية حوادث الضنية . استخبارات كندا أوقفت "أمير البقاع" لاشتباهها بدوره في التفجير الأول لمركز التجارة العالمي الحلقة الثانية
نشر في الحياة يوم 19 - 09 - 2001

تشكلت في شمال لبنان مجموعة متطرفة تعتبر نموذجاً لتنظيمات أفقية في عدد من مناطق العالم، حددت أهدافاً خيالية يمكن أن تودي الى كوارث كالتي شهدتها الولايات المتحدة أخيراً، ومن قبلها دول كثيرة شرقية وغربية. وعقب اعتقال المجموعة المتطرفة التي وقفت وراء الأحداث في منطقة الضنية قرب طرابلس أصدر القاضي اللبناني حاتم ماضي قراراً اتهامياً أورد فيه الرواية بكاملها عن انشاء المجموعة انطلاقاً من الولايات المتحدة وكندا والنمسا، بعدما تجند شبان لبنانيون مقيمون هناك للمشاركة في "الجهاد الأفغاني"، ومن ساحة جهادهم عادوا الى لبنان بأفكارهم وأحلامهم واستعدادهم للعمل المسلح وتنفيذهم بعض العمليات التي أثارت في لبنان ذعراً.
بدأت "الحياة" أمس نشر القرار الاتهامي وتكمل اليوم بتفاصيل جديدة عن تكوين المجموعة وتمويلها وتدريبها، وتحركات أعضائها ومهامهم الأمنية والتعبوية.
كان قاسم ضاهر يحضر المؤتمر الاسلامي العالمي في مدينة شيكاغو الاميركية عام 1995 فالتقى بسام الكنج الذي كان يحضر المؤتمر نفسه. تعرف احدهما الى الآخر. وقال بسام انه شارك في القتال في افغانستان وفي البوسنة. واطلع قاسم ضاهر بسام الكنج على ان علي حاتم شارك هو الآخر في القتال في افغانستان، وأنه يحمل الفكر الجهادي. وافترقا بعد ان تبادلا ارقام الهواتف والعناوين. وعاد قاسم ضاهر الى كندا، من حيث قدم. وبعد مدة من عودته الى كندا تلقى اتصالاً هاتفياً من بسام الكنج، من لبنان، طالباً منه ان يتعرف على "شباب" البقاع، خصوصاً على علي حاتم. فوافق ورتّب لهما موعداً بواسطة الهاتف. وتأكد قاسم ضاهر لاحقاً من ان بسام الكنج وعلي حاتم التقيا فعلاً، وأكثر من مرة في شتورا. وشارك محيي الدين عميص في قسم من هذه اللقاءات.
العراقي بين الليبي واليمني ... واللبناني
وتلقى قاسم ضاهر، وكان لا يزال في كندا، اتصالاً هاتفياً آخر من المدعو حسين العراقي، شقيق حسن الذي سبق لأبو الفضل الليبي ان عرّفه عليه، وكان يكلمه من مدينة كونيا قونية، في تركيا، وطلب منه ان يتحدث مع احد شخصين من التابعية اليمنية هما ابو محمد اليمني ومحمد سالم العبيدي، الملقب "هارون". فتكلم قاسم ضاهر مع ابو محمد. فطلب منه هذا ان يعرفه على شخص لبناني يكون موضع ثقة. فزوّده اسم علي حاتم وعنوانه في لبنان. فالتقى ابو محمد اليمني وعلي حاتم واتفقا على ان يكون منزل علي حاتم - وفي وقت لاحق احدى الشقق في سعدنايل - نقطة وسيطة بين مخيم عين الحلوة وسورية ليصار الى تخزين السلاح والذخيرة فيها، بعد اخراجها من المخيم من مخازن منير المقدح لإيصالها الى الأردن عبر سورية. وأحضرت كمية من الديناميت أودعت الشقة، ثم نقلت الى منزل علي حاتم، بعد توقيف ابو محمد اليمني في سورية، ونقلت الى منزل بسام الكنج في الشمال.
ورافق قاسم ضاهر، في اثناء عودته الموقتة الى لبنان، في 1997 علي حاتم الى بيروت، للاجتماع ببسام الكنج. وركب الاثنان سيارة فولفو 264 الى منطقة الروشة. وحضر بسام الكنج برفقة إيهاب البنا وكان قد تعرف احدهما الى الآخر في الأثناء. ثم اجتمع الاربعة داخل السيارة وأطلع بسام الكنج الثلاثة الآخرين على اهدافه، وخلاصتها اقامة الدولة الاسلامية بدءاً من الشمال. فوافق قاسم ضاهر ومن معه. وجرى التأكيد على ضرورة التلقب بألقاب. فلقب بسام "ابو عائشة"، وعلي حاتم "عيسى"، وإيهاب البنا "باقر"، وقاسم ضاهر "محمود". وركب الاربعة الى منطقة خلدة، حيث استأنفوا اجتماعهم هناك.
وبعد اسبوع حصل لقاء ثان في المكان نفسه. وتلاه ثالث في منزل ايهاب البنا في بيروت ضم كلاً من بسام الكنج وقاسم ضاهر وعلي حاتم وعمر إيعالي. ولم يشارك إيهاب، صاحب المنزل، في الاجتماع. وجدد المجتمعون التمسك بالألقاب بسبب الطابع السري للعمل، واتفقوا على ضم مجموعة البقاع الى مجموعة الشمال، فتصبح الاثنتان مجموعة واحدة. وقام قاسم ضاهر وعمر إيعالي بمبايعة ابو عائشة على السمع والطاعة وأميراً على المجموعة الموحدة. واقترح قاسم ضاهر ان يسمى التنظيم "جند الشام"، فيما اقترح بسام الكنج ان يسمى "الجماعة الاسلامية المجاهدة". لكن التنظيم بقي من غير اسم. وألّف المجتمعون مجلساً للشورى من عمر إيعالي وعلي حاتم وقاسم ضاهر، فجنّدت مجموعة البقاع من طريق مبايعة مسؤولي هذه المجموعة بسام الكنج أميراً على كل المجموعات.
وبعد ان أفتى "ابو عائشة" بسام الكنج بجواز ارسال التبرعات التي تجمع لمصلحة افغانستان الى لبنان، توجه قاسم ضاهر الى كندا. وأخذ يجمع منها، ومن البرازيل ومن باناما، حيث هارون اليمني، التبرعات، ويرسل قسماً منها الى شوقي محمد في النمسا، والقسم الآخر يرسله الى علي حاتم في لبنان، بأمر من ابو عائشة، وذلك بواسطة حوالات مصرفية الى "بنك الاعتماد اللبناني" - فرع جب جنين، من اجل شراء الاسلحة والذخائر الحربية وتسليح المجموعة بأكملها. وبلغ مجموع الحوالات الاولى التي ارسلها قاسم ضاهر الى علي حاتم، لهذا الهدف، مئة وخمسين ألف دولار، أنفقَ منها على التسلح مئة وعشرين ألف دولار، ولم يتمكن من استعمال المبلغ الباقي، ومقداره ثلاثون الف دولار اميركي، صودر منه ستة وعشرون الفاً وخمسمئة دولار اميركي كانت في حوزة زوجة قاسم ضاهر حين حقق معها.
وسافر قاسم ضاهر، قبل عودته النهائية الى لبنان، الى لندن للتعرف الى الفلسطيني "ابو قتادة". وكان "ابو قتادة" يصدر نشرة "الانصار"، وعرّف قاسم ضاهر الى عبدالله سفيان السنوسي وكان بسام الكنج يعرف "ابو قتادة"، كما كان يعرفه محمد خالد الذي التقاه في بريطانيا عندما كان هذا يتابع دراسته في احدى الجامعات في مادة الكيمياء الجينية السريرية. وأوقفت الاستخبارات الكندية قاسم ضاهر في مطلع 1998، للاشتباه بدور مفترض في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك، واتهم به صديقه الشيخ عمر عبدالرحمن المصري.
عاد قاسم ضاهر نهائياً الى لبنان في 1998. وانخرط اكثر فأكثر في تنظيم "ابو عائشة". فشارك في المخيم الذي اقامه هذا في جرود الضنية في صيف 1999. ولما عاد منه دبّ الخلاف بينه وبين علي حاتم. فحضر ابو عائشة الى القرعون، وعقد اجتماعاً قرر فيه اقالة علي حاتم من امارة مجموعة البقاع، وعيّن قاسم ضاهر أميراً عليها بدلاً منه. فقبل قاسم التعيين وعمد الى اعادة تنظيم هذه المجموعة. وأصبح يحمل لقباً جديداً سبقه إليه "ابو عائشة"، وهو "عبدالخالق". وتوجه في ربيع 1999، الى دمشق تلبية لطلب "ابو عائشة"، واصطحب شخصين من التابعية الألمانية كان "أبو عائشة" في انتظارهما، وهما ملقبان "أبو محمد" و"أبو بكر"، ونقلهما الى المخيم في جرود الضنية. فقام احدهما بتدريب بعض العناصر على كيفية صنع المتفجرات وكيفية استعمالها. وقام قاسم ضاهر بالتدريب على السلاح والرماية. ورافقه محمد الحموي، وشخص بريطاني من اصل باكستاني كان ارسله اليه هارون اليمني،.
رسائل مشفّرة ... بالانترنت
وفي شباط فبراير 1999 زار قاسم ضاهر ايهاب البنا، في منزله في بيروت، ومعه برنامج تشفير على الكومبيوتر PGP، ودرّبه عليه. وطلب منه، بناء لطلب "ابو عائشة"، ان يسلّم هذا البرنامج ل"عصبة الانصار" في مخيم عين الحلوة، ليتبادل "ابو عائشة" في طرابلس و"العصبة" في صيدا الرسائل المشفّرة بواسطة "الانترنت". وبالفعل توجه ايهاب البنا الى المخيم، ومعه البرنامج، وقابل "ابو عبيدة" الذي استدعى شخصاً يلقب ب"كومبيوتر" او "محمد". ودرّبه ايهاب على البرنامج. وأصبح الاتصال بين بسام الكنج و"العصبة" عبر الانترنت.
وكلّف قاسم ضاهر، بناء لأمر "ابو عائشة"، محيي الدين عميص وبهجات جبارة شراء الاسلحة والذخائر من بائعيها في منطقة البقاع. فاشترى هذان الاسلحة وذخائرها من عاهد مظلوم وحسين طليس "ابو علي" وسدّدا ثمنها نقداً، بالعملة الاجنبية، من تبرعات الخارج، ومن اموال كان يدفعها ابو عائشة شخصياً. وكانت هذه الاسلحة والذخائر تنقل، اولاً، الى منازل قاسم ضاهر ومحمد الحموي ويحيى حاتم "ابو مصعب"، وتخزن فيها، ثم توضّب وتنقل على دفعات الى "ابو عائشة" في الشمال، في سيارات عناصر مجموعة البقاع التي جهز احداها احمد اليوسف بمخابئ سرية.
واحتفظ قاسم ضاهر بقسم من الاسلحة الحربية وذخائرها ضبطه الجيش اللبناني، وهو كناية عن مئة قذيفة ب-7، وصاروخ سام-7، وهاون عيار 82 ملم 31 قذيفة، ورشاشات دوكتريوف، ومسدس مع كاتم صوت، وقنابل يدوية، وكواتم كلاشنيكوف، الخ...
واشترك ايهاب البنا، الى دوره في التنسيق بين "ابو عائشة" و"ابو محجن"، في التنسيق بين "ابو عائشة" وقاسم ضاهر. وأدى التنسيق الى اندماج مجموعة البقاع بمجموعة الشمال، وإلى مبايعة "ابو عائشة" اميراً على المجموعتين. وشارك البنا نفسه في مخيم صيف 1999، في جرود الضنية، وتدرب على السلاح الحربي، وعلى كيفية اقتحام معسكر. ونسّق مع عمر إيعالي مواعيد استقبال عناصر مجموعة بيروت، في المخيم المذكور، للتدريب على السلاح.
وتوجه ايهاب البنا الى مخيم جرود الضنية المرة الاولى برفقة علي عبدالهادي "عفيف" ومحمد شانوحة "عبداللطيف". وعاد الى المخيم مرة ثانية برفقة محمد شانوحة وحده. ونقل الى المخيم معدّات متفرقة مثل المدفأة والرافعة والمنشار الحديد وأكواب البلاستيك والصحون. وفي كانون الاول ديسمبر 1999 سلّم فواز النابلسي "ابو عمر" حبل تسلّق وشريط تسجيل وبطاريات آلة تصوير فيديو وثياباً شتوية لتسليمها الى "ابو عائشة"، وسلّمها بالفعل.
وفي 1996، فيما كان خليل عكاوي "أحمد" يؤدي الصلاة في جامع الإمام علي، في الطريق الجديدة، في بيروت فوجئ ببسام الكنج الى جانبه. فتصافحا وتحدثا وتبادلا ارقام الهواتف وافترقا وبسام الكنج وخليل عكاوي يعرف احدهما الآخر منذ ان التقيا في أميركا وأفغانستان. وبعد اشهر عاد بسام الكنج فالتقى خليل عكاوي في مسجد بلدة الناعمة، الى الجنوب من بيروت. وكان برفقته ايهاب البنا. التقى ايهاب البنا خليل عكاوي للمرة الأولى. وانفرد خليل وبسام في سيارة الأول. وتبادلا الحديث حول هدف بسام الكنج تأليف مجموعات في الشمال وبيروت من العناصر المسلحة، وتعبئتهم وتدريبهم ليكونوا نواة الدولة الاسلامية المزمع انشاؤها في لبنان. وطلب الكنج من خليل عكاوي الانضمام اليه والمشاركة في الاجتماعات التنظيمية، باعتباره يملك خبرة عسكرية.
وبعد مدة حضر بسام الكنج الى محل عمل خليل عكاوي في خلدة، وأخبره انه اصبح أميراً على مجموعة بيروت، وعضواً في مجلس شورى الجماعة. وطلب بسام موافقة خليل عكاوي على اعطاء بعض عناصر بيروت دروساً دينية، فوافق. فباشر بسام الكنج التدريس مع ايهاب البنا، وصديقه شادي عطوي، في منزل ايهاب في بيروت. وفي 1998 ارسل بسام الكنج الى ايهاب البنا علي عبدالهادي ومحمد شانوحة لاعطائهما دروساً دينية، لمدة سنة في منزله. وبعد عودتهما من مخيم التدريب في جرود الضنية، وبسبب انشغاله، كلف البنا حسن نبعة "ابو طلحة" اعطاءهما الدروس الدينية بدلاً منه، ففعل واستمر التدريس شهرين.
وبعد مدة اتصل بسام الكنج بخليل عكاوي، وطلب منه الحضور الى منزل والدته في القبة، برفقة ايهاب البنا الذي يعرف عنوان المنزل. فذهبا، فطلب بسام من خليل تجنيد اشخاص آخرين في مجموعة بيروت. وطلب منه ان يعرّفه على هلال جعفر. وكان بسام التقى هلال جعفر في افغانستان، ويعرف انه يملك خبرة عسكرية وأمنية فنوى تفريغه للتدريب الأمني والعسكري في التنظيم. وبعد ايام حضر بسام الكنج الى بيروت، وتوجه مع خليل عكاوي الى منزل هلال جعفر، في شارع الحمراء.
وطلب بسام الكنج من هلال جعفر المباشرة في الدروس الامنية لعناصر بيروت في منزل خليل عكاوي. فوافق هلال على ذلك. وابتدأ تدريب خليل عكاوي وشادي عطوي وإيهاب البنا. واستمر التدريب شهرين، وتوقف بعدها بسبب عدم انضباط ايهاب البنا وشادي عطوي وانتقال هلال جعفر الى الشمال.
الإعداد الأمني
وكان هلال جعفر "طارق"، بعد ان عاد من بيشاور في 1993، استقر في لبنان الى 1997، حين التقاه بسام الكنج بواسطة خليل عكاوي وزاره في منزله. وفي غضون هذه الزيارة، التي شهدها خليل عكاوي، أطلع بسام الكنج هلال جعفر على جمعه الشباب المسلم في الشمال، وتأليفه مجموعة اصولية، في الشمال وبيروت والبقاع. وأبلغه انه يريد تطوير عملها في تنظيم سري مبني على أسس امنية. وطلب مساعدته في تدريب العناصر امنياً وعسكرياً. فوافق هلال جعفر واتفق الاثنان على إعداد موضوعات امنية مثل أمن الأفراد، وأمن المنشآت والاتصالات والمواصلات، والتقصي، والملاحقة، وتضليل الاشخاص، وتضليل التحقيق، وتحليل المعلومات، والاعتقال، ومعاينة الاهداف الخ...
وباشر هلال اعطاء الدروس الى ايهاب البنا وشادي عطوي، في منزله، وأعطى خليل عكاوي، في منزله في دوحة الحص قرب بيروت، خمسة دروس أمنية بحضور علي عبدالهادي ومحمد شانوحة.
وفي تموز يوليو 1998 انتقل هلال جعفر الى طرابلس، وأقام في منزل استأجره له بسام الكنج. وراح يعطي الدروس الأمنية في منزله الطرابلسي، بمعدل حصة واحدة في الاسبوع. ولما ازداد عدد مجموعات "الطلاب" ازداد عدد الحصص الاسبوعية. وبقيت كل مجموعة تتلقى درساً واحداً في الاسبوع. وكانت المجموعة تتألف من ثلاثة اشخاص الى اثني عشر شخصاً. وكان "ابو عائشة" يعين المجموعات، وأماكن التدريس. اما موضوعات الدروس فكان هلال جعفر يحددها. وبلغ عدد الذين درّسهم هلال حوالى خمسة وعشرين في طرابلس وحدها الى صيف 1999. ولما نظم بسام الكنج المخيم الصيفي الثاني، في 1999، انتقل هلال جعفر اليه، وداوم على حضوره خمسة اسابيع، وخمسة ايام في الاسبوع. ودرّب الوافدين الى المخيم على الرياضة البدنية، وتفكيك الاسلحة الحربية واستعمالها والرماية بها. اما التدريب على صناعة المتفجرات واستعمالها، فقام به الأوروبيان اللذان حضرا برفقة قاسم ضاهر وهما "ابو محمد" و"ابو بكر". وتدرب على ايديهما محمد خالد وجميل حمود وعبدالله هزيم. وشارك هلال جعفر في المخيم الثالث كذلك، ودرّب المخيّمين على المسائل الامنية.
وعندما كان هلال جعفر مقيماً في طرابلس، ألقى الدروس الامنية على العناصر في مبنى نادي اليوغا في ابو سمرا، وفي منزل محمد خالد، ومنزل فواز النابلسي، وفي منزل رضوان جباخنجي، ومنزل علي عبدو الأسمر، ومنزل بسام يونس ومنزل المدعو ابو عبدالله في البداوي. وأعطى هلال جعفر احد عشر درساً امنياً لعناصر مجموعة البقاع، في منزل قاسم ضاهر. وكان هذا ينتظره في سيارته، في شتورا، ثم ينقله الى مكان التدريس. واستمر على هذا النحو حوالى ثلاثة اشهر، بدءاً من ربيع 1999. وعاد وأعطى دروساً امنية للمجموعة نفسها ولآخرين شاركوا في مخيم صيف 1999.
وفي بداية 1998، غداة خروجه من السجن الذي امضى فيه مدة سنتين لإدانته في قضية الشيخ نزار الحلبي، زار جميل حمود "الشيخ سمير أبو ذر" صديقه القديم بسام الكنج الذي سبق ان التقاه في 1995 برفقة احمد الكسم. فأطلع بسام الكنج جميل حمود على استقراره وأخبره ان كثراً من "الشباب" المسلم تقبّل فكرته عن الجهاد، وعن قيام الدولة الاسلامية في لبنان. وطلب بسام من جميل حمود التعاون معه في تدريس العناصر الأمور الشرعية والدينية باعتباره ملماً بها. وطلب ان تعطى الدروس الدينية بصورة سرية، لأن الدولة اللبنانية وأجهزتها تمنع مثل هذه الدروس، وبث الدعوة الى قيام الدولة الاسلامية في لبنان.
ووافق جميل حمود على افكار "ابو عائشة" هذه، وقبل التعاون معه. فانتقل، في اوائل 1999، الى سير الضنية، واستقر في منزل استأجره له "ابو عائشة". ولم يشترك في التدريس بسبب قرب خروجه من السجن وخوفه من المراقبة. فأنشأ، كتابة، مقالات ومحاضرات مستقاة من الكتب الدينية مثل تفسير ابن كثير، ورياض الصالحين، والسيرة النبوية، وكتب فقهية متفرقة. ودارت هذه المقالات حول مفاهيم الصبر وقيام الليل ونعيم الجنة وفضل الجهاد وغيرها. وسلّم هذه المقالات الى بسام الكنج الذي كان يقوم بتصويرها ونسخها وتوزيعها الى مدرّسي المجموعات لاعتمادها في التدريس الديني. واستمر على هذا الى صيف 1999.
ففي هذا الصيف شارك جميل حمود في المخيم الصيفي الذي اقامه بسام الكنج. فألقى فيه الدروس الدينية على العناصر المشاركة في المخيم. وفي مخيم كانون الاول ديسمبر 1999 الشتوي، تدرب استاذ الدروس الدينية على الرماية من بندقية حربية، وبقي في المخيم الى حين بدء الاشتباكات المسلحة مع الجيش، في اليوم الاخير من العام.
وعلى هذا، بعد انضمام جميل حمود الى منظمة "ابو عائشة"، اكتمل عقد مؤسسي مجموعة "ابو عائشة" في الشمال، وهم بسام الكنج، وعبدالحكيم الجزار، وعبدالله هزيم، وأحمد اليوسف، وعمر إيعالي، وهلال جعفر، وجميل حمود. واجتمعوا كلهم في منزل بسام الكنج، في عزقة، وتداولوا في اختيار اسم للتنظيم. فاقترح عمر ايعالي وجميل حمود ان يبقى التنظيم من غير اسم، كي لا يتحول حزباً مثل باقي الاحزاب اللبنانية، ففاز الاقتراح، وبقي التنظيم فعلاً بلا اسم يعرف به وكان بعض العناصر يسمونه "العمل".
وتوالت الاجتماعات في منزل بسام الكنج في حضور الأعضاء المؤسسين للتداول في وضع هيكلية للتنظيم، وتوزيع المسؤوليات فيه. وتمخضت هذه الاجتماعات عن انشاء مجلس شورى او مجلس عسكري تألف من:
1- بسام الكنج، أمير مجموعة الشمال، وأمير المجموعات كلها والمسؤول المالي.
2- عبدالله هزيم، نائب الأمير، ومسؤول التسلح وفي الجرود اصبح من اركان "ابو عائشة".
3- هلال جعفر، مسؤول الأمنيات والعسكريات.
4- جميل حمود، مسؤول النشاط الديني، ورئيس اللجنة العلمية التي ضمت، في وقت لاحق، عمر إيعالي وعمر صوالحي وفواز عبيد وأحمد اليوسف.
5- عمر إيعالي، مسؤول تجنيد العناصر، ومعاون جميل حمود في اللجنة العلمية.
6- احمد اليوسف، مسؤول العمل العسكري والآليات.
7- عبدالحكيم الجزار، المسؤول اللوجستي، ومسؤول نقل العناصر المسلحة من المخيم وإليه.
ولم تكن تعقد اجتماعات مجلس الشورى دورياً، وإنما بناء لرغبة "ابو عائشة". ولم تكن توثق بمحاضر. واقتصرت مناقشاتها على تطوير المنظمة وعناصرها امنياً وفكرياً. اما قرار التوجه الى الجرود الذي اتخذه مجلس الشورى، فاعتبره مجلس الشورى قراراً أمنياً وعسكرياً، واعتبر ان الإقامة في الجرود توفر الحرية لإعطاء الدروس الأمنية والعسكرية، ورفع مستوى العناصر، وتوحيد فكرهم. وخُطّط في مجلس الشورى، للعمل السري المنظم حتى استكمال الإعداد في جميع اشكاله. وقدمت القوة الشعبية على الأرض على القوة العسكرية. فالواجب هو التحلي بالصبر. وإذا وقعت المواجهة فينبغي ان تكون مواجهة عامة، بما فيها المواجهة العسكرية. اما اقامة الحكم الاسلامي في لبنان فمن اهداف التنظيم الرئيسية ولا يحتاج الى قرار يتخذه مجلس الشورى.
وبعد اكتمال عقد المؤسسين، وتأليف مجلس شورى مجموعة الشمال، وتحديد اهداف التنظيم، بدأ المؤسسون، وعلى رأسهم "ابو عائشة"، يجنّدون العناصر في الشمال وخارجه، ويتعهدون إعدادهم الديني والأمني والعسكري، بعد التزود بالسلاح الحربي، والإعداد الى الانتقال الى المخيمات والمعسكرات للتدرب على السلاح وعلى مهاجمة الجيش. وتألفت مجموعة بيروت من:
1- خليل عكاوي، أميراً.
2- ايهاب البنا، تولى التنسيق بين مجموعة بيروت ومجموعة الشمال، وبين هذه ومجموعة البقاع، وبين "ابو عائشة" و"ابو محجن"، زعيم "عصبة الانصار" في مخيم عين الحلوة.
3- جميل حمود، بدأ عمله في مجموعة بيروت بالتدريس الديني، ثم تركها الى مجموعة الشمال وأصبح من مؤسسيها ومن اعضاء مجلس الشورى فيها.
4- هلال جعفر، بدأ عمله مدرّساً للأمنيات في مجموعة بيروت، ثم انفصل عنها الى مجموعة الشمال، وأصبح من مؤسسيها.
5- حسن نبعة، درس الأمور الدينية لمجموعة بيروت لمدة شهرين، بسبب غياب خليل عكاوي، وتركها الى تدريس الدين في المخيم الذي اقامه بسام الكنج في جرود الضنية.
6- محمد شانوحة، من عناصر مجموعة بيروت، لم يتبوأ فيها اي موقع على رغم تلقيه دروساً امنية وعسكرية في المخيم.
7- شادي عطوي، كان من عداد مجموعة بيروت ولم يتبوأ اي موقع، وطرد منها في 1998.
8- علي عبدالهادي، جنّده ايهاب البنا في مجموعة بيروت، ولقنه دروساً دينية في الجهاد، ثم عرّفه على خليل عكاوي، وضمه الى مجموعته.
وبعد تعيين قاسم ضاهر أميراً على مجموعة البقاع تشكلت على النحو التالي:
1- قاسم ضاهر، أمير المجموعة، ومسؤول التسليح فيها وفي مجموعة الشمال، ومموّل المجموعتين.
2- محيي الدين عميص، رئيس القسم الأول الذي يضم كلاً من: بهجات جبارة، وزهير عميص، ويحيى حاتم. ومهمة هذا القسم شراء الأسلحة لحساب كل المجموعات ونقلها الى الشمال.
3- جمال عميص، رئيس القسم الثاني، ويضم وسام عواد وفادي غيث ومزيد غيث.
4 و5- احمد ابو غوش وقاسم صوان، بقيا تابعين لقاسم ضاهر مباشرة.
6 و7 - محمد الحموي وعلي حموي، لم يكونا في عداد اي قسم، وكانا يكلفان بمهام خاصة.
8- علي حاتم، بقي تابعاً لبسام الكنج مباشرة.
وقسم بسام الكنج مدينة طرابلس خمس مجموعات سمّى كل مجموعة باسم المنطقة الموجودة فيها، وعيّن على رأس كل مجموعة رئيساً يتولى صلة الوصل بينه وبين المجموعة. وهذه المجموعات هي:
الأولى - مجموعة القبة، ورئيسها عبدالله هزيم تولى رئاستها لاحقاً بسام يونس بعد ان انتقل عبدالله هزيم الى الجرود برفقة ابو عائشة، وتضم رضوان جباخنجي، وأحمد الدرج، وجهاد خليل، ورضوان رستم، وعبدالله مرعب، وعبدالرحمن جمال، وبسام يونس، واسماعيل اسماعيل، وزين العابدين خليل، ومصطفى حيدر.
الثانية - مجموعة ابو سمرا، ورئيسها محمد خالد، وتضم خالد العمري، وطلال كيلاناكي، ويحيى الأسطا وفواز عبيد، وعمر صوالحي، وعدنان مجهول باقي الهوية.
الثالثة - مجموعة باب الرمل، رئيسها فواز النابلسي، وتضم "ابو جعفر"، و"ابو جهاد".
الرابعة - مجموعة التبانة، ورئيسها احمد ميقاتي، وتضم فادي طيبا، وعلي عبدو الأسمر، وخالد ميناوي، وسعيد ميناوي، وممتاز ميناوي، ويحيى ميقاتي.
الخامسة - مجموعة الميناء، ورئيسها عمر الصوالحي، وضمت إليه عزام غانم.
غداً حلقة ثالثة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.